الرباط: أكد محمد بلعتيق، رئيس البعثة الأثرية لدار البارود والأستاذ بالمعهد المغربي لعلوم الآثار والتراث بالرباط أنه تم الكشف على 30 فرنا تاريخيا و3 ورشات لصناعة الخزف، وذلك في الموقع الأثري الذي عثر عليه اخيرا في بناية"دار البارود" في مدينة سلا المغربية.

وأضاف أن الدراسات الأولى للخزفيات أوضحت أن الموقع يعود للقرن 12 ويمتد للقرن 14، ويشمل شريطا للأفران تتخذ في مجملها أشكالا دائرية، وتتميز بكونها الاولى من نوعها على صعيد المغرب وكذا دول المغرب العربي كافة، بحيث توجد فقط في قرطبة والأندلس.

و أوضح أن 30 فرنا تم تدميرها دون قصد حينما كانت الأشغال جارية بخصوص إنشاء مركب ثقافي ب"دار البارود"، مما يعني أن هناك العديد من المعلومات والتفاصيل التي ضاعت وكان من الممكن استغلالها من أجل استكمال أعمال البحث والحفريات.

أقدم الأفران المكتشفة
فرن أثري مستطيل وهو الوحيد بهذا الشكل في الموقع 

وذكر بلعتيق "بناء المركب الثقافي المتوقفة أشغاله حاليا تسبب في تدمير أشياء عديدة من الموقع، لكنه في المقابل، ساهم في الكشف عنه، حيث أنه لم يكن يدري أحد بوجوده من الأساس في هذا المكان، ومثل هذا الاكتشاف سيمكن من الاطلاع على حقبة زمنية غير معروفة عن مدينة سلا".

وحول مصير الموقع الأثري في ظل وجود مشروع قائم لبناء مركب ثقافي لساكنة المدينة، قال رئيس البعثة الأثرية لدار البارود إن الأمر يتعلق بإحداث مشروع مندمج يجمع بين التراث والثقافة، دون أن تتم عملية البناء على حساب الموقع الذي يعد ملكا لكل المغاربة، وجزءا من ذاكرتهم.

طاقم البحث التابع لمعهد الآثار يباشر الحفريات
نبذة عن قطع أثرية مستخرجة من عمليات التنقيب
 مواد وقطع أثرية تستخدم في صناعة الخزف

في سياق متصل، أكد بلعتيق أنه "يجب رد الاعتبار للموقع، كما يمكن إدراج القطع الأثرية التي تم اكتشافها داخل متحف، لكي تتمكن ساكنة المدينة وزوارها من الاطلاع على هاته الحقبة الزمنية من تاريخ البلاد، موضحا أن الدراسات المخبرية من تحاليل ومقارنات لفريق البحث التابع لمعهد الآثار والتراث تتطلب المزيد من الوقت.

وخلص الى أن القيام بمثل هذا النوع من أشغال البناء دون دراسة مسبقة يتسبب في ضياع العديد من المواقع الأثرية على صعيد المغرب بأكمله، مستدلا بما حصل في وقت سابق في مواقع مماثلة، أبرزها تخريب مدينة رومانية بمدينة القصر الصغير، وكذا مدينة مولاي ادريس زرهون، وذلك أثناء القيام بأشغال للطريق السيار.

نبذة تاريخية عن دار البارود

تقع دار البارود بالجهة الشرقية لمدينة سلا، بين باب لمريسة وباب فاس، حيث يحتل الموقع قمة هضبة مرتفعة، و يمتد على مساحة تقدر بهكتار. يعتبر الجزء الشرقي المجاور لدار البارود أقدم جزء من سور مدينة سلا، وقد بني من طرف بني العشرة المنتمين لقبيلة بني يفرن في القرن ال 11 ميلادي،استعصى على الموحدين السيطرة على المدينة، فهدموا أسوارها ثم أعادوا بناءها.

مواد وقطع أثرية مستخرجة من الموقع

أنشئت بالموقع دار للبارود من طرف السلطان العلوي مولاي عبد الرحمن بن هشام سنة 1846 م، من أجل تخزين الأسلحة والعتاد العسكري.

خلال فترة الحماية، تم هدم بناية دار البارود سنة 1911 من طرف الفرنسيين، بعد إفراغها من حمولة البارود، ليتم تحويلها إلى إقامة للحاكم الفرنسي لمدينة سلا، أصبحت لاحقا دارا للباشاوات، ثم حديقة.

بعد الاستقلال، وبالتحديد في سنة 1995، أحدث بها معهد موسيقي تابع لوزارة الثقافة، وفي سنة 2016، تم اختيار الموقع لبناء المركب الثقافي والفني دار البارود، بدأت الأشغال به خلال شهر اغسطس ، وتوقفت في شهر نوفمبر2016.