«إيلاف» من عدن: كشف مسؤول رفيع في وزارة الزراعة والري اليمنية عن وجود كمية من القمح التالف مرسل من قبل برنامج الاغذية العالمية الى اليمن .

وأوضح المسؤول اليمني في حديث خاص لـ«إيلاف» – اشترط عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع – ان شحنة مساعدات غذائية وصلت نهاية شهرابريل الماضي الى ميناء عدن تقدر ب 32 الف طن من القمح، مخصصة لكل من العاصمة اليمنية الموقتة عدن 20 الف طن، ومحافظة الحديدة على ساحل البحر الاحمر 12 الف طن، مشيرا الى ان الجهات المسؤولة في الحكومة اليمنية اوقفت توزيع الكمية، وشكلت لجنة للتحقيق، بعد ان تبين ان جزءًا من الكمية غير صالحة للاستهلاك البشري .

ولفت المسؤول في اول حديث صحافي لمسؤول يمني عن شحنة الاغذية التالفة، الى انه تم تشكيل لجنة رباعية للتحقيق في شحنة برنامج الغذاء العالمي ، برئاسة وزارة الزراعة ممثلة في ادارة الحجر النباتي، بالإضافة الى ممثلين عن هيئة المواصفات والمقاييس، ومصلحة الجمارك، والبحث الجنائي، موضحا بأنه ومن خلال التحقيقات الاولية تبين ان الباخرة التي اقلت شحنة المساعدات تعرضت في طريقها الى اليمن لضربة ماء البحر، خاصة وان كمية القمح كانت سائبة في الباخرة ولم تكن معبأة في اكياس.

خلافات 

واعترف المسؤول في وزارة الزراعة في حديثه لـ«إيلاف» بنشوب خلافات بين اعضاء لجنة التحقيق ، قائلا : " نشب خلاف بين اعضاء لجنة التحقيق حول كيفية التصرف بالكمية التالفة، حيث ان مندوب وزارة الزراعة في اللجنة رفض انزال الكمية الى الميناء، وطالب بإعادتها من حيث اتت، بينما بقية اطراف اللجنة وافقوا على انزال الشحنة وإتلاف الكمية الفاسدة فقط، وتوزيع الكمية الصالحة على المدنيين في محافظتي عدن والحديدة، وهو ما تم الاتفاق عليه في الاخير بموافقة مندوب وزارة الزراعة، بإحراق الكمية التالفة فقط في محرقة عدن والذي سيتم خلال اليومين القادمين ".

و اكد المسوول في وزارة الزراعة اليمنية ان وزارته تبذل قصار جهدها في خدمة الشعب اليمني عامة والقطاع الزراعي خاصة، مشيرا الى ان الحرب التي تسببت بها الميليشيات الانقلابية في البلاد قد اضرت بالقطاع الزراعي والغذائي في البلاد .

 الفتات للفقراء 

حظيت شحنة الاغذية الاممية التالفة باهتمام كبير في اوساط الشارع اليمني، ومنظمات المجتمع المدني، ونقلت وسائل اعلام يمنية عن منظمات مدنية اتهامها للأمم المتحدة بقتل الشعب اليمني من خلال ارسال كميات الاغذية الفاسدة .

 الى ذلك هاجم رئيس مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي اليمني مصطفى نصر ما تقوم وكالات الامم المتحدة في الآليات التي تتخذها لتوزيع المساعدات الانسانية في اليمن .

وقال نصر في تصريح خاص لـ«إيلاف»: ان ما تقوم به وكالات الامم المتحدة بجمعه باسم فقراء اليمن يذهب في نفقات ادارية وصفقات يصل منها الفتات للمواطن اليمني الفقير، والأسوأ ان يقتل بقمح فاسد كما هي الحال مع الصفقات المتعددة لبرنامج الغذاء العالمي" .

وابدى نصر استغرابه من ان تحدث صفقة استيراد القمح التالف قبل ان ينقضي اسبوع فقط علي جمع مليار ومائة مليون دولار للمساعدات الانسانية في اليمن، موضحا ان الباخرة التابعة لبرنامج الغذاء العالمي أفرغت ٣٢ الف طن من القمح التالف في عدن والحديدة ليتم توزيعها على المحتاجين للمساعدة الانسانية وعددهم 10 ملايين مواطن يمني وفقا لتقييم البرنامج.

