«إيلاف»&من القاهرة: تعرضت منظمة " هيومن رايتس ووتش" لانتقادات شديدة في مصر، بسبب تقريرها الذي تبنت فيه مزاعم قناة فضائية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين حول ارتكاب الجيش أعمال قتل خارج القانون في سيناء، خلال مواجهاته ضد التنظيمات الإرهابية، ودعت حلفاء مصر إلى تجميد المساعدات العسكرية وامدادات الأسلحة إلى الجيش المصري، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية.

قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوات الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء أعدمت ما لا يقل عن 2 ولا يزيد عن 8 محتجزين عُزلا، ثم غطت على عملية القتل لجعلها تبدو وكأن الضحايا "إرهابيون" مسلحون تم إطلاق النار عليهم أثناء مداهمة. مقطع فيديو القتل، الذي بثته قناة تلفزيونية موالية لـ "الإخوان المسلمون" مقرها تركيا في 20 أبريل 2017، يبدو أنه يُظهر رجلا يرتدي زيا مموها يُعدم رجلين، واحدا تلو الآخر، ببندقية هجومية.

وأضافت في تقرير لها حول مقطع الفيديو الذي بثته قناة إخوانية: "تعرّف مصدران من سيناء على الشخص المسؤول عن الإعدام بصفته عضوا معروفا في ميليشيا محلية تعمل بأوامر من الجيش المصري. يبدو أن مقطع الفيديو يُظهر أيضا عضوا بالمخابرات الحربية المصرية يرصد ويُدير الإعدام الأول، وأن الجنود يستخدمون مركبات "هامفي" قدمتها الولايات المتحدة لنقل المحتجزين. مقاطع الفيديو والصور الأخرى التي اطّلعت عليها هيومن رايتس ووتش تؤيد حدوث هذه الواقعة".

وحرضت "هيومن رايتس ووتش" حلفاء مصر على تجميد المساعدات العسكرية إلى الجيش المصري، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وقال "إن على الدول التي تقدم الأسلحة والعتاد والتدريب للجيش المصري أن تجمد هذه المساعدات طالما القوات المسلحة المصرية مستمرة في تحمل مسؤولية انتهاكات متفشية وجسيمة لحقوق الإنسان. يُلزم القانون الدولي مصر بالقبض على المسؤولين عن أعمال القتل هذه ومحاسبتهم".

ونقلت المنظمة معلومات عن صفحة على موقع فيسبوك تسمى "سيناء News 24"،& جاء فيها أن "الضحيتين شقيقان من قبيلة الرميلات، وهما داود صبري العوابدة (16 عاما) وعبد الهادي صبري العوابدة (19 عاما)، وقد اعتقلهما الجيش من بلدة رفح وأخفاهما قسرا في 18 يوليو &2016. في فيديو الإعدام، يظهر عضو الميليشيا وهو يستجوب الضحية الثانية لثوان حول عائلته، ويتأكد من أنه عضو من قبيلة الرميلات، قبل أن يعدمه برفقة جندي آخر.

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش فورا من التأكد من موقع أو تاريخ أعمال القتل، لكن يبدو الفيديو صحيحا.

انتقادات

وبالمقابل، وجه نواب في البرلمان المصري انتقادات شديدة إلى هيومين رايتس ووتش، وقال النائب يحيى الكدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي، إن منظمة "هيومن رايتس ووتش" تنتهج نهجا غير عادل في نقل الصورة الأمنية في مصر"، مشيرًا إلى أن كلامها "مكذوب"، وأساسه من مصادر مشبوهة تستهدف الإضرار بمصر على حد قوله.

وأضاف الكدواني، في تصريحات له، أن: "المنظومة لها نشاط مشبوه، ومضاد للأمن القومي المصري، ولن نتعامل معها، أو نعطيها أي معلومات لأنها تعادي مصر في كل المناسبات".

استعرضت هيومن رايتس ووتش النسخة الأصلية من فيديو الإعدام ومقطع فيديو آخر نشرته صفحة موالية للحكومة على فيسبوك في 20 نوفمبر 2016 يُظهر الجثث الثماني نفسها من فيديو الإعدام، وقد اصطفت إلى جوار مبنى ظهر أيضا في فيديو الإعدام. في الفيديو الثاني يقف 6 جنود إلى جوار طابور الجثث، ويقول أحدهم "حق اللي ماتوا أهو".

وحسب تقرير المنظمة الدولية، فإن "صورة بنفس المشهد حصلت عليها هيومن رايتس ووتش، يمكن رؤية أحد الجنود وهو يرفع رأس أحد القتلى من شعره وهو ينظر إلى الكاميرا. في فيديو ثالث للمشهد نفسه، نشرته بدوره الصفحة نفسها&الموالية للحكومة على فيسبوك، يقول رجل: "أغيّر وضع السلاح؟" ويرد عليه المصور: "خلص، خلص".

وتابع: كما ظهرت جثة رجلين من فيديو الإعدام في بيانات إعلامية نشرتها القوات المسلحة المصرية في 5 نوفمبر و6 ديسمبر 2016. في إصدار ديسمبر يصف الناطق باسم القوات المسلحة العملية المؤدية إلى موت الضحايا بصفتها "قوات إنفاذ القانون" مضيفا أنها تمكنت من: "إحكام قبضتها الأمنية في مناطق النشاط الإرهابي في شمال سيناء، حيث تمكنت من القضاء على 8 من العناصر الإرهابية المسلحة".

