&إيلاف من لندن: هجوم مانشستر كان مفاجئا لدرجة أن المحللين تساءلوا لماذا مانشستر وأي أهداف للمتشددين فيها؟ وآخرون قالوا إن اختيار مانشستر محاولة يائسة من تنظيم (داعش)، بينما الحقيقة أن الخلفية التي تربط بين مانشستر والأصولية الإسلامية المتطرفة غابت ولم تخطر على بال كثير من منا.&

المنفذ المشتبه في ضلوعه في التفجير سلمان عبيدي ولد وترعرع في حي ألسمير رود وسط مانشستر، وهذا الشارع من خلال خريطة غوغل يبعد بمسافة 1600 متر فقط عن المكان الذي عاش فيه الجهادي البريطاني أبو جمال الحارث المعروف باسم أبو زكرياء البريطاني واسمه الحقيقي رونالد فبدلر والذي قتل جنوب غرب الموصل قبل ثلاثة أشهر بتفجير انتحاري.&

معقل السلفيين

هذه المدينة هي معقل للسلفيين في بريطانيا منذ عشرين عاما على الاقل... تحقيقات سابقة قامت بها صحيفة الغارديان اثبتت أن ستة عشر "جهاديا" ممن قتلوا في العراق وسوريا ينحدرون من مدينة مانشستر وبالتحديد من المنطقة المحيطة مباشرة بمنزل رونالد فيدلر بقطر لا يتعدى اثنين كيلومتر، وبالتالي فهمي المتواضع لمنفذ هجوم مانشستر أمس ينطلق من هذه الخفلية.

مانشستر أيضا كانت معقلا لمحمد الفاروقي الباكستاني الذي أدين في 2011 بتجنيده العشرات من الجهاديين في صفوف طالبان لقتال البريطانيين في افغانستان، والحي الذي ولد فيه سلمان عبيدي هو بالذات الحي الذي عاش فيه أيضا أحد أهم الأشخاص في الشبكات "الجهادية" التابعة لتنظيم داعش المعروفين في بريطانيا، وهو شاب صغير لا يتعدى 24 عاما، رافائيل هوستي الذي قتل العام الماضي في سوريا، وكان مغني راب وعمل على تجنيد الكثير من الجهاديين البريطانيين.&

هوستي في الحقيقة يمكن مقارنته بالجهادي الفرنسي عبد الحميد أباعود من حيث النشاط التنجنيدي في أوروبا، الحارث (أبو زكريا البريطاني) ورافائيل هوستي كانا صديقين وسافرا مع بعضهما البعض إلى غزة ضمن حملة مساندة في السابق).&

بالنسبة لأصول سلمان عبيدي الليبية وعلاقة ذلك بمدينة مانشستر فلا يعرف الكثير، لكن من المرجح أن عددا من الليبيين سافروا إلى سوريا وجاءت أخبارهم في الصحف اثناء القتال أو الاعتقال في الحرب ضد داعش.&

&

اكاليل الورود امام مانشستر آرينا استذكارا للضحايا&

&

ضاحية جمعت الارهاب

أما بالنسبة لضاحية موسسايد في وسط مانشستر التي جمعت فيدلر وهوستي وعبيدي، يوجد اسم شخص اسمه عبد الرؤوف عبدالله نشرت الغارديان والصحف البريطانية تحقيقا مفصلا عنه اثناء محاكمته بسبب علاقته بجندي بريطاني.&

كان عبد الله جرح في ثورة فبراير في ليبيا في 2011 وجاء إلى مانشستر، وسرعان ما عمل في تجنيد "الجهاديين" بعد ظهور داعش، وهو من وقف وراء تجنيد ستيفن غراي الجندي البريطاني السابق الذي عمل في حرب العراق.

&

الإعلامي عبدالعالي رقاد

&

كلا الرجلان حوكما في بريطانيا لكن ثبت أن لهما علاقة بجهاديين من مانشستر يوجدون في سوريا أو العراق ولا يعرف مصيرهم، ومن بينهم شقيق الليبي عبد الله الذي عاش هو أيضا في ضاحية موس سايد بمانشستر.

الخلاصة، أنه ليس بالضرورة لهؤلاء الأشخاص علاقة بالهجوم بشكل مباشر، لكن يجب أن تكون تفاصيل من هذا النوع أساسا للصحافة العميقة لشرح خلفيات حجوم مانشستر.&

كما أن هذا النوع من الأخبار موجود ونقرؤه باستمرار في الصحافة وأحيانا نمر عليه مرور الكرام، ويمكن بعملية بحث بسيطة التوصل إلى تقارير ومعلومات عن أشخاص وأماكن ومحاكمات وغيرها على الانترنت، لكن في الحقيقة أن هذا لنوع من الأخبار وإن كان محلي ويبدو مغمورا، هو ما يجب على الصحفيين والمحللين أ ن يحفظوه على ظهر قلب ويتأملوا فيه لأنه سيعود يوما ما ويتحول من تفصيل بسيط إلى حدث هام لفهم ما يجري.
&