«إيلاف» من القاهرة: يؤيد قراء «إيلاف» محاكمة من يصدرون فتاوى تكفير الآخر جنائيًا، بتهمة "ازدراء الأديان"، وجاء ذلك ردًا على انتشار فتاوى التكفير واستباحة الدماء في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ما أدى إلى ظهور العديد من الجماعات المتطرفة، التي تقتل على الهوية الدينية.

بينما تنتشر الجرائم الإرهابية في مختلف أنحاء العالم، يرى المحللون أن فتاوى تكفير الآخر، السبب المباشر في شيوع الكراهية والعنف. ومن هذا المنطلق، يؤيد قراء "إيلاف" محاكمة من يصدرون الفتاوى التكفيرية بتهمة ازدراء الأديان.

طرحت "إيلاف" السؤال التالي على القراء: هل تؤيد محاكمة مصدري فتاوى التكفير بتهمة ازدراء الأديان؟، وخيّرتهم بين "نعم" و"لا".

شارك 1392 قارئًا في الاستفتاء، وأيدت الأغلبية العظمى وتقدر بـ 1276 قارئًا، بنسبة 92 بالمائة، محاكمة مشايخ التكفير بتهمة "ازدراء الأديان"، بينما رفضت الأقلية وتقدر بـ116 قارئًا، بنسبة 8 بالمائة محاكمتهم.

في مصر، ونتيجة لانتشار فتاوى التكفير، يتعرض الأقباط إلى هجمات إرهابية شرسة، منذ منتصف العام 2013، في أعقاب اندلاع ثورة 30 يونيو، وإسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين.

ووقعت أكثر الهجمات شراسة خلال نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي، ومنها تفجير انتحاري في الكنيسة البطرسية بالقاهرة، ما أدى إلى مقتل 29 شخصًا.

وتزامنًا مع احتفال الأقباط بـ "أحد السعف" يوم 9 أبريل الماضي، فجر انتحاريان آخران نفسيهما في كنيستي مارجرجس في طنطا، والمرقسية في الإسكندرية، وأسفرا عن مقتل نحو 47 شخصًا، وإصابة نحو 125 آخرين.

وقتل 28 قبطيًا يوم الجمعة الماضي 26 مايو الجاري، عندما هاجم مسلحون ينتمون إلى تنظيم "داعش" حافلة تقل مجموعة من الأقباط في طريقهم إلى زيارة دير الأنبا صموئيل المعترف في محافظة المنيا.

وتقدر دراسة صادرة عن دار الإفتاء، الفتاوى التكفيرية التي صدرت خلال السنتين الأخيرتين، بـ5500 فتوى. وأوضحت الدراسة أن علماء الأزهر العاملين في مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتطرفة، حللوا وفندوا نحو 5500 فتوى، أصدرها المتطرفون خلال سنتين، تحدد العلاقة في التعامل بين المسلمين وغير المسلمين وتضعها في دائرة ضيقة جدًّا.

وأضافت الدراسة أن 70% من تلك الفتاوى تحرِّم التعامل مع غير المسلمين، بينما 20% تضعها في إطار المكروه، في حين توجد 10% فقط من تلك الفتاوى تقع في دائرة الإباحة.

وحسب الدراسة التي تمت ترجمتها لنحو 11 لغة أجنبية، أن المسلمين الأوائل تعايشوا مع كل الناس بصرف النظر عن معتقداتهم، والتجربة المصرية كانت رائدة في ذلك الإطار على مر التاريخ في بناء أرضية مشتركة بين المصريين جميعًا.

مؤخرًا، أطلق الداعية الإسلامي الشهير، الشيخ سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف السابق، فتوى اتهم فيها المسيحيين بـ"الكفر"، وأثارت تصريحاته عبر برنامجه "المسلمون يتساءلون" بقناة المحور، عاصفة من الغضب في أوساط المصريين. وأنهت قناة المحور الفضائية التعاقد معه، وقررت وزارة الأوقاف منعه من الخطابة في المساجد، وتقدم محامون ببلاغ ضده إلى النائب بتهمة ازدراء الأديان.

فتاوى التكفير

وحسب وجهة نظر الناشط في الدفاع عن الأقباط، نجيب جبرائيل، فإن مصدري فتاوى التكفير لا يختلفون عمن يحملون القنابل والأحزمة المخففة أو من يطلقون النار على الأطفال والنساء، مشيرًا إلى أن فتاوى التكفير هي السبب الرئيسي وراء استباحة دماء الأقباط.

وتقدم النائب طارق الخولي، ببيان عاجل إلى مجلس النواب، بسبب انتشار فتاوى التكفير، التي أدت إلى تعرض الأقباط للقتل، وقال لـ"إيلاف" إنه تقدم بالبيان إلى رئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية والأوقاف، مشيرًا إلى أنه في أعقاب كل اعتداء إرهابي يتجدد الإمعان في سبل تجديد الخطاب الديني، وإيقاف سيل الفتاوى التكفيرية.

وأضاف أن "مجموعات من المتأسلمين يؤولون النصوص الدينية بتفسيرات ذاتية تمكّنها من الوصول إلى السلطة، مستخدمين أحط السبل من الدسائس إلى القتل واستمالة الأشخاص بالمال أو الإرهاب والنفاق والكذب على الله"، مشيرًا إلى أن هناك دولاً تدعم التشدد والتكفير.

وبالإضافة إلى محاكمة مصدري فتاوى التكفير بتهمة "ازدراء الأيان"، قال الخولي، إن انتشار جرائم الإرهاب تفرض على الأزهر وجميع علمائه مضاعفة جهود تجديد الخطاب الديني.

ودعا إلى ضرورة تسليط الضوء حول الأهداف السياسية لعملية المنيا الإرهابية، مضيفًا: منذ ثورة 1919 وحتى الآن يلعب المتربصون على وتر الطائفية لضرب العلاقة الوثيقة بين مسلمي ومسيحي مصر، ومن ثم السعي نحو إسقاط الدولة المصرية، وهو ما حدث في عمليات تفجير الكنائس مؤخرًا، بالإضافة الى سلسلة عمليات حرق الكنائس بعد فض اعتصام رابعة، إلا أن عنصري الأمة كانوا ومازالوا نموذجًا يحتذى به في التسامح والتعايش"، على حد تعبيره.

ويعاقب القانون المصري مصدري فتاوى التكفير بالسجن، وحسب نص المادة 98 من قانون العقوبات، فإنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز الـ5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز الـ1000 جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار منطوقة بقصد الفتنة أو تحقير أو ازدراء الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي".