«إيلاف» من الرباط: قال عبد اللطيف الحموشي المدير العام للامن الوطني المغربي إن المديرية العامة للأمن الوطني وضعت استراتيجية شاملة ومندمجة لتطوير البنيات الشرطية، وتجويد خدماتها، والرفع من جاهزيتها في جميع مستويات العمل الشرطي.
وسجل الحموشي، في كلمة القاها بحفل أقيم بمناسبة الذكرى الحادية والستين لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، الذي يصادف السادس عشر من شهر مايو من كل سنة، أن العنوان الأبرز لهذه الإستراتيجية يتمثل في الإصلاح العميق والشامل للنظام الشرطي، من خلال انتهاج حكامة أمنية جيدة، تراهن على تكييف عمل وحدات الشرطة مع الطلب العمومي في مجال الأمن، ومع التحديات الجديدة التي تفرضها التهديدات الإجرامية، ومع موجبات وضرورات حماية حقوق الإنسان.

في سياق ذلك، قال الحموشي إنه تم تبني مقاربة متطورة لمفهوم شرطة القرب، تقوم على إعطاء دينامية جديدة للخط الهاتفي 19، وتراهن على تغيير منظومة شرطة النجدة، وتتطلع إلى التقليص من الحيز الزمني للتدخلات الأمنية في الشارع العام ، مشيرًا الى انه تم إحداث العديد من الوحدات والفرق الأمنية المتخصصة، والمجموعات النظامية لحفظ الأمن، في خطوة استباقية، مشدداً على أن "هاجسها الأول تعزيز الشعور بالأمن لدى المواطنين والمقيمين والزائرين، ومكافحة التهديدات المتنامية للظاهرة الإجرامية".
وشدد الحموشي على أن الإصلاح العميق والشامل للنظام الشرطي، لم يقتصر فقط على الإصلاح البنيوي أو التنظيمي، بل امتد ليشمل الصورة العامة للشرطي، سواء الذي يعمل في الشارع العام أو في مراكز الحدود أو في مختلف المرافق والوحدات الأمنية، وذلك باعتباره خط التماس الأول مع المواطن، وكذا الأجنبي السائح أو المقيم.
وأضاف المسؤول الأمني المغربي أن هذه المراجعة امتدت لتشمل تصميم وهندسة بنايات ومقرات الأمن، والتي روعي فيها توافر خصائص الأمان الواجبة في البنيات الأمنية الحساسة، وتيسير الولوج إلى الخدمات الأمنية.
وفي هذا السياق، يضيف الحموشي، يجري حاليًا التخطيط لبناء المقر الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني بمدينة الرباط، وهو تجمع إداري متكامل سيحتضن جميع المصالح المركزية للأمن الوطني، كما تتواصل عمليات بناء مقر جديد للفرقة الوطنية للشرطة القضائية ومختبر الشرطة العلمية بمدينة الدار البيضاء، وكذا مدرسة جديدة للتكوين الشرطي بضواحي الرباط.
وأشار إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني أولت أهمية قصوى لبناء وتأهيل العنصر البشري، المؤهل لتجسيد صورة الأمن وبسط سلطة القانون، من خلال اعتماد ميثاق جديد للتوظيف والتكوين الشرطي، يرتكز أساسًا على القطع مع جميع أعمال الغش في الامتحانات، وتدعيم آليات الشفافية والنزاهة في الاختبارات.
وأضاف أن المديرية سعت جاهدة، في مخططها المرحلي لسنتي 2016 و2017، إلى كسب رهان "الأمن المواطن"، وذلك عبر الانتقال من "الأمن كمرفق إداري إلى الأمن كمؤسسة خدماتية"، ومن الأمن "كقوة عمومية إلى الأمن كحق أساسي من حقوق الإنسان"، معتبرًا أنه "لا سبيل للتمتع بالحقوق والحريات من دون نعمة الأمن، ولا سبيل لإرساء الأمن والاستقرار من دون احترام حقوق الإنسان".
ومن هذا المنظور، يقول الحموشي، حرصت المديرية على تبسيط وتجويد الخدمات الأمنية التي توفرها للمواطنين المقيمين داخل أرض الوطن، وكذا لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مراهنة في ذلك على التقليص من آجال إصدار الوثائق والسندات الإدارية، وتأمينها عبر إدراج معايير أمان بيومترية تفاديًا لتزييفها، فضلاً عن تيسير مسطرة الولوج إلى قائمة هذه الخدمات.
وعلى صعيد آخر، وتوطيدًا لمفهوم الإنتاج المشترك للأمن، قال الحموشي إن مصالح الأمن الوطني تبنت سياسة تواصلية أكثر انفتاحًا على محيطها الخارجي، وأكثر تفاعلاً مع طلبات المجتمع المدني، وأكثر تجاوباً مع وسائل الإعلام، إيماناً منها بأن الأمن بقدر ما هو مكسب جماعي فهو أيضا تكلفة جماعية، واقتناعاً منها كذلك بأن التدبير الرشيد والمندمج لقضايا الأمن هو المدخل الأساسي لإرساء الحكامة الأمنية الجيدة.
وتضمن برنامج هذا الاحتفال، الذي نظم في المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة( شمال الرباط)، بحضور وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، إلى جانب وزراء وشخصيات مدنية وأمنية وممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام، استعراض الأفواج المشاركة والوسائل والتجهيزات اللوجستيكية التي تتوفر عليها، فضلاً عن توشيح عدد من مسؤولي وموظفي ومتقاعدي الإدارة العامة للأمن الوطني بأوسمة ملكية.
وتضمن الحفل أيضًا مشاهد تحاكي تقنيات التدخل والدفاع عن النفس والحماية المقربة، التي تميز عمل مختلف الفرق الامنية، لاسيما الوحدات المتنقلة لشرطة النجدة والدراجين.