بروكسل: يأمل قادة الاتحاد الاوروبي وحلف الاطلسي خلال اجتماعهم الاول مع الرئيس الاميركي دونالد ترمب في بروكسل الخميس تبديد الخلافات بين الطرفين مستعدين في الوقت نفسه للاسوأ.

والارتياب واضح في بروكسل، التي وصفها ترمب في احدى المرات بالمدينة "الفوضوية" الخطيرة، على اعتبار انه انقلب على ثوابت علاقات بلاده طويلة الامد الواحدة تلو الاخرى.

وخلال حملته الانتخابية، وصف ترمب حلف الاطلسي الذي تمكن خلال السنوات السبعين الماضية من الحفاظ على السلام في أوروبا، بانه "عفا عليه الزمن" وغير قادر على التعامل مع التهديد الحقيقي الذي يمثله الإرهاب، فيما اتهم حلفاءه بعدم الوفاء بالتزاماتهم المالية.

واما بالنسبة الى اوروبا، فدعم تصويت بريطانيا المفاجئ لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي معتبرا ان التكتل مصيره الانهيار تحت وطأة تناقضاته الداخلية.

ولكن الرئيس تراجع منذ ذلك الحين عن بعض هذه المواقف.

إلا أن المحللين يشيرون إلى أن تراجعه يشكل جزءا من المشكلة. 

فأي وجه من ترمب سيطل على المجتمعين في بروكسل؟

وفي هذا السياق، يؤكد ماركوس كايم من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين "أعتقد أن الجميع لا يزالون يسألون أنفسهم عن ماهية سياسة ترمب بشأن حلف شمال الأطلسي والاتحاد الاوروبي".

وما يزيد من الارتياب ان ترمب غارق في فضيحة سياسية رئيسية بشأن علاقاته بروسيا.

- اجتماع الاتحاد الاوروبي سيكون الأصعب -سيلتقي ترمب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ورئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر صباح الخميس. 

وسيتوجه بعد ذلك إلى مبنى المقر الجديد لحلف شمال الأطلسي الواقع على أطراف بروكسل لاجتماع الدول الاعضاء في الحلف الـ28، وبينهم 22 دولة من اعضاء الاتحاد الاوروبي.

 ومن ناحيته، يقول مدير معهد "كارنيغي اوروبا" في بروكسل توماس فالاسيك إن بين الاجتماعين، هناك احتمال أكبر أن "تسوء الأمور" خلال لقائه مع دول الاتحاد الاوروبي. 

وأضاف المحلل "لم نر قط سياسة تهدف إلى تقويض حلف شمال الأطلسي (اتخذها ترمب)، ولكن لا يمكن قول الشيء ذاته بالنسبة للاتحاد الاوروبي". 

وقال أنه بالنسبة لاجتماع حلف الأطلسي، فالنتيجة الأفضل المتوقعة (...) ستكون أن الحلف لن يصبح باليا وسيظل كبيرا ورائعا ومهما". 

وأما "النتيجة الأسوأ فستكون احتمال أن يتم قول أشياء، إما خلال الاجتماع أو خارجه، ومن ثم ما يلبث ان يتراجع عنها وهو ما سيغذي الشكوك بشأن التزام الولايات المتحدة تجاه التحالف". 

وسيكون الاختبار الرئيسي بشأن إن كان ترمب سيدعم البند الخامس الذي يشكل قلب ميثاق حلف الأطلسي والذي يقر مبدأ الالتزام بالدفاع الجماعي، كما فعل أسلافه. 

وأثار الرئيس الأميركي ضجة في السابق عندما أشار خلال الحملة الانتخابية إلى أنه سيتأكد أولا ما اذا كانت دولة تنتمي الى حلف الأطلسي تفي بالتزاماتها المالية بشكل متواصل قبل التفكير في مساعدتها. إلا أن دبلوماسيا أوروبيا طلب عدم الكشف عن هويته أكد أنه "بالمجمل، كانت الإشارات منذ تسلم ترمب الحكم أكثر ايجابية ولذا فالآمال كبيرة. ولكن كل كلمة يدلي بها ستكون تحت مجهر الحلفاء". 

- الانفاق الدفاعي والإرهاب -وأولويات الرئيس حيال حلف شمال الأطلسي واضحة.

فيجب أولا أن يتشارك الحلفاء مزيدا من العبء للوصول إلى الهدف المتفق عليه عام 2014 بتخصيص نسبة 2% من الناتج الاقتصادي السنوي لمجال الدفاع للوقوف في وجه روسيا التي ضمت شبه جزيرة القرم الاوكرانية آنذاك.

وثانيا، يطالب ترمب حلفاء الأطلسي بالتركيز على التهديد الإرهابي والموافقة على انضمام الحلف رسميا إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. 

وانضمت جميع الدول الأعضاء في حلف الأطلسي إلى التحالف بشكل فردي، ولكن واشنطن تطالب بانضمام الحلف نفسه للتعبير بقوة عن الدعم السياسي لعملياتها. 

وتخشى بعض الدول الأعضاء، بينها فرنسا وألمانيا بحسب مصادر دبلوماسية، من أن يتورط حلف الأطلسي بحرب ميدانية في احدى أكثر مناطق العالم خطورة وهو ما قد يقوض علاقته بالدول العربية.

ولا يرغبون كذلك بأن يتجاوز حلف الأطلسي بكثير مهمته التدريبية الحالية في العراق لينتهي به الأمر مسيطرا على العملية برمتها، كما حدث في افغانستان عام 2003. 

ومن جهته، يقول ايان ليسر الخبير في "صندوق مارشال الالماني في الولايات المتحدة" إن زيارة ترمب "ستكون حاسمة في وضع أسس مقاربة الإدارة الأميركية الجديدة في تعاطيها مع الاتحاد الاوروبي، وفوق كل شيء، حلف الأطلسي". 

وأضاف أن "الحلفاء بكل تأكيد يأملون بأن تعزز هذه الزيارة القصيرة العلاقات عبر الأطلسي بدلا من تآكلها. (ولكن) هناك خطر من أن تنحرف عن مسارها".