ربوه: تعرب الاقليات الدينية التي غالبا ما يتم تجاهلها في باكستان عن الامل في ان يمنحها الاحصاء الجاري في البلاد بعض المكانة التي تفتقدها، لكنها تتخوف في الوقت نفسه من التعرض لمزيد من الاخطار.

وأجري آخر احصاء للسكان في باكستان قبل حوالى 20عاما، ويسود الغموض الكبير في الوقت الراهن حيال عدد المسيحيين والهندوس والاحمديين والسيخ واتباع الأديان الاخرى الذين يعيش عدد كبير منهم بعيدا من الانظار.

وغالبا ما يعيش هؤلاء الافراد المهمشون اقتصاديا، في اطار الخشية من التعرض لهجمات يشنها اسلاميون، او من اتهامهم بالتجديف او الكفر الذي يعد موضوعا بالغ الحساسية في باكستان.

وتشير ارقام مثيرة للجدل الى شريحة تتراوح بين مليونين الى 10 ملايين مسيحي، ومن 2,5 الى 4,5 ملايين هندوسي، ونحو 500 الف من الاحمديين، من اجمالي نحو 200 مليون باكستاني.

ويشكل مجموع الاقليات حوالى 5% من اجمالي عدد السكان، وفقا للتقديرات.

وستتيح الحملة الحالية للاحصاء التي بدأت في اذار/مارس، تصحيح الخريطة الانتخابية وتوزيع الميزانيات الوطنية وحصص النواب والوظائف الحكومية.

وستتيح بالتالي، كما قالت نانسي شتيغلر، المستشارة في صندوق الامم المتحدة للسكان، "فهما افضل لحاجات المجموعات الفرعية المحددة" واطلاق البرامج الملائمة.

ويثير هذا الاحصاء الكبير والسياسي بامتياز الذي يشارك فيه 300 الف مدني وعسكري الكثير من الامال والمخاوف لدى الفئات المهمشة.

ويعد ساجد كريستوفر، الناشط المسيحي، من فئة المتفائلين.

وقال لفرانس برس في حي يوحنا آباد في لاهور، اكبر مدينة مسيحية في باكستان، ان "الاحصاء سيفيدنا بطريقتين. اولا، سنعرف عددنا بالضبط".

واضاف "ثانيا، سيزداد تمثيلنا في البرلمان بالنظر الى عددنا".

وتخصص للاقليات في الوقت الراهن 10 من 342 مقعدا في الجمعية الوطنية. ولم يتغير هذا الرقم منذ 20 عاما، فيما ازداد في هذا الوقت عدد النواب بنسبة الثلث.

ويقول الاساقفة في باكستان ان ممارسة المسيحيين "حقوقهم" مسألة حيوية.

-معضلة وخطر-لكن آخرين يعتبرون ان الاحصاء يمكن ان يكون ايضا مصدر توتر، وبالتالي يشكل خطرا.

وهذا ما يواجهه الاحمديون، الاقلية المسلمة التي تعتبر رسميا كافرة لإيمانها بنبي سابق للنبي محمد، وهذا ما يعرضها غالبا للاضطهاد.

ويشكل الاحصاء معضلة حقيقية لهؤلاء المؤمنين الذين يمنعون من ممارسة شعائرهم الدينية المرتبطة بالاسلام.

وهذا ما حصل في نيسان/ابريل لدى مرور فرق الاحصاء في بالوشستان (جنوب غرب)، كما قال لوكالة فرانس برس، سليم الدين الناشط في هذه الاقلية.

وقد طرد مواطن اعلن انتماءه الى الطائفة الاحمدية، من مسجد أجري فيه الاحصاء. وبعدما بات هدفا لحملة حقودة، اضطر للفرار مع عائلته. ومذاك "يعيش مختبئا"، كما قال سليم الدين لوكالة فرانس برس.

لكن تجنب اعلان الانتماء الصريح، يشكل خطرا آخر. فبموجب القانون الباكستاني، يحكم بالسجن ثلاث سنوات على أحمدي يعرف عن نفسه بأنه مسلم.

-طبقات دنيا-اما الهندوس، فيشعرون بالقلق لأن الاحصاء يصنفهم في فئتين مختلفتين، هما "الهندوس" او "الطبقات الدنيا". ويعني هذا التعبير مجموعات عائلية هندوسية محرومة.

ويتهم قابيل ديف، الناشط في سبيل حقوق الهندوس، الحكومة بتقسيم مجموعته لاضعافها.

وبالاضافة الى هاتين الفئتين، تعرض استمارة الاحصاء الخيارات المسلمة والمسيحية والاحمدية او "سواها" على حساب اقليات كثيرة مثل السيخ.

وهذا ما حمل الناشط راديش سينغ طوني من السيخ الى رفع دعوى في إحدى محاكم بيشاور (شمال غرب) للمطالبة بإحصاء افراد مجموعته على حدة. وحسمت المحكمة الدعوى لصالحه، لكن الاحصاء كان قد بدأ، ويعرب راديش عن تشاؤمه.

وقال لوكالة فرانس برس ان "الحكومة دائما ما تجاهلت القرارات القضائية في السابق".

وعلى صعيد المسيحيين، يعتبر عددا منهم ان امكانية تحسن اوضاعهم ضئيلة حتى لو تم أحصاؤهم بنزاهة، ما لم تتطور العقلية حيال غير المسلمين.

وقال التاجر برويز جاذبي (37 عاما) في اسلام اباد، ان "المسلمين لا يستطيعون التعامل إلا مع مسيحي متفوق، مثقف ويشغل وظيفة مهمة".

واضافت الطالبة المسيحية سانيا نشتار ان "هذا التمييز ما زال مستمرا".