«إيلاف» من الرباط: مع أول أيام رمضان، اقتنع أغلب المغاربة بأن برامج هذه السنة على قنواتهم التلفزيونية ، بمناسبة الشهر الكريم، خصوصاً تلك التي يتم عرضها في أوقات الذروة، التي تصادف إفطارهم الرمضاني، ستكون متواضعة حالها حال السنوات الماضية؛ لذلك رأوا آمالهم تتلاشى في مشاهدة منتوج فني يلائم انتظاراتهم، لجهة أنه عوض أن يتفكهوا بما يقدم، من فقرات فنية، وجدوا أنفسهم يتفكهون على ما يقدم؛ مشيرين إلى أن فكاهة رمضان، بشكل خاص، تبدو كما لو أنها برمجت للضحك عليهم وليس لإضحاكهم. بل اكثر من ذلك، وجه النائب هشام سعنان،ممثل دائرة آسفي بالبرلمان ، وعضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، رسالة إلى رئيسة الهيئة العليا للاتصال المسموع والمرئي، في موضوع "حول إساءة سيتكوم "الخاوة" بالقناة الثانية لساكنة آسفي"، دعاها فيها، "من منطلق المسؤولية التي تتحملها الهيئة العليا للاتصال المسموع والمرئي، في مراقبة اختلالات من هذا القبيل"، إلى "التدخل لحفظ كرامة الآسفيين، ورد الاعتبار لهم، مما يلحقهم من إساءة عبر سلسلة "الخاوة"".

إساءة

مما جاء في رسالة النائب البرلماني أن "سكان آسفي قد راهنوا على هذه السلسلة من أجل الترويج الثقافي والسياحي الإيجابي للمدينة، بعد اطلاعهم على خبر تصوير السلسلة المذكورة بمدينة آسفي"، غير أنه، بعد بث الحلقة الأولى، "صدم الآسفيون، بأن مخرج هذه السلسلة راهن على الإساءة لأهل آسفي والمنطقة ككل من خلال الاستعمال الخاطئ للــّــهجة الآسفية، واستعمال بطلة السلسلة، لكنة وبقدر ما تبتعد كلياً عن لكنة الآسفيين، فإنها لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد لمنطقة آسفي وأهلها".

وزاد سعنان قائلاً: "ومما زاد من توسيع دائرة السخط والغضب على السلسلة المذكورة، أن مخرجها حاول اختراق الثقافة الآسفية، في فن العيطة فقط، رغم أن آسفي، والتي سماها ابن خلدون بحاضرة المحيط، سجلت اسمها عبر التاريخ بمداد الفخر، والمواقف المجيدة في وجه الاستعمار، واحتضانها لأحداث عالمية كبرى مؤثرة. كما أن آسفي، وعلى خلاف ما تسوقه السلسلة المذكورة، تستحق المكانة الأكبر، والترويج لما تتوفر عليه من طاقات مبدعة خلاقة، وإمكانيات اقتصادية سياحية، ثقافية، رياضية، تزيد من استحقاقها للقب حاضرة المحيط".

الساهر و"علب الكبريت"

لعل ما يميز غضب وانتقادات المغاربة لما يقترحه عليهم تلفزيونهم، بمناسبة رمضان هذه السنة، أنهم أضافوا إلى لائحة انتقاداتهم للفكاهة انتقادهم لفقرة الإشهار(الاعلان) ، مركزين، بشكل أساسي، على توقيتها والمبالغة في عرضها، علاوة على مشاركة بعض نجومهم المفضلين، خاصة الفنان العراقي كاظم الساهر الذي استهجن كثيرون أن يظهر في إعلان إشهاري لشركة متخصصة في العقار.

