«إيلاف» من لندن: حذر رئيس التحالف الشيعي العراقي الحاكم عمار الحكيم من خطورة تفجر الصراع السعودي الايراني الحالي ليحرق المنطقة، داعيًا البلدين الى اللجوء للمفاوضات والتوصل لتفاهمات رافضًا تأجيل الانتخابات العامة وداعيًا لكشف رافعي شعار مكافحة الفساد في ما هم غارقون فيه.

وقال الحكيم، في كلمة له الليلة الماضية، بالذكرى السنوية لوفاة والده رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عبد العزيز الحكيم، إن المنطقة ذاهبة الى مصير مجهول بعد موجة التصعيد التي تعيشها حاليًا بسبب الصراع السعودي الايراني، داعيًا البلدين الى الجلوس على طاولة الحوار والاخذ بتجربة الصراع الاوروبي الداخلي، الذي لم يخلف منتصرًا، واستبدل بالتكامل الاقتصادي والسياسي.

واضاف الحكيم قائلاً: " لا نرى مصلحة لأي طرف من الأطراف في تعميق التقاطعات بين إيران والسعودية، فهما دولتان إسلاميتان كبيرتان على ضفتي الخليج". وتساءل قائلاً "لماذا لا نتعظ من تجارب العالم ومنها تجربة أوروبا والعداء المستحكم بين الدول الكبيرة، الذي راح ضحيته عشرات الآلاف في حربين عالميتين، وفي النهاية لم تستقر أوروبا إلا حين تحولت المنافسة إلى شراكة والتقاطعات إلى مساحات للعمل المشترك". وناشد السعودية وايران الجلوس على طاولة واحدة ووضع المخاوف والاتهامات المتبادلة للبحث والنقاش والوصول إلى الحد الأدنى من التفاهمات.

وحذر من أن "اشعال الجبهات لن يؤدي إلا الى المزيد من الدمار في المنطقة وحرق المليارات على شراء الأسلحة، بدلاً من استثمارها في التنمية والاعمار".. لافتًا الى ان "التفهم المشترك للمخاوف والقلق السعودي الإيراني هو الوسيلة الوحيدة للالتقاء". واشار الى أن "الدول الكبرى تنطلق من مصالحها والتصعيد القائم سيجعل دول المنطقة رهينة تحالفاتها الدولية، ما يقلص مساحة استقلال القرار السياسي الوطني في المنطقة". وقال "إننا نؤمن ان الحكمة متوفرة لدى الطرفين والطرق سالكة بينهما، ولكن الامر يحتاج الى قرار شجاع للتحرك باتجاه بعضهما، فالمنطقة تقف على حافة حريق كبير اذا لم يتدارك العقلاء في الطرفين الأمور، ويعيدوا التواصل والحوار".

وكان الحكيم عرض في 23 ابريل الماضي توسط العراق لفتح حوار مباشر بين العرب وايران، مؤكدًا اهمية ايجاد تكاملية بين المرجعيتين الشيعية في النجف والسنية للازهر في مصر لوضع استراتيجية فكرية ودينية موحدة للقضاء على التطرف والارهاب . ودعا الى تحديد مساحات النفوذ وفتح حوار مباشر بين العرب وايران وعدم النظر الى ايران على أنها عدو . وأكد استعداد العراق للتوسط من اجل بدء هذا الحوار مع ايران. ومن المعروف ان العراق يرتبط بعلاقات قوية مع ايران على مختلف الصعد، كما بدأ مؤخرًا خطوات حثيثة لاستعادة دوره العربي والاقليمي. 

لا تأجيل للانتخابات

واكد الحكيم عن رفضه لأي تاجيل للانتخابات النيابية المقبلة المقررة في ابريل من العام المقبل لافتًا الى ان القبول بتأجيل الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات المنتظرة في 16 سبتمبر المقبل جاء بسبب الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد، وهي تخوض حربًا ضد الارهاب ونزوح حوالي اربعة ملايين مواطن من مناطقهم . وحذر من أن تأجيل الانتخابات سيقود العراق الى فراغ دستوري متعهدًا بالعمل داخل التحالف الوطني "الشيعي" وباقي القوى السياسية لانضاج قانوني الانتخابات المنتظرين في استحقاقيها المحلي والنيابي واختيار مجلس جديد لمفوضية الانتخابات.

واعتبر الحكيم وهو رئيس المجلس الاعلى الاسلامي الفساد الاداري والمالي اخطر من الارهاب وفتاواه التكفيري .. مشيرًا الى ان الفساد يضعضع ثقة الناس بالدولة والمؤسسات ويكرس الاحباط والتشكيك بالجميع .. لافتًا الى ضرورة كشف الذين يرفعون شعار مكافحة الفساد في ما هم غارقون فيه.

لا حماية للخارجين على القانون حتى اذا شاركوا في الانتصارات

وعن المعارك الحالية في الموصل لتخليصها من قبضة تنظيم داعش، اشار الحكيم الى ان الانتصار الاكبر هو في الحفاظ على المنجز المتحقق بعيدًا عن التشويه والتشويش .. مشددًا على ان الخارجين على القانون لا حصانة لهم، ولن يسمح لأحد باختطاف الدولة مهما كان دوره في تحقيق الانتصار على الارهاب، في اشارة على ما يبدو الى مليشيات ضمن تشكيلات الحشد الشعبي تقوم بتنفيذ عمليات اختطاف، حيث كان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد أقر مؤخرًا بضلوع عناصر في الحشد في عمليات خارجة على القانون، ومنها الاختطافات التي تشهدها البلاد بين الحين والآخر.

وكان عبد العزيز الحكيم قد توفي في أحد مستشفيات طهران، التي عولج فيها من سرطان الرئة، وذلك في الخامس من رمضان عام 1430 للهجرة المصادف26 اغسطس عام 2009. وترأس الحكيم منذ عام 2003 المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عقب مقتل شقيقه محمد باقر الحكيم في انفجار استهدف موكبه في مدينة النجف جنوب بغداد