«إيلاف» من الرباط: اهتزت جنبات مسرح محمد الخامس بمدينة الرباط،ليلة الأربعاء،على وقع أغنية "الماء والخضرة" للراحل عبد الحليم حافظ، بصوت المطرب المغربي الشاب ابراهيم بركات،حيث تحول الجمهور إلى كورال جماعي يردد وراءه في منتهى الانسجام،مقاطع تلك القطعة، التي يحفظها الكل عن ظهر قلب،فيما ارتفعت الزغاريد وسط جو حماسي كبير.

حدث ذلك، خلال "احتفالية الطرب الأصيل" التي نظمتها سفارة مصر، تحت رعاية وزارة الثقافة المغربية، احتفالا بمرور ستين سنة على نشأة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية مصر والمملكة المغربية، تحت شعار"معا نعمر جسور التواصل".

محمد الاعرج وزير الثقافة والإعلام 

 

ذاكرة مشتركة

الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين، سفير مصر ،أبى في البداية إلا أن يتحدث عن عمق العلاقات الثنائية التي تربط بين البلدين عبر القرون، يندر أن يوجد مثلها، مشيرا إلى أنها تتعدى الستين عاما بآلاف السنين،واصفا إياها بأنها "علاقات خاصة ذات تجليات روحية وإنسانية،ومصاهرة بين شعبين عظيمين، هما المغرب ومصر".

ومضى يقول عن العلاقة بين البلدين ، التي يزيدها الفن تأصلا وترسيخا، من خلال عدد من القيم والقواسم،إنها شجرة غنية بثمارها، وذاكرة مشتركة بين حضارتين ضاربتين في عمق التاريخ، يرعاها الملك محمد السادس والرئيس عبد الفتاح السيسي.

وبعد أن وجه "تحية حب وتقدير" من "أم الدنيا"، مصر ، إلى المغرب، ختم السفير كلمته بالتعبير المحلي الدارج، موجها كلامه إلى الحاضرين:" أحبكم بزاف"، (أي أحبكم كثيرا)،لتتفاعل معه قاعة المسرح بالتصفيق، بعد أن امتلأت عن آخرها،خاصة وأن الدخول إليها لم يكن عبر شراء التذاكر وإنما،فقط، بالدعوات من طرف السفارة المصرية.

احمد إيهاب جمال الدين،سفير مصر العربية في الرباط 

 

بوابة الثقافة

بدوره ،تطرق محمد الأعرج،وزير الثقافة والاتصال المغربي ، إلى الأواصر بين المغرب ومصر، التي تضرب بجذورها عميقا في تربة التاريخ، شاهدة على جسور التفاهم والتبادل الممتدة عبر بوابة الثقافة والفنون المفتوحة دائما بين الشعبين.

ولم يفت الاعرج أن يستحضر بالمناسبة حلول المغرب، بإبداعه ونشاطه الثقافي،ضيفا على معرض القاهرة الدولي للكتاب، مذكرا بما تلعبه الثقافة والفنون من دور في التقريب بين الشعبين، في سعيهما نحو الرقي والازهار.

ولوحظ أن الحضور الرسمي في مقدمة الصفوف بمسرح محمد الخامس كان مكثفا.

 المطربة المغربية كريمة الصقلي

 

"ليالي الأنس"

فاتحة السهرة الموسيقية التي جمعت بين فنانين من مصر والمغرب، كانت بصوت المطربة المغربية كريمة الصقلي، التي غنت قطعة للراحل أحمد البيضاوي بعنوان"حبيبي تعال"،قبل أن تؤدي أغنية "ليالي الأنس بفينا" للمطربة الراحلة اسمهان،بمنتهى الإحساس، وقد قوبلت بعاصفة من التصفيق،تليق بها كمغنية صاحبة أسلوب خاص في أداء الطرب الرفيع.

أما المطرب المغربي الشاب فؤاد طرب، فأنشد مرددا موشح "ياليل طل" من تلحين الفنان الراحل عبد القادر الراشدي، وغناء محمود الإدريسي، قبل أن يغني للموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب أغنية "سهرت منه الليالي".

المطربة المصرية غادة رجب

كلمة صغيرة

غادة رجب، التي انتظرها الجمهور بفارغ الصبر،أطلت تسبقها ابتسامتها، وكانت تتمنى أن تظهر بفستان مغربي، غير أن الوقت لم يسعفها، وقالت :"أريد أن أقول كلمة صغيرة من قلبي، وهي أن أي فنان يهمه أن يكون محل تقدير من طرف الجمهور، علما أن أهل المغرب يقدرون الفن، ومنذ مدة وأنا أهفو لزيارة هذا البلد، وهذه هي أول مرة يسعدني فيها الحظ بالقدوم إليه".

وعلى طريقة السفير المصري في الرباط، انبرت غادة رجب لتحيي الجمهور المغربي بقولها باللهجة الشعبية الدارجة:"أحبكم بزاف"، ثم انخرطت في تقديم حصتها الغنائية، وضمنها "في يوم وليلة" للمطربة الجزائرية الراحلة وردة، و"ودارت الأيام"لكوكب الشرق أم كلثوم، وتألقت في أدائهما لدرجة الانصهار في حالة من" التسلطن"،حسب التعبير المصري.

المطرب ابراهيم بركات

 

قدرة الفن

في ختام هذه السهرة التي أثبتت قدرة الفن على توحيد الرؤى بين الشعوب مهما تباعدت المسافات بين الشرق والغرب،جاء المطرب المغربي فؤاد الزبادي،ليؤدي كشكولا متنوعا من الأغاني التي اعتاد غناءها، مثل " الناس المغرمين" للفنان المصري محمد عبد المطلب، و"عندك بحرية" للمطرب اللبناني الراحل وديع الصافي، و"علاش ياغزالي" للمطرب المغربي الراحل المعطي بنقاسم، وغيرها.

نغمة نشاز واحدة سجلها بعض الحاضرين،إن صح التعبير، وهي أن كل المطربين المغاربة المشاركين في السهرة،أدوا إلى جانب الأغاني المغربية،باقة مختارة من القطع المصرية الشائعة،بينما اكتفى المغنون المصريون بأداء أغانيهم فقط، دون أن يفكروا في تقديم أغنية مغربية واحدة على الأقل، ولو على سبيل المجاملة فقط.

المطرب المغربي فؤاد الزبادي