وكتب الشاعر والروائي والقاص عبد العزيز الراشدي، على صفحته بـ"فيسبوك"، منتقداً أن يصير "وقت الذروة بأكمله في عُهدة الاشهار.. يأكل من الزمن الروحي لفترة الفطور الرمضاني. ليس من حقّك السكينة وأنت تبتلع السفوف والبغرير والشباكية. عليك أن تبتلع معهما طنّا من الإشهار"، مشدداً، بشكل خاص، على "القناة المغربية الأولى" و"القناة الثانية" و"ميدي آن تي في"، مستهجناً أن "يبيع" كاظم الساهر تاريخه لمجموعة عقارية "تبيع شققاً مثل علب الكبريت".

ضعف خيال

وكتب الباحث يحيى اليحياوي: "بمجرد انتهاء آذان المغرب على القناة الثانية، تنهال علينا موجة من الإشهارات، تنسينا رمضان وطقوس رمضان. كنت أمني النفس بدعاء أو ابتهال من بضع ثوان مباشرة بعد الآذان، فإذا بالإشهار يجر في سيوله الدين والأخلاق والسلوك".

من جهته، اختار الشاعر عبد الرحيم الخصار أن يركز انتقاده على ضعف خيال وتواضع مستوى فقرة "الكاميرا الخفية"، حيث كتب: "إذا أردت أن تعرف المعنى الحقيقي للغباء وللبلادة عليك أن تشاهد حلقة الكاميرا الخفية التي بثتها القناة المغربية الثانية".

نغمة التنافس

واستعادت القنوات التلفزيونية المغربية، هذه السنة، جرياً على عادتها في شهر رمضان الكريم، نغمة التنافس بينها لتحقيق أعلى نسب المشاهدة متوسلة، في سبيل ذلك، إنتاجات كوميدية، في الغالب، تنطلق في بثها قبل موعد الإفطار، لتتواصل إلى ما بعده، فيما تتخللها وصلات إعلانية، يتركز بثها في أوقات الذروة، التي تصادف موعد الإفطار، يلعب "بطولتها" فنانون معروفون، مغاربة وعرب، أبرزهم العراقي كاظم الساهر والمغربية أسماء المنور.

ورغم أن أمر المشاهدة صار مفتوحاً، تلفزيونيا ، على فضاء خارجي واسع، يجذب شريحة واسعة من المغاربة، خاصة على مستوى الفضائيات العربية، فقد جرت العادة أن تتركز المنافسة وطنياً، بين القناتين الأولى والثانية، بشكل خاص: الأولى التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون ،التي تضم باقة قنوات تشمل، فضلاً عن الأولى، القناة الثالثة الرياضية والرابعة الثقافية والخامسة "المغربية" والسادسة، أو قناة محمد السادس للقرآن الكريم التي هي قناة مغربية متخصصة في الشؤون الإسلامية (تلاوة القرآن البرامج والوثائقيات والمسلسلات الدينية)، والسابعة المتخصصة في الأفلام، والثامنة الأمازيغية، علاوة على قناة العيون وهي قناة تلفزيونية جهوية يوجد مقرها بمدينة العيون وتقوم بتغطية الجهات الجنوبية الثلاث بالمغرب وكان تم إطلاقها في 6 نوفمبر من العام 2004 بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء؛ والقناة الثانية (التي تعرف بين المغاربة بـ"دوزيم") التابعة لشركة صورياد، وبدرجة أقل قناة "ميدي 1 تيفي".

نفس الوجوه، تقريباً

مع إطلالة أول أيام رمضان، لهذا العام، يلاحظ على شبكة البرامج الرمضانية أن أغلب موادها، خاصة في القناتين الأولى والثانية، هي إنتاجات وطنية، تعتمد وجوها اعتاد عليها الجمهور المغربي في السنوات الماضية، معظمها فكاهية التوجه، من قبيل دنيا بوطازوت ومحمد الخياري وعزيز حطاب وكمال كاظمي، مع الاستثمار في بعض الأعمال التي قدمت، في وقت سابق، من قبيل مسلسلي "سر المرجان" على القناة الثانية، و"دار الغزلان" على القناة الأولى.

