يضع المصريون آمالًا عريضة حول قدرة المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، الذي أعلن عن تشكيله الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويتطلع المصريون إلى أن ينجح المجلس الجديد في مواجهة الجماعات "الإرهابية"، والحد من تنفيذ العمليات الانتحارية ضد المنشآت الحيوية بالدولة وعلى رأسها الكنائس، كذلك استهداف رجال الشرطة والجيش بسيناء.

إيلاف من القاهرة: أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تشكيل المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب، ضمن عدة إجراءات أخرى منها إعلان حالة الطوارئ عقب تفجيري كنيستي طنطا والإسكندرية، اللذين أسفرا عن مصرع نحو 45 شخصًا وإصابة أكثر من 125.

وحول دور واختصاص المجلس المزعم إنشاؤه، قال علاء يوسف، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف سيختص بصياغة إستراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف من كافة الجوانب".

وأضاف في تصريحات له، أنه سيكون من سلطة المجلس إصدار القرارات والإجراءات الملزمة لتنفيذها، وأوضح أن المجلس سيكون معنيًا بتطوير الخطط الأمنية لمواجهة الخطر الناجم عن ظاهرة الإرهاب، وزيادة الوعي المجتمعي بسبل التعامل مع تلك الظاهرة وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تستغلها التنظيمات الإرهابية في جذب عناصر جديدة.

وذكر أن المجلس سيضم عدة وزراء وهيئات ومؤسسات معنية بمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى شخصيات عامة وخبراء في عدة مجالات، وسيختص المجلس أيضًا بوضع الاستراتيجيات الإعلامية المتخصصة لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.

 وطرح الخبراء والمعنيون بالمشهد المصري الداخلي تساؤلات عديدة صاحبت القرار الجمهوري الطارئ بشأن تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب، لعل أبرزها: هل سيحد المجلس من العمليات الإرهابية في مصر؟ وهل يعتبر المجلس الجديد الورقة الأخيرة أمام السيسي بعد الفشل خلال السنوات الماضية في مواجهة التنظيمات الإرهابية في سيناء وبالداخل؟

 وحسب وجهة نظر اللواء ناصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالمخابرات الحربية، فإنه كان من المفترض تشكيله عقب سقوط جماعة الإخوان المسلمين وبدء العمليات الإرهابية في سيناء.

وقال لـ"إيلاف" إن فكرة إنشاء المجالس العليا ليست بالجديدة، فموجودة في بعض دول أوروبا، وإن كانت تحمل مسميات مختلفة مثل "المجالس المتخصصة" ذات الاختصاص المحدد، وتنقسم إلى نوعين، الأول: استشاري، عبر تقديم المشورة للدولة في قضايا مثل الإرهاب، والثاني له صلاحيات تخول إليه بقانون وتشريع جديد، يكون له دور رقابي، بعيداً عن التشريعات.

وأضاف أن المجلس الجديد سوف يحد كثيرًا من تنفيذ العمليات الإرهابية في مصر، مشيرًا إلى أنه للمرة الاولى سيتم عمل إستراتيجية موحدة للدولة في ملف مواجهة الإرهاب، سواء على المستوى الأمني أو الإعلامي أو السياسي أو تجديد الخطاب الديني، وهو الأمر الذي كان مفقودًا خلال الفترة الماضية، فكل جهة بالدولة كانت تعمل بشكل فردي، مما كان سببًا مباشرًا في زيادة تنفيذ العمليات الإرهابية بالداخل وفي سيناء".

وقال سالم إن الرئيس السيسي سيحرص في القانون الذي سينظم عمل المجلس منحه سلطات وصلاحيات عليا على مختلف مؤسسات الدولة، فضلًا عن الصلاحيات المطلقة التي تتجاوز إصدار التشريعات والقرارات فوق الدستورية المتعلقة بالخطاب الإعلامي والديني، وتغيير مناهج التعليم والانتهاء من القوانين التي تصب في صالح تحقيق العدالة السريعة للجماعات الإرهابية.

وتوقع أن يتولى السيسي رئاسة المجلس الجديد، على أن تكون في العضوية الوزارات المعنية بمواجهة الإرهاب، مثل الداخلية والدفاع بجانب الجهات الأمنية السيادية، وسيعطي القانون للمجلس حق الاستعانة بالجهات الأخرى المختصة وفقًا للحاجة لذلك.

ووفقًا لتصريحات اللواء محمد سيد، الخبير الأمني، فإن الهدف الأساسي من المجلس هو محاربة الإرهاب بكل معناه سواء على المستوى المادي أو المعنوي أو الأمني، مؤكدًا أنه ستكون لهذا المجلس اليد العليا في أي قرار يمس السلم الاجتماعي.

وأضاف لـ"إيلاف" أن بيان رئاسة الجمهورية حدد المهام المنوط بها المجلس الجديد، مشيرًا إلى أنه سيتولى وضع خريطة كاملة لمواجهة الإرهاب سواء على المستوى الأمني أو الإعلامي أو الديني أو التشريعي، على أن تقوم جميع أجهزة الدولة بتنفيذ ما يصدر من المجلس دون نقاش.

وطالب الخبير الأمني بضرورة وجود صلاحيات قانونية ودستورية للمجلس الجديد، بحيث يمثل سلطة عليا بالدولة يلزم الجميع بتنفيذ قراراته مهما كانت، وإلا أصبح المجلس بلا فائدة تذكر، ولن يكون له مردود في ملف مواجهة الإرهاب، متوقعًا أن تكون ورقة تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف آخر أوراق الدولة في مواجهة التنظيمات الإرهابية.

من جانبه، قال الشيخ نبيل نعيم، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، لـ"إيلاف"، إن مواجهة الإرهاب في مصر تتطلب عملًا متكاملًا على كافة المستويات الرسمية بالدولة والشعبية، وهو ما ينتظر قيام المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف له.

وأضاف أن المجلس الجديد سيخلق توحيدًا في الرؤى في ما يتعلق بملف مواجهة الإرهاب، مطالبًا بضرورة تمثيل جميع مؤسسات الدولة في تشكيل المجلس، وعلي رأس ذلك بالطبع مؤسسة الأزهر والكنيسة، لاسيما في ظل تنامي قدرة التنظيمات الإرهابية على استقطاب الشباب عن طريق الدين والتدين.

ولا يتوقع ظهور مردود سريع لتشكيل المجلس الجديد، خاصة وأن الحرب على الإرهاب تحتاج إلى نفس طويل، خاصة في ظل حرص دول عربية وأجنبية من بينها دولة إسرائيل على تقديم الكثير من الدعم المادي والعسكري للجماعات الإرهابية.