مانيلا: أطلقت الولايات المتحدة والفيليبين تدريباتهما العسكرية السنوية المشتركة الاثنين بجنود أقل من العدد المعتاد، ما يعكس سياسة الرئيس رودريغو دوتيرتي في التحول من علاقة التحالف طويلة الامد مع واشنطن، نحو الصين وروسيا.

وسعى دوتيرتي خلال الأشهر العشرة التي قضاها في سدة الرئاسة إلى تخفيف العلاقات مع الولايات المتحدة، القوة الاستعمارية السابقة لبلاده والمرتبطة بها بمعاهدة دفاعية مشتركة، معتبرا أن دور واشنطن كقوة دولية كبرى يدأ يتلاشى. 

وستضم التمارين العسكرية التي تدعى "باليكاتان" وتستمر 12 يوما من تاريخ انطلاقها الاثنين أقل من نصف عدد الجنود الذين شاركوا عام 2015 في عهد سلف دوتيرتي، بينينيو اكينو الموالي للولايات المتحدة. 

لن تركز كذلك على تعزيز القدرات الدفاعية البحرية للفيليبين والتي كان ينظر إليها بشكل واسع على أنها عرض للقوة في وجه بكين على خلفية مطالبات الأخيرة في بحر الصين الجنوبي. 

لكن دوتيرتي تراجع عن سياسة أكينو في تحدي الصين بالقوة بشأن النزاع على المناطق البحرية مفضلا إقامة علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية أكثر تقاربا مع بكين. 

ورغم أن المسؤولين من الطرفين استخدموا عبارات رنانة في حفل إطلاق المناورات عن العلاقات العسكرية التي تربط البلدين، إلا أن مسؤول الجانب الأميركي عن "باليكاتان"، الفريق في الجيش لورانس نيكلسون، قال إن الولايات المتحدة تأمل بأن تتوسع التدريبات مجددا. 

وقال للصحافيين في مقر الجيش الفلبيني "إذا نظرتم إلى 33 عاما من +باليكاتان+ كانت جميعها مختلفة. هناك العديد من الطرق التي يمكن لها أن تتغير فيها. قد تكون أكبر أو أصغر. ولكننا نأمل بأن تكون أكبر" في المرات المقبلة. 

في "التيار" الصيني
خلال زيارة إلى بكين في العام الماضي، أعلن دوتيرتي الذي يصف نفسه بالاشتراكي أنه قد تحول إلى "التيار الايديولوجي" الذي يتبعه حكام الصين الشيوعيين. قبل تلك الزيارة، اعتبر أن التدريبات المشتركة مع الولايات المتحدة تشكل "إهانة" للفلبين، وهدد بقطع العلاقات الدفاعية مع واشنطن بشكل كامل. ومنذ ذلك الحين، ألغيت باقي المناورات الدورية. 

ويبدو أن معظم مواقف دوتيرتي سببها الانتقادات الأميركية لحربه على المخدرات والتي أسفرت عن آلاف القتلى ودانتها المجموعات الحقوقية على أنها قد ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية. ورد دوتيرتي على انتقادات الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من خلال استخدام إهانات شخصية ضده. 

ورغم تحسن العلاقات بعد تولي الرئيس دونالد ترامب الحكم، إلا أن الرئيس الفلبيني استمر في الإشارة إلى تفضيله بناء علاقات أكثر قوة مع الصين وروسيا. وسيزور بكين في الأسبوع المقبل للمرة الثانية كرئيس فيما يتوقع أن يغادر إلى موسكو خلال هذا الشهر للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين. ولكنه أشار الأسبوع الماضي إلى أن جدول أعماله قد يمنعه من قبول دعوة ترامب لزيارة واشنطن، رغم عدم تحديد الولايات المتحدة أي موعد بعد للقاء. 

تركيز على الجانب الإنساني 
تضمنت نسخ سابقة من تدريبات "باليكاتان" عمليات واسعة النطاق في أو قرب بحر الصين الجنوبي، والذي تدعى بكين أحقيتها به بشكل شبه كامل. لكن مناورات هذا العام ستركز فقط على مواجهة الإرهاب والإغاثة في حالات الكوارث، وفقا لما أعلنه وفود الفيليبين والولايات المتحدة في الحفل الافتتاحي. 

وسيشارك فيها 2600 جندي أميركي و2800 من الفلبين، وهو عدد ضئيل للغاية مقارنة بـ"باليكاتان" عام 2015 والتي شارك فيها حينها ما مجموعه 12 ألف جنديا. 

وسيحاكي أحد التدريبات الرئيسية لهذا العام الرد في حال ضربت عاصفة شرق الفيليبين وامتدت نحو المناطق المكتظة بالسكان بما فيها مانيلا. وتواجه الفلبين نحو 20 عاصفة قوية كل عام تهب من المحيط الهادئ ويؤدي معظمها إلى وفيات. 

من ناحيته، أشار المحلل في السياسة الخارجية ريتشارد هيداريان، إلى أن دوتيرتي تصرف ببراغماتية من خلال خفض العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة دون قطعها تماما كما كان هدد في السابق. 

وقال هيداريان لوكالة فرانس برس إن "الرئيس يدرك بأن الولايات المتحدة تشكل عنصر الضمان بالنسبة إلى الفلبين في حال ساءت الأمور مع الصين. وانهاء ذلك سينهي سياسة الضمان".