إيلاف من الجزائر: لم تختلف آراء الأحزاب السياسية في الجزائر بشأن استحقاق وزير السكن عبد المجيد تبون تسميته وزيرًا أول للحكومة الجديدة المنبثقة من تشريعيات 4 مايو الماضي، بالنظر إلى أن اسمه كان ضمن قائمة المرشحين لهذا المنصب رفقة سلفه المستقيل عبد المالك سلال، إلا أنها تباينت بين الإخوان المطالبين بأن يعمل على إخراج الجزائر من الصدمة الاقتصادية التي تعيشها، وبين أحزاب الموالاة التي اعتبرته الرجل المناسب لهذه الفترة.

ويباشر تبون اليوم الخميس مهامه الرسمية، حيث سيقوم بعد تسليم المهام مع الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، بتنسيق عمل الحكومة التي يعين رئيس الجمهورية أعضاءها بعد استشارة الوزير الأول الجديد، حسب ما ينص عليه الدستور الجزائري في مادته 93.

ثقة مسبقة

ويشير الدستور الجزائري إلى أن الوزير الأول يقدم مخطط عمل الحكومة للمجلس الشعبي الوطني (البرلمان) للموافقة عليه، ويجري المجلس لهذا الغرض مناقشة عامة، ويمكن للوزير الأول أن يكيف مخطط العمل على ضوء هذه المناقشة بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

ويقدم الوزير الأول عرضا حول المخطط&نفسه أمام أعضاء مجلس الأمة مثلما وافق عليه المجلس الشعبي الوطني كما يمكن له إصدار لائحة،حسب ما تنص عليه المادة 94 من الدستور.

وتنص المادة 95 على أن الوزير الأول يقدم استقالة الحكومة لرئيس الجمهورية في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عمل الحكومة، إذ يعين رئيس الجمهورية من جديد وزيرا أول حسب الكيفيات نفسها، غير أن هذا الاحتمال غير وارد بالنظر إلى أن تبون عضو في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم والذي يحوز رفقه حليفه الرئاسي التجمع الوطني الديمقراطي.

وينحل المجلس الشعبي الوطني وجوبا في حالة عدم موافقته مجددا على المخطط المعروض عليه ،وتستمر الحكومة القائمة في تسيير الشؤون العادية إلى غاية انتخاب المجلس الشعبي الوطني وذلك في أجل أقصاه ثلاثة أشهر، كما ورد في المادة 96.

وتلزم المادة 98 الحكومة أن تقدم سنويا بيانا عن السياسة العامة للمجلس الشعبي الوطني، الذي يعرض على مناقشة عامة للنواب يمكن أن تختتم بلائحة، كما يمكن أن يترتب عنها إيداع ملتمس رقابة يقوم به المجلس طبقا لأحكام المواد 153 و154 و155.

دعم

ويلقى الوزير الأول الجديد دعما واضحا من الحزب الحاكم، بالنظر إلى أن تعيينه جاء بعد استشارته رفقة الأحزاب المساندة لهن وفق بيان التعيين الذي أشار إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كلف تبون وزيرا أول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية.

واعتبر قياديون في الحزب الحاكم تعيين تيون وزيرا أول اختيارا موفقا، بالنظر إلى تجربته الطويلة في تقلد العديد من المسؤوليات في عدة وزارات أو لعدة مرات. وتبون هو خريج المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرج منها معظم المسؤولين الكبار في الدولة.

من جانبه قال الوزير الأول المستقيل عبد المالك سلال في تغريدة على تويتر " المهمة التي أسندها لي فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، يوم 3 سبتمبر من عام 2012 اختتمت لتوها، سلمت المشعل لصديقي عبد المجيد تبون الذي له كل القدرات للنجاح و أتمنى له حظا سعيدا".

وأضاف سلال "و أستغل المناسبة لتقديم خالص تحياتي و تشجيعاتي لكل أعضاء الحكومة و كافة الإطارات،وأقدم كل احتراماتي وتقديراتي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الثقة التي وضعها في شخصي و الذي وهب كل شيء لتحيا الجزائر دائما".

وأردف قائلا "أشعر بارتياح كبير لما قدمته في حياتي و بدون انقطاع في عمل الخير و البعد عن الكراهية لتقريب القلوب".

رسالة الإخوان

أما حركة مجتمع السلم (حمس)، فحرصت بعد تهنئة تبون بمنصبه الجديد على تذكيره بالتحديات الواجب كسب رهانها، خاصة ما تعلق بالشأن الاقتصادي.

وقال رئيس حمس عبد الرزاق مقري في تصريح مكتوب لدى "إيلاف" على إثر تعيين عبد المجيد تبون وزيرا أول في الحكومة " نعتبر أن الحصائل الحكومية السابقة من حيث البرنامج والقرارات والأداء كانت في مجملها سلبية على حاضر الجزائر ومستقبلها، بالنظر لعجزها (كل على قدر مسؤوليته) على استغلال الفرص التمويلية الضخمة والظروف السياسية والمجتمعية الرائعة التي أتيحت للسلطات القائمة إذ أصبحنا اليوم أمام أزمة كبيرة قد تكون آثارها صعبة على الشعب الجزائري واستقرار البلد لا قدر الله".

ودعا مقري إلى وجوب " أن يطلع الرأي العام على الحصائل السابقة بمصداقية ومسؤولية وشفافية".

وأكد مقري أن "الأزمة الجزائرية القائمة وحالة الإخفاق الواضحة لا تعالج بتغيير الأشخاص فقط، بل خصوصا بتغيير طريقة الحكم وثقافة الحاكم وبوجود رؤية قادرة على تحقيق الانتقال الاقتصادي والانتقال السياسي كالذي عرضته حركة مجتمع السلم في برنامجها الانتخابي ولا يحقق هذا إلا التدافع الديمقراطي الذي يضمن الرقابة على الشأن العام".

وحرص مقري على التأكيد أن حركته ستواصل تمركزها في جانب المعارضة رغم رحيل سلال الذي فشل في إقناعها بدخول الحكومة.

وقال "ستؤدي الحركة تجاه الحكومة الجديدة دورها الدستوري والقانوني كمعارضة سياسية مسؤولة وذات مصداقية تعتمد على النقد البناء ومحاربة الفساد 'والنصيحة وتقديم الأفكار والبدائل والتعاون مع الجميع بما يحقق مصلحة الجزائر أولا وآخرا".

ودعا مقري "الحكومة الجديدة إلى اعتماد الحوار مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين لتجاوز الأزمة القائمة والأزمات المتوقعة بدل القرارات الفوقية وفرض الأمر الواقع".