أعلن المتمردون الحوثيون حالة الطوارئ في العاصمة اليمنية، واعتبروها مدينة "منكوبة"، بسبب انتشار الكوليرا فيها، مطالبين بمساعدة خارجية، رغم الصعوبات التي تعترض مساعي المجتمع الدولي لإيصال الإغاثة إلى البلد الغارق بالحرب.

إيلاف - متابعة: أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الاثنين أن انتشار الكوليرا تسبب بوفاة 184 شخصا منذ 27 ابريل، فيما تم تشخيص 11 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالمرض المعدي في أنحاء البلاد. 

وحذرت الامم المتحدة الاثنين من ان اعداد المصابين بالكوليرا ستشهد تزايدًا خلال الاسابيع والاشهر المقبلة، وان انتشار المرض سيتواصل، ليبلغ مناطق جديدة، في ظل انهيار النظام الصحي بسبب النزاع.

واعلن امين جمعان، الامين العام للمجلس المحلي في صنعاء، أن العاصمة "منكوبة في إطار حالة طوارئ صحية موقتة" بسبب "انتشار فجائي وبائي (للكوليرا) يحصد أرواح المواطنين من الأطفال والشيوخ والنساء، ويطال ويهدد حياة كل اليمنيين".

ووجّه في بيان بثته وكالة الانباء "سبأ.نت" التابعة للمتمردين الحوثيين الشيعة "نداء استغاثة ومناشدة عاجلة للعالم والضمير الإنساني"، مطالبا بمساعدة هيئات دولية لاحتواء الوباء. ووعد جمعان بان تتخذ سلطات صنعاء "كل ما يمكن من تسهيلات وتعاون وإسناد لكل جهد إنساني خير وتذليل الصعوبات والعوائق لإنجاح مهام وبرامج الاستجابة الإنسانية التي تنفذها المنظمات الدولية المعنية".

من جهته، قال "وزير" الصحة لدى الحوثيين حفيط بن سالم محمد في تصريحات لقناة المسيرة الناطقة باسم المتمردين، ان "وباء الكوليرا يتجاوز قدرات أي نظام صحي متعاف". والاثنين قال منسق الشؤون الانسانية للامم المتحدة في اليمن جيمي مكغولدريك في مؤتمر صحافي ان "هذه الاعداد ستتزايد في الاسابيع والاشهر المقبلة"، مشيرا الى ان 50 منطقة اضافية في محافظات اليمن مهددة بالكوليرا.

أما فرنسا، فأعلنت أنها "قلقة من الانتشار السريع" للكوليرا، متعهدة بتقديم مليوني يورو (2,2 مليون دولار) لدعم برامج "الاستجابة للاحتياجات العاجلة جدا" في اليمن، تحديدا في القطاع الصحي. 

وأفاد بيان لوزارة الخارجية الفرنسية أنه "بات ملحا أكثر من أي وقت مضى ايجاد حل سياسي في اليمن، وهي الطريقة الوحيدة الممكنة لإنهاء معاناة السكان". 

نقص في الادوية والاطباء 
ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعاً دامياً بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية، وسقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين في سبتمبر من العام نفسه. وشهد النزاع تصعيداً مع بدء التدخل السعودي على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 بعدما تمكّن الحوثيون من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلد الفقير.

وأدى النزاع إلى تدهور كبير في أمن اليمن الغذائي حيث أصبح نحو 19 مليون شخص من بين 27 مليونا بحاجة الى مساعدة غذائية عاجلة، بينهم سبعة ملايين يواجهون خطر المجاعة. كما أدى النزاع الى الحاق الضرر وتدمير المنشآت الصحية التي لم تعد قادرة على استيعاب المرضى.

وساهمت أزمة نفايات في العاصمة تسبب بها إضراب نفذه عمال النظافة التابعون للبلدية لمدة عشرة أيام للمطالبة بالحصول على أجورهم، في تفشي الكوليرا. وارتفعت أكوام القمامة في شوارع العاصمة حيث اضطر السكان إلى ارتداء الأقنعة بسبب الروائح الناجمة عن تعفن النفايات.

وقال الطبيب نبيل النجار نائب مدير مستشفى السبعين في العاصمة لوكالة فرانس برس "اتتنا اعداد هائلة من الكبار والاطفال (...) في أقل يوم نستقبل بين 100 و200 حالة"، مضيفا انه نتيجة كثرة الاعداد "اضطررنا الى ان نضع اربع حالات في السرير الواحد، ووضعنا اخرين تحت الاشجار، وتم نصب خيم".

وتحدث النجار عن نقص في الادوية "وفي الكادر الطبي من اطباء وتمريض"، مشيرا الى ان "الكادر الاجنبي هرب (...) والكادر الجنوبي (من المناطق الجنوبية لليمن) هرب، وايضا الرواتب لم تسلم والمستحقات لم تسلم منذ عدة اشهر بالنسبة للموظفين". وتابع ان امطارا تساقطت في الايام الاخيرة ورافقتها موجة من البرد "فاقمت الوضع السيئ".

ويتهم الموالون للحكومة المعترف بها المتمردين الحوثيين باختلاق الازمة والمبالغة باعداد المصابين وذلك بهدف رفع الحظر الجوي الذي يفرضه التحالف العربي على صنعاء ومنع هجوم على ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم والواقع على البحر الاحمر.

وهي المرة الثانية التي تنتشر فيها الكوليرا خلال أقل من عام في اليمن، الدولة الأفقر في شبه الجزيرة العربية، اذ تسبب بيناكتوبر العام الماضي ومارس 2017 بوفاة 145 شخصا، بحسب مكغولدريك. ويتسبب وباء الكوليرا الشديد العدوى بإسهال حاد وينتقل عن طريق المياه او الأطعمة الملوثة، وقد يؤدي إلى الوفاة إن تعذرت معالجته.