بوزنيقة: في موقف جديد يمكن أن تكون له تداعيات سلبية على الائتلاف الحزبي المشكل للغالبية الحكومية المغربية، قال الحبيب المالكي، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي ورئيس مجلس النواب المغربي، إن قرار مشاركة حزبه في الحكومة التي يرأسها حزب العدالة والتنمية الذي وصفه ب"المحافظ"، جاء نتيجة قراءة "جريئة للواقع وتحليل المرحلة الحالية"، مؤكدا على أن الأحزاب والقوى الاشتراكية الديمقراطية لا ينبغي أن تفسح المجال للإسلاميين للتحكم في تدبير الشأن العام.

وأضاف المالكي ، الذي انتخب رئيسا للمؤتمر العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في كلمة ألقاها صباح اليوم بمدينة بوزنيقة (جنوب الرباط)، أمام الوفود الأجنبية التي تحضر فعاليات المؤتمر، "لا ينبغي أن نترك المجال لقوى محافظة باسم الديمقراطية أن تتحكم في تدبير الشأن العام باسم نتائج الانتخابات"، مبرزا أن الديمقراطية في نظر حزبه "أكبر من نتائج الانتخابات ولا يجب أن تختزل فقط في نتائج الاستحقاقات الانتخابية سواء كانت على المستوى المحلي أو الوطني".

وأقر رئيس مجلس النواب المغربي، بأن الأحزاب الاشتراكية تعيش أزمة حقيقية وتراجعات على مستوى الحضور والنتائج في مقابل صعود الأحزاب الإسلامية، حيث قال "رغم بعض نجاحات الحركات الاشتراكية الديمقراطية هنا وهناك، إلا أنها تبقى معزولة مقارنة مع مد يميني محافظ كاسح في عدد كبير من الدول".

ودعا المالكي لتجديد الفكر الاشتراكي الديمقراطي ومساءلته انطلاقا من الواقع اليومي، معتبرا أن هذا الفكر "ليس دوغمائيا جامدا وليست له حلول جاهزة وهو مرتبط بتحولات الواقع والمساءلة اليومية"، وشدد على ضرورة التغييروالتجديد من أجل استرجاع المصداقية، وقال "علينا التحلي بالجرأة والاستباقية حتى نساهم جميعا كاشتراكيين ديمقراطيين في وضع نظرية وأسس لمرحلة جديدة تكون المنطلق للفكر الاشتراكي الديمقراطي الجديد حتى يسترجع مصداقيته ونفتح المجال لأحزابنا ومنظماتنا الحليفة للقيام بالدور الذي كانت تلعبه في المرحلة السابقة".

ورغم هجومه على إسلاميي "العدالة والتنمية" دون أن يذكرهم بالإسم، دافع رئيس المؤتمر العاشر للاتحاد الاشتراكي في لقاءه مع ضيوف المؤتمر الأجانب في جلسة خاصة حضرتها "إيلاف المغرب"، على قرار مشاركة الاتحاد في التحالف السداسي الذي يقوده الإسلاميون بالمغرب، وقال " قررنا أن نساهم في تجربة منطلقها وإطارها التوجيهي هو دستور 2011"، لافتا الى أن هدف المشاركة في الحكومة هو "تطوير المؤسسات وتقوية مسار البناء الديمقراطي ببلادنا وبناء دولة الحق والقانون بوتيرة أسرع واستكمال المواطنة لجميع المغاربة"، مشيرا إلى أن التوزيع العادل للثروة "هو أحد الركائز المهمة لتحقيق المواطنة الكاملة وأحد رهانات المرحلة التي نجتازها في المغرب".

وزاد المالكي موضحا أن تحالف الاتحاد الاشتراكي مع حزب العدالة والتنمية مبني على أساس البرنامج وليس الأيديولوجيا والخط السياسي "الزمن السياسي اليوم مختلف عن الزمن السياسي بالأمس، حيث كانت المقاييس الأيديولوجية والسياسية هي المتحكمة في توفير الشروط الهادفة إلى بناء تحالفات مع أحزاب سياسية"، مسجلا أن الزمن السياسي الذي يعيشه العالم اليوم هو "زمن العولمة"، الذي اعتبره "ضاغطا يقلص من هوامش التحرك في كل المجالات ويطبعه الفكر الوحيد وثقافة التدبير أكثر من ثقافة التغيير والإصلاح".

وفي أشبه ما يكون برد مباشر من المالكي على الأصوات المنعقدة لمشاركة الاتحاد الاشتراكي في حكومة سعد الدين العثماني، خاصة من عائلة اليسار، قال المالكي "التحالفات على أساس البرامج يقول البعض إنها نوع من البرغماتية، وأن التجارب أكدت أن البرغماتية دائما تشوه الهوية، وتساعد على انزلاقات في مجالات متعددة وتؤدي إلى الطريق المسدود"، قبل ان يضيف " أقول من خلال تجربتنا في تدبير الشأن العام، تحالفاتنا البرغمانية إذا كانت في خدمة الهوية على أسس برنامجية، لا يمكن إلا أن تحافظ على من نحن؟ والحفاظ على من نحن؟ لا يجب أن يكون سكونيا جامدا".

وخلص المالكي الى القول : "أنا متأكد من أن هذه البرغماتية ستكون في خدمة الاختيارات الاستراتيجية، ولذلك قررنا أن نساهم في التجربة الحكومية".

ويواصل المؤتمر الوطني العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي أشغاله في مدينة بوزنيقة، وسط توقعات بأن انتخاب أمينه العام الحالي إدريس لشكر، على رأس الحزب لولاية ثانية أصبح أمرامحسوما.