في أول ظهور له على الساحة الدولية، يخوض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأحد في السعودية، في اليوم الثاني من زيارته إلى المملكة، امتحانًا بالغ الخطورة مضمونه إلقاء خطاب حول الإسلام.

إيلاف - متابعة: إذا كانت هذه المهمة شائكة بالنسبة إلى أي رئيس أميركي، فإن الخطاب الناري الذي امتاز به قطب العقارات خلال الحملة الانتخابية التي أوصلته إلى البيت الأبيض والأوامر التنفيذية المثيرة للجدل التي أصدرها بعيد تسلمه مفاتيح المكتب البيضاوي لمنع مواطني دول مسلمة من الدخول إلى الولايات المتحدة، والتي جمدها القضاء لاحقًا، تجعل مهمة ترمب هذه أكثر صعوبة.

وبعدما تركز اليوم الأول من زيارته إلى السعودية السبت على الإعلان عن عقود تسلح ضخمة، عبّر ترمب عن سعادته بها بعبارة "وظائف، وظائف، وظائف"، في محاولة منه لصرف النظر عن متاعبه في واشنطن، فإن اليوم الثاني من هذه الزيارة سيرتدي طابعًا مختلفًا.

وسيشارك ترمب الأحد في قمة مع قادة دول الخليج، تليها قمة أخرى دعا إليها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز زعماء حوالى خمسين دولة عربية وإسلامية، وسيلقي خلالها الرئيس الأميركي خطابًا يعبّر فيه عن "آماله" بـ"رؤية مسالمة" للإسلام.

ووعد مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي الجنرال إتش. ار. ماكماستر بأن خطاب ترمب سيكون "مصدرًا للإلهام"، ولكنه سيكون أيضًا "صريحًا".

من جهته، قال مسؤول في البيت الأبيض طالبًا عدم نشر اسمه، إن ترمب "سيكون مباشرًا للغاية في الحديث عن ضرورة مواجهة التطرف وعن واقع أن كثيرين في العالم الإسلامي ليس فقط لم يفعلوا ما فيه الكفاية، بل شجّعوا هذا التطرف بعيدًا عن الكلمات السطحية الجميلة".

أي كلمات سينتقيها؟
هناك علامات استفهام كثيرة تدور حول هذا الخطاب، أولها أي كلمات سينتقيها الرئيس السبعيني المعروف بطبعه الانفعالي، وأي نبرة سيعتمد، وهل سيختار تلطيف عباراته، مع ما لهذا الخيار من خطر على قاعدته الانتخابية التي أوصلته إلى الرئاسة؟.

وهناك أيضًا عبارة "الإرهاب الإسلامي المتطرف"، التي تستفز الكثيرين في العالم الإسلامي، ولكنها مع ذلك كانت لازمة في معظم خطابات الملياردير المثير للجدل أثناء حملته الانتخابية. والسؤال الذي يطرح اليوم هو هل سيستخدم ترمب هذه العبارة في خطابه أم سيتخلى عنها، مع أنه كان يتهم سلفه باراك أوباما وسائر الديموقراطيين بالافتقار إلى الحزم والوضوح، لأنهم يتجنبون استخدام هذا المصطلح.

وسبق لأوباما أن تساءل مرارًا: "ما الفائدة التي سيؤتيها استخدام هذه العبارة"، محذرًا من خطورة اعتماد "خطاب كراهية" إزاء المسلمين.

وكان الملياردير المثير للجدل اقترح في ديسمبر، بعيد وقت قصير من إطلاق حملته الانتخابية، فرض حظر على دخول جميع المسلمين إلى الولايات المتحدة ريثما "نفهم هذه المشكلة".

ومع أن المرشح الشعبوي كان معروفًا بتصريحاته المدوية والصاعقة، إلا أن اقتراحه هذا - الذي سريعًا ما تخلى عنه - أثار غضبًا عارمًا في العالم الإسلامي، وشكل صدمة لغالبية الأميركيين، الذين طمأنهم منافسو ترامب بأن دستور الولايات المتحدة يمنع أي تفرقة على أساس الديانة. وفي مارس 2016 قال ترمب في مقابلة: "أعتقد أن الإسلام يكرهنا. هناك الكثير من الكراهية".

ظل بوش وأوباما&
لكن ترمب المرشح هو غير ترمب الرئيس، فبعد عام ونيف على هذه التصريحات من المرجح أن يعتمد زعيم أقوى دولة في العالم لهجة أكثر اعتدالًا قد لا تكون في نهاية المطاف بعيدة جدًا عن تلك التي اعتمدها سلفاه، باراك أوباما وجورج بوش الابن.

إلا أن الخطورة التي تكتنف خطاب الأحد تكمن في ما إذا خرج الرئيس عن النص، كما هي حاله في معظم الأحيان، وارتجل خطبة عصماء لا يمكن التنبؤ بعواقبها، خلافًا لسلفيه.

وكان جورج بوش الابن زار بعد أيام قليلة من هجمات 11 سبتمبر 2001 التي تبناها تنظيم القاعدة مسجدًا في واشنطن ألقى فيه خطابًا لا تزال كلماته محفورة في ذاكرة الكثيرين. وقال يومها الرئيس الجمهوري: "الإسلام هو السلام"، مشددًا على أن "وجه الإرهاب" لا يمت بصلة إلى هذه الديانة التي يؤمن بها مئات الملايين حول العالم.

أما باراك أوباما فاختار في يونيو 2009 في مطلع عهده جامعة القاهرة ليلقي منها خطابًا تناول فيه نظرته إلى الإسلام. يومها استهل الرئيس الديموقراطي خطابه قائلًا بالعربية "السلام عليكم"، متوجّهًا إلى مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، قبل أن يدعو إلى وضع حد "لحلقة الارتياب والشقاق"، مضيفًا "جئت أبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم".

ومن المتوقع أيضًا أن يغتنم ترمب هذه الفرصة لاعتماد لهجة أكثر شدة تجاه إيران، الأمر الذي سيسعد دول الخليج العربية التي تخشى النفوذ المتزايد لجارتها اللدود.

وصباح الاثنين، يغادر الرئيس الأميركي الـ45 الرياض متوجّهًا إلى إسرائيل، المحطة الثانية في جولة مثقلة جدًا بالمواعيد تقوده أيضًا إلى كل من الأراضي الفلسطينية والفاتيكان، إضافة إلى بروكسل وصقلية، حيث سيشارك في قمتي حلف الأطلسي ومجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى.

ولكن داخل الولايات المتحدة تخيّم على رحلة تر-مب ارتدادات الزلزال السياسي الذي أحدثه في واشنطن بإقالته مدير "إف بي آي" والهزات التي ما زالت تتوالى فصولًا، وأبرزها التحقيق بوجود صلات بين أعضاء من فريقه وروسيا.


&