قال ممثل عن قناة "مكملين" التي حصلت على فيديو الإعدام، لـ هيومن رايتس ووتش، إنه حسب المعلومات التي لديهم فقد حدثت الواقعة في أكتوبر أو نوفمبر في التومة، وهي قرية جنوب الشيخ زويد، والأخيرة بلدة تكرر قتال القوات المصرية فيها لعناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" المُتطرف (يُعرف أيضا بـ "داعش"). سبق أن هجر أهالي التومة قريتهم بسبب القتال، حسب قول سكان من شمال سيناء لـ هيومن رايتس ووتش.

قال مصدران في شمال سيناء لـ هيومن رايتس ووتش إن الرجل الذي يظهر في الفيديو وهو يعدم الضحيتين هو عضو من ميليشيا محلية معروفة للأهالي بمسمى "الفرقة 103"، شكلها الجيش المصري عام 2015 للمساعدة في عمليات سيناء ويشرف عليها الجيش ويسلحها. المصدر الثاني يعرف هوية الرجل لأنهما سبق أن تجاورا في السكن في الشيخ زويد. هناك 3 مصادر أخرى – ممثل مكملين وخبير في شؤون سيناء في مصر ومجموعة مستقلة من سيناء – ذكروا لـ هيومن رايتس ووتش هوية الرجل بصفته الشخص المذكور.

العنف في شمال سيناء

منذ عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013 زاد العنف كثيرا في شمال سيناء، وهي محافظة على الحدود مع إسرائيل وغزة تعاني قلة التنمية والتهميش منذ فترة طويلة. تنظيم "أنصار بيت المقدس" المتطرف، الذي أعلن الولاء لداعش وسمّى نفسه "ولاية سيناء" في نوفمبر 2014، أصبح له معقل قوة في المنطقة وشن هجمات على قوات الشرطة والجيش المصرية هناك، إضافة إلى استهداف المسيحيين والمشتبه بتعاونهم مع القوات الحكومية. منذ 2013 تعرضت سيناء لما لا يقل عن 1500 هجوم مسلح، أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين ومئات عناصر الأمن، بحسب "معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط".

في المقابل، نشرت السلطات المصرية قوات في سيناء أكثر من أي وقت منذ حرب 1973 مع إسرائيل. تكرر ذكر الرئيس عبد الفتاح السيسي – الذي أشرف من منصبه كوزير دفاع على عزل مرسي – أن مصر "في حالة حرب" وقارن العمليات الأخيرة بالنزاعات السابقة مع إسرائيل في 1973 و1967.

وزعمت المنظمة الدولية أن "حملة مكافحة الإرهاب في شمال سيناء زاخرة بالانتهاكات. بين يوليو 2013 وأغسطس 2015 دمرت السلطات المصرية نحو نصف بلدة رفح، الواقعة على الحدود مع قطاع غزة، وأجلت عنها آلاف العائلات وهدمت ما لا يقل عن 3255 مبنى. أفادت عشرات العائلات التي قابلتها هيومن رايتس ووتش في 2016 و2017 بوقوع حالات بلا حصر من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والقتل غير القانوني على يد الجيش المصري وقوات وزارة الداخلية".

ووفقاً لتقرير المنظمة، فإن "أعمال القتل التي تظهر في الفيديو الذي تم بثه في 20 أبريل تتفق مع النمط الذي وصفه عدد من سكان شمال سيناء. قال لـ هيومن رايتس ووتش ما لا يقل عن شخصين سبق أن احتجزهما الجيش إن الحراس كانوا يحضرون فجرا ويستدعون بعض المعتقلين ويأخذونهم دون إخبارهم أين يذهبون. قال المعتقلون السابقون إن هؤلاء المحتجزين لم يعودوا قط، ويعتقدون أنهم أُعدموا.

في واقعة من اثنتين من هذا النوع وثّقتهما هيومن رايتس ووتش في نوفمبر 2014، اكتشف المعتقل بعد إخلاء سبيله أن أحد الرجال الذين أخذهم الحُراس قُتل في اليوم نفسه. عثرت عائلة الرجل على جثمانه فيما بعد في منطقة مهجورة.

قال عدد من سكان شمال سيناء لـ هيومن رايتس ووتش إنه عندما يجري الجيش حملات الاعتقال المنتظمة في القرى، يرافق القوات عنصر أو أكثر من الميليشيا، ويُشار إليهم أحيانا بمسمى "المتعاونين"، الذين يلعبون دورا أساسيا في التعرف إلى المشتبهين المراد اعتقالهم. قال سكان آخرون إن هؤلاء الأفراد هددوهم واعتقلوا بعض أقاربهم بسبب خلافات شخصية وخلافات على بعض الأعمال.

قال السكان إن "المتعاونين" مع الجيش عرّفوا زيفا عن أفراد كثيرين بصفتهم "إرهابيين"، ما أدى إلى اعتقالهم من قبل قوات الجيش. قال أحد السكان السابقين في الشيخ زويد إن عناصر هذه الميليشيات يعيشون في ثكنات الزهور التابعة للجيش أو إلى جوارها، في الشيخ زويد. أجلت قوات الجيش السكان من عدة بنايات محيطة بالقاعدة وسمحت لعناصر الميليشيا باحتلالها، على حد قول هذا الشخص.

واعتبرت المنظمة أن "شمال سيناء في مستوى "النزاعات المسلحة" بموجب القانون الدولي"، ودعت إلى& "توقيف ومحاكمة المسؤولين عن هذه الانتهاكات"، على حد تعبيرها.

&