أسامة مهدي: كشف هاربون من مناطق أيمن الموصل عن تحويل تنظيم "داعش" لعين كبريت الى منصة لاعدام العوائل التي يشك بتعاونها مع القوات الأمنية أو محاولتها الهرب من مناطقه. فيما قالت بعثة "يونامي" إن أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح التي وقعت في العراق خلال الشهر الماضي ادت الى مقتل واصابة 829 مدنيا.

وقال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن تنظيم "داعش" زاد من عمليات الإعدام التي يُنفذها بحق المدنيين خلال الأيام العشرة الأخيرة بعدما ضيقت القوات الأمنية العراقية الخناق عليه في معركة تحرير المدينة القديمة في الساحل الأيمن من الموصل.

وبحسب شبكة الرصد في المرصد فإن التنظيم حول "عين كبريت" وهي عين مائية درجة حرارتها مرتفعة وتُستخدم للعلاج من بعض الأمراض الجلدية في المدينة القديمة والمطلة على نهر دجلة إلى منصة لإعدام المدنيين".

الإعدام بالأسلحة الكاتمة

وقال مدني هرب السبت الماضي من منطقة الزنجيلي خلال مقابلة مع المرصد إن "آخر اتصال أجراه مع أقاربه في الموصل القديمة كان يوم 23 مايو 2017، وتحدثوا له عن قيام تنظيم داعش بعمليات إعدام كبيرة للعوائل التي يشك بتعاونها مع القوات الأمنية أو محاولتها الهرب من مناطق سيطرته".

واضاف أن "التنظيم يستخدم الأسلحة الكاتمة في عمليات الإعدام، رغم انها أمام أعين الناس وفي أماكن عامة"، موضحا أن "هذه العمليات تُنفذ أثناء صلاة العشاء".

وقالت مصادر تواصلت مع المرصد منتصف مايو من منطقة الموصل القديمة عبر الهاتف إن "من أسباب الإعدامات التي ينفذها التنظيم ضد المدنيين، إما اتهامهم بالتعاون مع القوات الأمنية، أو عدم انصياعهم لأوامره، أو في بعض الأحيان لعدم تقديم المساعدة له، بالإضافة إلى محاولات الهرب من مناطق سيطرته".

وقال نازح من مدينة الموصل القديمة أثناء وصوله للقوات الأمنية العراقية في حي الثورة يوم الاحد الماضي إن "عين الكبريت تحولت الى عين كبريت ودم، فأعداد القتلى فيها وصل إلى ما يقارب 258 مدنيا".

اعدام 9 عوائل يوميا

واشار المرصد في تقرير له اليوم اطلعت عليه "إيلاف"، الى أن "التنظيم سيستمر حتى آخر لحظة له في الموصل بتنفيذ الإعدامات بحق المدنيين، وهذا يعني أن كل من تبقى منهم داخل مناطق سيطرته قد يواجه مصير القتل والإعدام".

واضاف "حاولنا التواصل قبل أيام مع السكان القريبين من عين الكبريت، لكن بسبب تضييق الخناق عليهم من قبل التنظيم حال دون ذلك، فعناصره يمنعون إستخدام الهواتف النقالة ويُعدم كل من يستخدمها".

مصادر إغاثية بمدينة الموصل تتواجد بالقرب من خطوط الصد في المدينة القديمة، قالت إن "التنظيم يعدم يومياً 9 عوائل تقريباً، ويترك الاطفال من دون ذويهم، فالامهات يُعدمن امام اطفالهن وترمى جثثهن في عين الكبريت".

وقال المرصد إن "أغلب عوائل المعدومين ربما لن يستطيعوا الحصول على جثث ذويهم، فبعض الجثث بدأت بالتفسخ بسبب حرارة المياه وتعرضها لأشعة الشمس وبعض المواد الحربية التي رُميت فيها من قبل عناصر داعش". واضاف أن "المدنيين يواجهون مخاطر كبيرة في البقاء داخل مناطقهم وأثناء محاولتهم الهرب من التنظيم، فهم يتعرضون للتعذيب والقتل على أيدي عناصر التنظيم".

الامم المتحدة :العنف قتل واصاب 829 عراقيا في مايو

قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ان أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح التي وقعت في العراق خلال الشهر الماضي ادت الى مقتل واصابة 829 شخصا.

