لندن: من بين الاسباب العديدة التي ساقتها تيريزا ماي للدعوة الى انتخابات عامة مبكرة، قدمت رئيسة الوزراء البريطانية سببًا مهمًا بصفة خاصة هو الاعتقاد بأنها ما زالت تحتاج الى اقناع نظرائها الاوروبيين بأن بريكست حقًا يعني بريكست.

وترى ماي أن فوز المحافظين بأغلبية كبيرة في مجلس العموم تمنحها تفويضًا للمضي قدمًا بعملية بريكست سيبدد آخر أمل بامكانية التراجع عن قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي، الذي اسفر عنه استفتاء يونيو 2016.

وعلى هذا الاساس، فإن فوز ماي بأغلبية ساحقة سينهي أي دافع لدى المفاوضين الاوروبيين لجعل شروط بريكست صعبة قدر الامكان ظنًا منهم بأن ذلك سيحمل الناخبين البريطانيين على ان يدركوا أن شروط بريكست مؤلمة بحيث لا يمكن قبولها.

والحقيقة ان بعض قادة الاتحاد الاوروبي والجمهور الاوروبي ما زالوا يعتقدون بأن من الممكن مساعدة البريطانيين على تغيير رأيهم. ورغم تفعيل المادة 50، فإن العديد من محامي الاتحاد الاوروبي يعتقدون أن هناك طريقًا قانونيًا امام بريطانيا لالغاء بريكست، ربما من خلال عملية تصويت في مجلس العموم في شتاء 2018.

واستحوذ الاعتقاد بأن بريطانيا لم تخطئ في قرارها فحسب، بل ان بالامكان اقناعها بعدم التمادي في خطأها، على تفكير القيادة الاوروبية منذ البداية. وقال بيتر التماير مدير مكتب المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بعد الاستفتاء، انه "يجب ان تتاح للسياسيين البريطانيين امكانية ان يراجعوا تداعيات الخروج" لا سيما وان هناك تاريخًا اوروبيًا مديدًا من الاستفتاءات الثانية على الاتحاد الاوروبي، بعد ان اسفرت الاستفتاءات الاولى عن نتائج "خاطئة"، كما في فرنسا وايرلندا.

آمال

وحتى عهد قريب لا يتعدى مارس، اعرب رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر عن امله بعودة بريطانيا الى الاتحاد الاوروبي. واتخذ قادة اوروبيون آخرون مواقف مماثلة، بينهم رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك.

وحتى فرنسا البلد الاكثر استعدادًا لفرض ثمن باهظ على بريطانيا عن خروجها من الاتحاد الاوروبي، تعتقد أن البريطانيين لم يصوتوا لصالح بريكست إلا بسبب الاكاذيب التي روجها مؤيدون للخروج، مثل بوريس جونسون وزير الخارجية الحالي. 

واسهمت تغطية الاعلام الاوروبي لعملية بريكست في تقوية الاعتقاد بأن بريطانيا يمكن ان تتراجع عن قرارها. فكثيراً ما تركز هذه التغطية على التظاهرات المؤيدة للبقاء في الاتحاد الاوروبي والانقسامات داخل معسكر بريكست، وعلى أي مؤشر الى تضرر الاقتصاد البريطاني من بريكست.

وتنشر مقابلات مطولة مع سياسيين مؤيدين للبقاء مثل نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق نك كليغ في صحف المانية واسعة الانتشار مثل هاندلزبلات أو مع عمدة لندن صادق خان في لوموند. ونالت دعوات توني بلير الى ابقاء خيار البقاء مفتوحاً تغطية واسعة في الاعلام الاوروبي.

ويعتقد المفاوضون البريطانيون، بمن فيهم وزراء في حكومة ماي، أن هذا التفكير الاوروبي يمكن أن يجعل المفاوضات اشد صعوبة، وان هذه الاجندة الخفية ستضعف استعداد الاتحاد الاوروبي للتساهل مع بريطانيا. وانهاء مثل هذه الرهانات هو السبب الاهم وراء دعوة ماي الى الانتخابات.

 

أعدّت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الاصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/politics/2017/apr/18/mays-real-reason-for-calling-election-to-show-eu-that-brexit-really-means-brexit