فبالنسبة للقناة الثانية، التي اعتادت، في مثل هذا الشهر، أن تحقق أعلى نسب المشاهدة، مقارنة بالأولى، من خلال بعض الإنتاجات التي حققت صدى طيباً لدى المغاربة، من قبيل سلسلة "الكوبل"، مثلاً، تقترح هذه السنة برمجة خاصة، تعتمد فيها على مسلسل "سر المرجان"، الذي يعود في جزئه الثاني، والذي هو من إخراج شوقي العوفير وبطولة سامية أقريو وكريمة غيت ونورا الصقلي وهشام رستم وعمر لطفي والسعدية لديب وأمين الناجي ومليكة العمري وعبد الله ديدان؛ وسلسلة "الخاوة" الفكاهية، بمشاركة كمال كاظمي وعزيز حطاب ومحمد الخياري ورشيد رفيق وسكينة درابيل وليلى حديوي وبديعة الصنهاجي ودنيا بوطازوت وسيمو الكاما، وإخراج ادريس الروخ؛ وكذا السلسلة الكوميدية "حديدان في كليز"، من بطولة كمال كاظمي، والتي تدور أحداثها حول "حديدان"، الذي انتقل عبر حفرة اختبأ فيها هارباً من أحد ضحاياه، لتقذفه مسافراً عبر الزمن، ليجد نفسه في مدينة مراكش حيث سيلتقي بحفيده.

وفضلاً عن أمسيات فكاهية مع كوميديين شباب، في "جمال كوميدي كلوب"، الذي يقف خلف فكرته الفكاهي الشهير جمال الدبوز، يقدمها الفكاهي إيكو، بهدف توفير فرصة للمواهب الجديدة الواعدة في الكوميديا، لإبراز قدراتها في هذا المجال، تقترح القناة الثانية، مواقف ضاحكة، من خلال مقالب كاميرا خفية توقع بألمع النجوم في "مشيتي فيها"، فيما تعتمد "باش تعرف راسك" مواقف مضحكة وغريبة مستوحاة من الواقع اليومي، بلهجة عامية تختلف حسب المواقف، تسعى إلى كشف مساوئ وعيوب بعض الممارسات اليومية للأشخاص أو تلك التي في الفضاءات العامة.

أما القناة الأولى، فتقترح، من جانبها، برمجة متنوعة، بينها "الله يسامح"، من إخراج علي مجبود وبطولة عزيز الحطاب ورفيق بوبكر وثورية علوي وفاطمة أوشاي؛ و"حنان نيت"، التي تعود من خلالها الفنانة حنان الفاضلي من جديد إلى الشاشة بميولاتها الفنية، من خلال حكايات ساخرة، عبر شبكات التواصل الإجتماعي، في إطار مألوف لمستخدمي الشبكة العنكبوتية، تتقمص فيه دور "البركاكة"، التي، في كل حلقة، تخاطب الناس عبر كاميراتها لتتقاسم معهم مزاجياتها الفكاهية.

كما تقترح القناة الأولى الجزء الثاني من مسلسل "دار الغزلان"، من إخراج ادريس الروخ وبطولة أسامة بسطاوي ومريم زعيمي ومحمد خيي ودنيا بوطازوط ونورة الصقلي ومحمد الشوبي؛ فضلاً عن مسلسل "المدير العام"، من إخراج داني يوسف وبطولة بشير واكين وطارق البخاري وبنعيسى جراري وفاطمة الزهراء لحرش وبشرى أهريش؛ والسلسلة الفكاهية "بابو على بابي" من إخراج محمد نصرات وبطولة عزيز الحطاب ورشيد رفيق وكريمة أولحوس؛ ومسلسل "الآنسة فريدة" من إخراج محمد أمين وبطولة منى ونفيسة بنشهدة وربيع القاطي وفاطمة وشاي.