الرباط: قال عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي إن الدينامية الاحتجاجية التي يعيشها الريف منذ ستة أشهر تستحق التعامل من زوايا متعددة، تتمثل أولا في الأسلوب السلمي والحضاري الذي عبرت عنه المظاهرات الشعبية المطالبة بمجموعة من الحقوق الاجتماعية والتنموية، حيث لم تسجل أي أحداث عنف كبيرة من جانب المتظاهرين، معتبرا أن الأمر يشير لوجود علامة نضج مجتمعي ينبغي الاعتراف بها، والتعاطي مع هذا الحراك بالمسؤولية اللازمة، رغم ما يمكن تسجيله من حدة في الخطاب لا يمكن تفسيرها إلا بمعطيات تاريخية سوسيولوجية ونفسية معروفة ترسخت بفعل عقود من التهميش بعد مرحلة الاستقلال.

واعتبر حامي الدين في تدوينة نشرها عبر صفحته على فايسبوك بعنوان "حراك الحسيمة: حذار من صناعة الانفصال"، أن الزاوية الثانية تشير لوجود فشل واضح للمؤسسات التمثيلية في القيام بدور عقلنة هذه المطالب والترافع عنها، ونقلها من الشارع إلى المؤسسات.

وأضاف المتحدث: "لا الجماعات الترابية بمستوياتها الثلاث، والتي توجد تحت رئاسة حزب صنع بعناية تحت أعين السلطة نجحت في امتصاص هذه الاحتجاجات، ولا وزراء الداخلية السابقون والحاليون نجحوا في إيجاد صيغة لوقف الاحتجاجات التي مازالت مستمرة إلى حدود الساعة، وهو ما يعني أننا نجني اليوم سياسة القتل البطيء للسياسة التي تمت عن طريق الإضعاف الممنهج للمؤسسات الحزبية وعبر التدخل في شؤونها الداخلية، وأخيرا عبر إفشال مهمة تشكيل أغلبية حكومية تشبه نتائج 7 أكتوبر".

وأكد قائلا "ثالثا، محاولة الاستعانة بالأحزاب السياسية لإطفاء الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية، ستكون عملية ناجحة إذا قامت بها أحزاب تحظى بالمصداقية وبالثقة اللازمة، وقد قام عبد الإله ابن كيران، ومن ورائه حزب العدالة والتنمية بهذا الدور عندما انطلقت شرارة 20 فبراير، ونجح شعار "الإصلاح في ظل الاستقرار" في كسب ثقة فئات واسعة من المجتمع، وهدأت احتجاجات 20 فبراير، ونجح ابن كيران في جلب تفويض شعبي لولاية ثانية، غير أن هذا التفويض تم إجهاضه بإرادة معاكسة، ومعه تم خدش قدر كبير من الثقة في جدية المسار الديموقراطي".

وختم حامي الدين تدوينته بالقول: "التمرين الذي نعيشه في بلاد الريف، هو تعبير عن احتجاجات ذات طبيعة اجتماعية، لكنها تخفي وراءها مساءلة حقيقية لطبيعة ممارستنا السياسية، وهو ما يفرض طرح الأسئلة الحقيقية، حول جدية السلطة في تبني شعارات الإصلاح أم إننا بصدد سياسات تمويهية لا تعمل إلا على إخفاء حقيقة استمرارية الوضع القائم؟ أما خرافة الانفصال فلن تنطلي على أحد.. فحذار من صناعة الانفصال عبر سياسة الهروب إلى الأمام..!".

وفي السياق عينه، دعا حزب العدالة والتنمية لعقد جلسة برلمانية لمساءلة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بشأن الاحتجاجات بإقليم الحسيمة، واقترح بيان للحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي، تخصيص جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) حول الاحتجاجات بمنطقة الريف لمعرفة المقاربة الحكومية في التعامل معها.

من جهته، أكد حزب الأصالة والمعاصرة المعارض في بيان له على شرعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية لساكنة مدينة الحسيمة، و دعا أجهزة الدولة ومؤسساتها للإسراع في تنفيذ التزاماتها ضمن برنامج "الحسيمة منارة المتوسط"، وهو برنامج أطلق خلال أكتوبر 2015 لتنمية المنطقة بقيمة مالية تقدر بـ 6.5 مليارات درهم (630 مليون دولار) ما بين 2015 و2019.

وأكدت أحزاب الأغلبية في بيان سابق على ضرورة تحقيق مطالب المواطنين والتعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية التي يحملونها.