إيلاف: من الرياض إلى القدس وبيت لحم وروما وبروكسل وصقلية، يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يواجه صعوبات في واشنطن، أول جولة له في الخارج ستكون محط انظار عواصم دول عدة.&

تستمر جولة ترمب، الأولى منذ تسلمه الرئاسة هذا العام، لثمانية أيام تتضمن ست محطات، ولقاءات لا تحصى مع شخصيات نافذة مثل الملك سلمان في السعودية والبابا فرنسيس والرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون.&

وشهدت الفترة التي سبقت مغادرته بروز سلسلة من القضايا التي تم الكشف عنها وهزت مكانته على الصعيد المحلي، حتى انه بات يقارن بشكل واضح مع الرئيس الاسبق ريتشارد نيكسون الذي أرغم على الاستقالة عام 1974.&

وتطرح كذلك تساؤلات عدة بشأن قدرته على التعاطي كرئيس مع نظرائه الأجانب.&

ويشير ستيفن سيستانوفيتش من مجلس العلاقات الدولية إلى أن "الحقيقة هي أن أحدا لا يعلم كيف سيتصرف ترمب وماذا سيقول خلال اجتماعات من هذا النوع كونه لم يسبق له القيام بذلك من قبل".&

لكن موظفي البيت الأبيض يرون أن أسلوب الرئيس البالغ من العمر 70 عاما "الودود والصريح معا" هو ميزة تحسب له في تعاملاته مع القادة الأجانب.&

في الجولة الاولى لترمب كرئيس دولة، ستكون كل كلمة يتفوه بها وتغريدة ينشرها عبر موقع "تويتر" تحت المجهر.

وسترافق الرئيس المعروف عنه عدم ارتياحه للرحلات الطويلة، زوجته ميلانيا التي بقيت حتى بعيدة عن الاضواء وتظهر إلى جانبه فقط في المناسبات.&

كما سيرافقه على متن الطائرة الرئاسية اثنان من أقرب مستشاريه، ابنته ايفانكا وصهره جاريد كوشنر.

السؤال هو ما هي الرسالة الذي سينقلها ترمب إلى العالم؟&

على صعيد السياسة الخارجية، تراجع الرئيس بشكل كبير عن تعهداته الأكثر إثارة للجدل خلال حملته الانتخابية، متبعا نهجا يشبه في كثير من نواحيه ذاك الذي سار عليه سلفه باراك اوباما.&

لكن لا يزال على قطب العقارات أن يشرح لشركائه الأجانب كيف يمكن لشعاره الأبرز "أميركا اولا" التوافق مع التعددية.&

في هذا السياق، أصر مستشاره للأمن القومي الجنرال هربرت ريموند ماكماستر، على أن "الرئيس ترمب يقول ان شعار أميركا أولا ليس معناه أميركا لوحدها، بل على العكس".&

بعيدا عن الشعارات، يبقى الكثير من الأسئلة بانتظار إجابات.

خطاب عن الإسلام

ويتحدث البيت الأبيض عن رحلة "تاريخية" سيقوم بها ترمب، في إشارة إلى محطاته في السعودية والفاتيكان والقدس، والتي سيتواصل خلالها مع قادة الديانات التوحيدية الرئيسة.&

وخلال اليومين اللذين سيقضيهما في الرياض، سيسعى ترمب على الأرجح إلى التأكيد على تباينه مع أوباما، الذي نظر إليه بعين من الريبة من قبل الدول المسلمة السنية في منطقة الخليج.&

من المرجح أن يستقبل الرئيس الأميركي بحفاوة بفضل أجندة الزيارة المتوقعة &والتي تشمل خطابا شديد اللهجة ازاء ايران وعدم تركيز على قضايا حقوق الانسان واعلان محتمل بتوقيع صفقات سلاح جديدة.

لكن ترمب ربما يجازف بإلقاء كلمة عن الاسلام أمام عشرات القادة المسلمين المتجمعين في العاصمة السعودية، نظرا إلى التوترات التي أثارها قرار حظر السفر الذي أصدره واستهدف عدة دول غالبية مواطنيها من المسلمين والعالق حاليا في المحاكم الأميركية.&

وقبل الجولة، قال ترمب "سأتحدث إلى القادة المسلمين وأحضّهم على محاربة الكراهية والتطرف وتبني مستقبل مسالم لديانتهم".&

في اسرائيل، يأمل ترمب بإعادة إحياء عملية السلام المتوقفة دون أن يوضح كيف سيقوم بذلك، خلال لقائه بـ"صديقه" رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في القدس والرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم.&

إلا أن زيارته إلى اسرائيل تثير جدلا منذ الآن لانه يعتزم التوجه إلى حائط المبكى الذي يسميه المسلمون البراق، ولأنها تأتي على خلفية كشفه معلومات استخباراتية امام مسؤولين روس كان حصل عليها من اسرائيل.

ولا يمكن التكهن كذلك بنتائج اللقاء الذي سيجمعه مع البابا فرنسيس حيث يختلف الزعيمان في كل المسائل تقريبا -- من التغير المناخي إلى سياسة اللجوء، رغم أن الحبر الأعظم يقول إنه سيستمع بانفتاح إلى ما يقوله الرئيس الأميركي.&

وستنتهي زيارة ترمب في اورويا حيث أربكت تصريحاته المتعلقة ببريكست وحلف الأطلسي ومستقبل الاتحاد الاوروبي حلفاء واشنطن التاريخيين.&

ومن المقرر ان يلتقي ترمب بأعضاء حلف شمال الأطلسي في بروكسل قبل أن يتوجه إلى قمة دول مجموعة السبع في تاورمينا -- وهي بلدة في صقلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

في هذا السياق، تساءل مستشار أوباما السابق، تشارلز كوبتشان، إن كان ترمب "يستثمر في العلاقة مع شركاء (حلف) الاطلسي كما فعل كل رئيس سابق منذ بيرل هاربر،" الحدث الذي ادى الى دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية. & &

وأضاف "تسلم الحكم وهو يشير إلى خلاف ذلك. ومنذ ذلك الحين، تدل أقواله وأفعاله على أنه قد يقوم بذلك. ولكن أعتقد أن الجميع سيراقب" ما سيكون موقف ترمب حيال هذه المسألة.&

ولا يزال على ترمب شخصيا التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالبند الخامس المتعلق بالدفاع المتبادل مع حلف شمال الأطلسي.&

جولة نيكسون

ونظرة الأميركيين إلى هذه الزيارة تعد غاية في الأهمية بالنسبة إلى ترمب.

&ويأمل الرئيس الجمهوري المدرك جيدا لحجم المخاوف المتزايدة من خطر الإرهاب، بالعودة بالتزامات صلبة من حلفاء واشنطن بشأن الحرب ضد تنظيم داعش.&

لكن وبغض النظر، لن تساعد جولة ترمب الدولية على وضع حد للفضائح التي تخيم على البيت الأبيض.&

وبالنسبة إلى المحلل السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية، بروس ريدل، والخبير حاليا لدى معهد "بروكينغز"، فإن المقارنة التي تأتي إلى الأذهان مباشرة هي جولة نيكسون عام 1974 إلى الشرق الأوسط، والتي أمل الأخير في أنها ستحقق فوزا دبلوماسيا "يصرف الانتباه عن فضيحة ووترغيت".&

ويذكر ريدل بأنها "لم تنجح" حيث "ركز الإعلام الأميركي على فضيحة ووترغيت وتعامل مع الجولة على أنها قضية جانبية&فيما بقيت ووترغيت تنزف وتنزف".&