لندن: لا تزال ردود الفعل تتوالى على التسريبات التي نقلت ما دار خلال عشاء العمل حول البريكست بين رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي ومسؤولين كبيرين من الاتحاد الاوروبي في لندن الاربعاء الماضي، ما يدل على ان مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد ستكون صعبة ومعقدة.

وكتبت ماي الثلاثاء في جريدة تصدر في جنوب غرب انكلترا حيث تشارك في الحملة الانتخابية استعدادا لانتخابات الثامن من يونيو التشريعية "كما لاحظنا خلال الايام القليلة الماضية لن يكون الامر سهلا".

في السادس والعشرين من الشهر الماضي، وللمرة الاولى منذ اطلاق عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في نهاية مارس، استقبلت ماي في لندن رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر وكبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي بشأن البريكست ميشال بارنييه.

وامام الكاميرات طبعت رئيسة الحكومة البريطانية قبلة على خد يونكر امام مقر رئاسة الحكومة في لندن، واشادت ب"لقاء بناء".

الا ان تسريبات صحافية عدة نقلت ما دار خلال اللقاء، سرعان ما أعطت انطباعات مختلفة تماما عن الاجواء التي سادت تلك الليلة.

فقد روت صحيفة فرانكفورتر الغيمايني تسايتونغ في عددها الاحد ان يونكر أصيب بصدمة عندما أصرت ماي على اطلاق المفاوضات في أسرع وقت بين الاتحاد الاوروبي وبريطانيا حول اتفاق تجاري، مع ان الدول ال27 اكدت بانها تريد قبل ذلك تحديد شروط هذا الخروج.

"عشر مرات اكثر تشاؤما"

وأضافت الصحيفة ان تيريزا ماي أكدت أيضا، ان بلادها غير مدينة باي مبلغ مالي للاتحاد الاوروبي، مع ان معلومات عدة تؤكد ان على المملكة المتحدة دفع نحو 60 مليار يورو للخروج من الاتحاد.

وقالت صحيفة "صنداي تايمز" ان يونكر قال في ختام اللقاء "اغادر 10 داونينيغ ستريت وانا اكثر تشاؤما بعشرة أضعاف" مما كنت عليه قبل اللقاء، واعتبر ان رئيسة الحكومة البريطانية "تعيش على كوكب آخر".

اما وصف يونكر الرسمي للاجتماع فكان بانه "بناء"، الا انه اعتبر ان بريطانيا "تقلل كثيرا من أهمية المشاكل التقنية التي نواجهها".

وحسب الصحيفة الالمانية أيضا فان رئيس المفوضية الاوروبية قد يكون نقل انطباعاته عن الاجتماع الى المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي حذرت في اليوم التالي لندن بالا "تراكم الاوهام" حول تداعيات الخروج من الاتحاد الاوروبي.

وللدلالة على الضجة التي أثارتها هذه التسريبات فان الصحف البريطانية واصلت الثلاثاء ولليوم الثالث على التوالي التركيز على لقاء لندن، في حين سعت الحكومة الى تدارك الامر والحؤول دون اتساع رقعة ردود الفعل.

وقالت ماي مساء الاثنين ردا على ما نشرته الصحيفة الالمانية "اعتقد بانها ثرثرات مصدرها بروكسل".

وفي الاطار نفسه قالت وزيرة الداخلية البريطانية امبر رود في تصريح صحافي "لن نعلق على هذا النوع من التسريبات"، معتبرة انه اذا كان هناك من عبرة لا بد من استخلاصها فهي "العمل على ان تكون مفاوضاتنا لاحقا أكثر سرية" حسب ما نقلت عنها "بي بي سي".

مقدمة لمفاوضات صعبة

واذا كانت هذه المعلومات التي تسربت عن اجتماع الاربعاء الماضي عبارة عن ثرثرات او شائعات او حقائق، فان تيريزا ماي سارعت الى وضعها في اطار الاستعداد للانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في يونيو المقبل لتعزيز موقفها في مفاوضات البريكست.

وقالت في هذا الاطار "للتوصل الى افضل اتفاق للمملكة المتحدة، علينا ان نكون واثقين من وجود قيادة قوية وثابتة"، مؤكدة في الوقت نفسه انها مهيأة اكثر من زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن لادارة هذه المفاوضات.

ولم يتأخر كوربن في انتقاد طريقة تيريزا ماي في ادارة المفاوضات معتبرا انه ليس من الحكمة بدء مفاوضات بهذه الاهمية "عبر التعاطي مع الناس بوصفهم اغبياء".

ووجه المسؤول عن مفاوضات البريكست في البرلمان الاوروبي غي فرهوفستادت انتقادا مشابها لتيريزا ماي عندما قال "ان اتفاقا حول البريكست يستدعي فهما عميقا للمسائل المعقدة" المترتبة عنه، مستعيدا شعارا سبق وان استخدمته ماي بنفسها "حان الوقت لنكون جديين".

اما هولغر شميدينغ المحلل في مصرف بيرنبرغ الالماني فاعتبر ان العشاء بين يونكر وماي في لندن "أعطى فكرة عما ستكون عليه لاحقا المفاوضات".

كما اعتبر ان تسريبات الصحف يمكن ان تفسر بانها "عبارة عن تحذير واضح من بروكسل الى لندن مفاده ان على لندن ان تعدل مواقفها بشكل كبير اذا ارادت التوصل الى اتفاق".