وأفادت الأرقام التي سجلتها البعثة بمقتلِ ما مجموعه 354 مدنياً عراقياً وإصابة 470 آخرين جراء أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح موضحة في بيان تسلمت "إيلاف" نسخة منه ان عدد القتلى المدنيين في شهر مايو بلغ 345 شخصاً (ليس من بينهم أفراد من الشرطة)، فيما بلغ عدد الجرحى المدنيين 446 شخصاً (ليس من بينهم أفراد من الشرطة).

ومن بين هذه الحصيلة، بلغ مجموع الضحايا المدنيين في محافظة نينوى 160 قتيلاً و 52 جريحاً. وفي محافظة بغداد سقط 86 قتيلاً و 226 جريحاً، وفي محافظة البصرة لقي 13 شخصاً مصرعهم وأصيب 41 آخرون.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها البعثة من مديرية صحة الأنبار فقد بلغت جملة الضحايا المدنيين 136 شخصاً (47 قتيلاً 89 جريحاً). وقد تم تحديث إحصائية الأنبار لتشمل الضحايا الذين سقطوا حتى تاريخ 31 مايو داخل.

 

تفجير في بغداد

 

وأدان المُمثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش استمرار استهداف الإرهابيين للمدنيين قبل شهر رمضان المبارك وفي الأيام الأولى منه. وقال "إن داعش الإرهابي يلفظ أنفاسه الأخيرة في الموصل لكنه واصل مدّ يده الشريرة هناك وفي مناطق أخرى من أجل تخفيف الضغط عليه بقصد قتل وإصابة أكبر عدد ممكن من المدنيين. لقد استهدف تنظيم داعش بالمتفجرات محلا مزدحماً لبيع المرطبات في بغداد حيث تتجمع العوائل ليلا بعد الإفطار وقد ضرب الإرهابيون شارعا قرب دائرة التقاعد العامة في العاصمة وكذلك استهدف البصرة في الجنوب."

وعبر المبعوث الأممي عن أسفه لفقدان ضحايا مدنيين نتيجة للتفجيرات الكثيرة ولكنه كان على ثقة بأن المذبحة التي ارتكبها تنظيم داعش سوف لن تعطل جهود العراقيين لتحرير بلدهم من الإرهابيين. وقال كوبيش "لقد عقد الشعب العراقي العزم على تحرير أرضهم. وفي الوقت الذي يشعرون فيه بالألم، فلن تؤدي هذه الاعتداءات الخسيسة سوى الى زيادة تصميمهم".

واشارت البعثة الى انها واجهت عراقيل في التحقق، على نحوٍ فعال، من أعداد الضحايا في مناطق الصراع. وتم الحصول على أرقام الضحايا في محافظة الأنبار من مديرية صحة الأنبار. واشارت الى انه وقد لا تعكس اعداد الضحايا التي وفرتها مديرية صحة الأنبار بشكل كامل الأعداد الحقيقية للضحايا في تلك المناطق، بسبب تزايد هشاشة الأوضاع الأمنية على أرض الواقع وانقطاع الخدمات.

واضافت ان هناك بعض الحالات التي لم تتمكن فيها البعثة من التحقق إلا بشكل جزئي فقط من حوادث معينة. وأوضحت انها تلقت أيضاً، من دون أن تتمكن من التحقق من صحة ذلك، تقارير أفادت بوقوع أعداد كبيرة من الضحايا إلى جانب أعداد غير معروفة من الأشخاص الذين قضوا جرّاء الآثار الجانبية لأعمال العنف بعد أن فرّوا من ديارهم، فلقوا حتفهم بسبب تعرضهم لظروف شتى كانعدام الماء والغذاء والأدوية والرعاية الصحية.

وقالت البعثة في الختام إنها تلقت منذ انطلاق العمليات العسكرية لاستعادة الموصل ومناطق أخرى في نينوى في 17 اكتوبر الماضي تقارير عديدة تتعلق بحوادث تتضمن وقوع ضحايا في صفوف المدنيين والتي لم يتسن للبعثة التحقق من صحتها في بعض الأوقات، وأوضحت انه لهذه الأسباب ينبغي اعتبار الأرقام الواردة هنا بمثابة الحد الأدنى المطلق.