صفقات مشبوهة ومكلفة 
واستطرد الخبير الاقتصادي في تصريحه لـ ( ايلاف ) قائلا : "" يحرص برنامج الغذاء العالمي على استيراد القمح في صفقات تبدو مشبوهة او مكلفه ان احسنا الظن، ولذلك تتكرر مسألة استيراد كميات القمح غير صالحة للاستخدام ودون ادنى معايير الحفظ والسلامة، ومؤخرا بدا البرنامج بالتعاقد مع مجموعة هائل سعيد انعم اليمنية لطحن القمح المستورد في مطاحن عدن والحديدة، وهي خطوة جيدة كون المجموعة لا يمكن ان تقبل استلام قمح اصابه العفن، لكن دورها وفقا للعقد الموقع معها يتوقف عند الطحن فقط، فالمشكلة في نقل الكميات من الخارج الى اليمن وتعرضها للتلف اثناء النقل، او عقب استلامها من المطاحن وتخزينها تمهيدا لتوزيعها للمستفيدين " .

حساب الكلفة 

وتساءل رئيس مركز الاعلام الاقتصادي قائلا : "يبرز تساؤل مهم من يتحمل كلفة صفقات القمح الفاسد سواء عبر اعادته الى بلد التصدير او اتلافه ، بالتأكيد سيتم حساب الكلفة من اجمالي المساعدات الانسانية المقدمة لليمن".
وخلص نصر الى نصح المنظمات الاغاثية الدولية بان تتعاقد مع التجار المحليين لتوفير الغذاء للسكان، حتى تستطيع ان تسلم للمستهدفين قمحا بالمواصفات التي تريدها ، مشيرا الى ان تلك الخطوة ستعمل ايضا على تنشيط القطاع التجاري المحلي وتعزيز قدرات الاقتصاد اليمني.

اعتراف أممي 

اعترف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ، بتلف جزء من شحنة مساعدات غذائية موجهة إلى اليمن ، بعد اتهامات يمنية للمنظمة الأممية بإرسال مساعدات فاسدة تقدر بنحو 32 ألف طن من القمح.

وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان صحافي اطلعت عليه «إيلاف»، ان سفينة محملة بنحو 32 ألف طن متري من حبوب القمح تكفي لنحو 2.5 مليون شخص لمدة شهر، وصلت إلى ميناء عدن خلال أبريل الماضي كجزء من المساعدات الغذائية الطارئة، إلا أن جزءا من الحمولة قد فسد بسبب تعرضها للتلف من مياه البحر ، وأنه من المقرر التخلص من القسم التالف في عدن .

 وذكر البيان أن بقية الشحنة تخضع حالياً إلى فحص مخبري رسمي للتأكد من جودتها قبل عملية الطحن والتعبئة والتغليف والتوزيع.

المجاعة في اليمن 

وتزامن الكشف عن صفقة القمح التالف هذه ، في وقت يشهد اليمن تدهورا كبيرا في مستوى المعيشة ، وارتفاع في مستوى الفقر والمجاعة ، خاصة في ظل استمرار الحرب التي دخلت عامها الثالث ، فيما يحذر المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا مهند هادي من ان المجاعة في اليمن في تفاقم مستمر ، مما يستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا وسريعًا .

وقال المدير الاقليمي في تصريح صحافي: "حين يصل بلد ما إلى طور المجاعة ، فإنّ ذلك يعني أنّ العديد من الأرواح قد أُزهقت بالفعل ، يجب ألاّ نصل إلى المرحلة التي نرى فيها الأطفال يموتون بسبب المجاعة".

 واستدرك هادي : " إذا تحرّكنا الآن ؛ فبإمكاننا إنقاذ حياة الكثيرين في اليمن. إنّنا ندعو المجتمع الدوليّ لأن يزوّدنا وعلى وجه السّرعة بالتّمويل الكافي ، وأن يساعدنا على تجنّب حدوث المجاعة في مختلف أنحاء اليمن".

وفي شهر ابريل الماضي اعلن برنامج الأغذية العالمي عن زيادة في نطاق عمليّاته الغذائيّة الطّارئة في اليمن ، وذلك بتقديم مساعدات غذائيّة لنحو 9 ملايين شخص يحتاجون إليها بشكل عاجل .