سيول: يضع رئيس كوريا الجنوبية الجديد مون جاي-ان عملاق الهواتف المتحركة "سامسونغ" وتكتلات شركات أخرى تشكل عصب اقتصاد بلاده نصب عينيه من أجل الإصلاح فيما يتفاءل المحللون بقدرته على النجاح في حل مسائل فشل فيها كثير من أسلافه.

وكانت الامبراطوريات العائلية الممتدة المعروفة محليا بـ"التشيبول" مثل "سامسونغ" و"هيونداي" والتي تسيطر على اقتصاد البلاد، ضرورية للتحول الاقتصادي السريع في كوريا الجنوبية خلال الستينات والسبعينات ونهوضها من انقاض الحرب. 

وتوظف هذه الشركات حاليا أعدادا كبيرة من الناس في رابع أكبر قوة اقتصادية في آسيا. تشكل ايرادات "سامسونغ" وحدها، والتي تقوم بنشاطات متنوعة بما في ذلك خط للموضة ومدينة ملاهي إضافة إلى صناعة أشباه الموصلات الكهربائية والتلفزيونات، ربع الناتج المحلي الإجمالي في البلاد.

إلا أن الأضواء سلطت مؤخرا في فضيحة أطاحت بسلف مون، بارك غيون-هي، على العلاقات الحميمة التي تربط الشركات الكبيرة بالنخبة السياسية، وهو ما دفع بالرئيس الجديد إلى التعهد خلال الحملة الانتخابية بالتضييق على أكبر أربع مجموعات شركات، "سامسونغ" و"هيونداي" و"اس كي" و"ال جي"، حيث وصفها بـ"العقبات في طريق النمو الاقتصادي". 

وقال خلال حفل تنصيبه "سآخذ المبادرة في إصلاح مجموعات الشركات". وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها وعود بالإصلاح، حتى من قبل بارك نفسها وحزب مون، دون أن تنفذ. إلا أن الرئيس الجديد ألقى باللوم على "ضعف الدافع" للإصلاح لدى الحكومات السابقة. 

من ناحيتهم، يرى محللون أن هناك زخما حاليا من أجل التغيير بعدما خرج الملايين إلى الشوارع مطالبين بإقالة بارك، حيث استهدف العديد منهم "التشيبول" بشكل خاص. 

ويقول المحلل غاريث ليثر من "كابيتال ايكونوميكس" إن مستوى الغضب الشعبي يعني أن "فرص القيام بإصلاحات جدية ازدادت بشكل كبير". 

وتوجه عدد من الشركات الكبرى إلى إعلانات الصحف الخميس لتهنئة مون، فنشرت "سامسونغ" مثلا صورة فتاة تبتسم كتب عليها أن "الأمل بغد أفضل قد بدأ". 

- "الثروة والعائلة" -ويعود أصل كلمة "التشيبول" من مجموع كلمات تعني "الثروة" و"العائلة".

ولم يعد الكثير من العائلات يحتفظ إلا بحصة ملكية صغيرة في شركاتها إلا أنها لا تزال تفرض سيطرتها عبر شبكة معقدة من الملكيات المتبادلة فيما بين الشركات التابعة لكل منها، إضافة إلى الترقيات السريعة لأفراد العائلة. 

وكان من بين ضحايا فضيحة بارك، وريث "سامسونغ" لي جاي-يونغ الذي تمت إحالته إلى القضاء بسبب الاشتباه بقيامه برشوة صديقة بارك المقربة منها مقابل الحصول على خدمات من الحكومة، بما في ذلك الموافقة الرسمية على دمج مثير للجدل بين مركزين لـ"سامسونغ" في خطوة هدفت إلى نقل السلطة إليه بشكل سلس. 

من ناحيته، وعد مون بالتشجيع على إدارة أكثر شفافية في الشركات بهدف كسر التوريث في أوساط عائلات "التشيبول". 

واقترح في هذا السياق أن تتبع الشركات انتخابات تراكمية لمجالس إدارتها حيث يتمكن المساهمون من تركيز أصواتهم على مرشحين معينين وهو ما يسمح بفوز أشخاص مستقلين بالمقاعد. 

واعتبر ك.و. تشانغ، المحلل في "نومورا سيكيوريتيز" إن هذا التغيير سيشكل "حافزا حاسما لتعزيز الاستقلالية والمسؤولية في مجلس الإدارة". 

وأضاف أنه بسيطرة الليبراليين على البرلمان والرئاسة، فإن إمكانية الإصلاح باتت "أكبر بكثير من أي وقت مضى". 

وتم التعهد كذلك بتشكيل "لجنة التجارة العادلة" للرقابة التي ستضم مدعين، وشرطة، والسلطات الضريبية وستهتم بالممارسات غير العادلة التي تقوم بها مجموعات الشركات ضد الأعمال التجارية الصغيرة. 

- "جذور عميقة" -وتعهد مون كذلك بالتقليل من عدد مراسيم العفو الرئاسية الممنوحة لقادة الأعمال التجارية. 

وأشار خلال الحملة إلى أن "عائلات +التشيبول+ تشكل أساسا لعدد من الجرائم المرتكبة من قبل أصحاب الياقات البيضاء مثل الاحتيال في المحاسبة والرشاوى والتهرب الضريبي".

ولم يحصل مسؤولي "التشيبول" عادة إلا على عقوبات خفيفة مثل الأحكام مع وقف التنفيذ بعد إدانتهم بجرائم مالية، حيث عادة ما تشير المحاكم إلى الأثر المحتمل للعقوبات القاسية على الاقتصاد الكوري الجنوبي. 

وتم العفو في السابق مرتين عن رئيس مجموعة "سامسونغ" لي كون-هي بعدما أدين بالتهرب الضريبي والاختلاس. 

لكن لا يبدو الجميع متفائلا بشأن سعي مون إلى تقييد "التشيبول"، منوهين إلى أن حزبه الديموقراطي كان ضمن من حاولوا القيام بذلك في السابق وفشلوا. 

وأي اجراءات تؤذي الشركات تحمل مخاطر التأثير على موظفيها وبالتالي، على الاقتصاد.