بيروت: أجرت فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن الخميس عمليات تمشيط بحثا عن اي جهاديين متبقين في مدينة الطبقة في شمال سوريا كما تعمل على ازالة الغام خلفها تنظيم الدولة الاسلامية في المدينة والسد المحاذي لها.

وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية ليل الاربعاء من السيطرة على مدينة الطبقة والسد المحاذي لها، ما من شأنه ان يسرع طريقها الى الرقة، معقل الجهاديين في سوريا، خصوصا بعد اعلان خطة اميركية هي الاولى من نوعها لتسليح المقاتلين الاكراد.

وقرب سد الطبقة، سمع مراسل فرانس برس الخميس دويا، قال قياديون من قوات سوريا الديموقراطية انه ناجم عن انفجار لغم زرعه الجهاديون اثناء عمل فرق هندسية على تفكيك الالغام من جانبي السد.

وافاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس ان "عمليات التمشيط مستمرة" في مدينة الطبقة، مشيرا الى ان الهدف منها هو "التأكد من عدم وجود خلايا او جيوب او عناصر متبقين من تنظيم الدولة الإسلامية".

وتأتي السيطرة على مدينة الطبقة في اطار عملية "غضب الفرات" التي بدأتها قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر لطرد الجهاديين من مدينة الرقة الواقعة على بعد 55 كيلومترا شرقا.

وتحظى عمليات قوات سوريا الديموقراطية بدعم جوي من التحالف الدولي، وبري عبر نشر مستشارين اميركيين على الارض.

واعلن التحالف الدولي ضد الجهاديين الخميس انه بعد ضغط متزايد من قوات سوريا الديموقراطية في الطبقة، وافق نحو "70 مقاتلا" من تنظيم الدولة الاسلامية على شروط تلك القوات بما في ذلك تسليم السلاح الثقيل وانسحاب جميع المقاتلين المتبقين من مدينة الطبقة و"تفكيك العبوات الناسفة المحلية الصنع" حول السد.

وعند احد مداخل السد الذي رفعت عليه اعلام قوات سوريا الديموقراطية والوحدات الكردية، تجمع مقاتلون عرب واكراد وهم يهنئون بعضهم البعض ويوزعون الحلوى والسكاكر احتفالا، وفق مراسل فرانس برس.

وشاهد مقاتلات من وحدات حماية المرأة الكردية وهن يراقبن البحيرة التي تتجمع المياه فيها قبل ان يلتقطنّ صورا تذكارية مع زملائهن.

رشاشات ثقيلة.. ومدرعات 

وترافق الهجوم على مدينة الطبقة مع مخاوف من ان يعمد الجهاديون الى تفجير سد الطبقة، الاكبر في سوريا، ما كان من شأنه ان يحدث فيضانات واسعة النطاق.

وقال مصدر في ادارة السد لفرانس برس ان "الفنيين المناوبين في السد انسحبوا خلال الايام الاخيرة بسبب تحوله الى منطقة عسكرية" مع اشتداد حدة المعارك وغارات التحالف.

وجاءت السيطرة على الطبقة غداة اعلان البنتاغون خطة لتسليح المقاتلين الاكراد في قوات سوريا الديموقراطية، في أول اعلان رسمي يصدر عن الادارة الاميركية بشان تسليح الاكراد، بعدما كان سابقا حكراً على المقاتلين العرب.

واقتصر الدعم الاميركي للاكراد سابقا على توفير الغطاء الجوي لعملياتهم وتقديم الاستشارات عبر جنود اميركيين منتشرين على الارض، من دون امدادهم بالسلاح.

وقال المتحدث الاميركي باسم التحالف الدولي الكولونيل جون دوريان الاربعاء ان "كل قطعة سلاح" تسلم الى الوحدات الكردية "ستوجه" ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

ويضم السلاح الذي يعتزم تسليمه الى الاكراد وفق دوريان، رشاشات ثقيلة تستخدم ضد الشاحنات المفخخة وقذائف هاون واسلحة خفيفة وذخائر، بالاضافة الى عربات مدرعة ومعدات للكشف عن الالغام.

وأثارت الخطة الاميركية التي اعتبرها الاكراد "تاريخية" غضب انقرة، قبل أيام من زيارة مرتقبة للرئيس رجب طيب اردوغان الى واشنطن ليلتقي للمرة الاولى نظيره الاميركي دونالد ترامب.

وحثّ اردوغان الاربعاء واشنطن على التراجع عن قرارها قائلا "رجائي القوي أن يتم تصحيح هذا الخطأ على الفور".

لكن وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس ابدى الخميس ثقته بان الولايات المتحدة ستتمكن من تجاوز خلافها مع تركيا حول تسليح المقاتلين الاكراد السوريين.

وقال ماتيس على متن طائرة عسكرية اثر لقائه رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم في لندن "لا اشك في ان تركيا والولايات المتحدة ستجدان حلا، اذا كرستا كل الاهتمام الضروري لامن تركيا وامن حلف شمال الاطلسي والحملة المستمرة ضد تنظيم الدولة الاسلامية".

ولطالما أثار الدعم الاميركي المستمر لقوات سوريا الديموقراطية توترا مع انقرة خلال عهد الرئيس السابق باراك اوباما. لكن المحللين الاتراك كانوا يعلقون آمالا على امكان الحد من هذا التوتر في عهد ترامب.

وتعتبر واشنطن قوات سوريا الديموقراطية بمثابة شريك رئيسي في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، لكن أنقرة تصنف الوحدات الكردية منظمة ارهابية. 

مجرد لقاء اعلامي

وعلى الصعيد السياسي، اعتبر الرئيس السوري بشار الاسد الخميس مفاوضات جنيف "مجرد لقاء اعلامي" قبل اربعة ايام على جولة جديدة منها برعاية الامم المتحدة.

وقال الاسد في مقابلة مع قناة "او ان تي" البيلاروسية نشرتها وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) مساء الخميس "لا يوجد أي شيء حقيقي في كل لقاءات جنيف السابقة".

وتعقد جولة سادسة من مفاوضات جنيف بين الحكومة والمعارضة السوريتين في الـ16 من الشهر الحالي برعاية الامم المتحدة.

وبدا الاسد اكثر ايجابية في ما يتعلق بمحادثات استانا برعاية روسيا وايران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة والتي ركزت في جولاتها الثلاثة بين الحكومة والفصائل المعارضة على وقف اطلاق النار في سوريا.

واعتبر ان محادثات استانا "بدأت تعطي نتائج من خلال أكثر من محاولة لوقف إطلاق النار، آخرها ما سمي مناطق تخفيف التصعيد أو تخفيف الأعمال القتالية".

ووقعت روسيا وايران وتركيا خلال الجولة الثالثة من لقاءات استانا في الرابع من الشهر الحالي مذكرة تستثني الجهاديين وتقضي بانشاء "مناطق تخفيف التصعيد" في ثماني محافظات سورية تتواجد فيها الفصائل المعارضة.

وأعلنت الأمم المتحدة الخميس أنها تجري محادثات مع ايران وروسيا وتركيا بشأن الجهة التي يفترض أن تسيطر على مناطق "تخفيف التصعيد"، وهي نقطة محورية بعد رفض دمشق اي دور للامم المتحدة او قوات دولية في مراقبة المناطق المحددة.