سان بطرسبورغ: طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة وقف اتهام بلده بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية معتبرا ان هذا الاتهام لا يقدم "اي شيء ملموس" بل يعرقل أي تقارب مع واشنطن فيما يسعى الكرملين إلى جذب الاستثمارات الأجنبية.

ومع خروج روسيا للتو من عامين من الانكماش الناجم عن تدهور أسعار المحروقات والعقوبات الغربية المفروضة عليها على خلفية الأزمة الأوكرانية، شكل المنتدى الاقتصادي المنعقد في سان بطرسبورغ (شمال غرب) منصة للرئيس الروسي للاعلان عن دخول الاقتصاد الروسي "مرحلة جديدة من التوسع" واستعداده لاجراء اصلاحات تجذب الشركات الاجنبية. 

لكن الآمال الروسية بتحسين العلاقات مع وصول ترامب الى البيت الابيض لم تتحقق، بل هيمنت نقاط الخلاف بين البلدين على مداخلة بوتين امام هذا المنتدى، وخصوصا الاتهامات بالتدخل الروسي في حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية.

وقال بوتين "كل هذه الثرثرة التي لا معنى لها والمؤذية يجب أن تتوقف"، معتبرا انها "مجرد بث للصراعات السياسية الداخلية الاميركية على الساحة الدولية"، وهي "ضارة بالعلاقات الدولية وبالاقتصاد والأمن العالميين".

كما اكد الرئيس الروسي ان الاتهامات الاميركية في المضمون "لا تقدم شيئا ملموسا، ليست سوى تكهنات واستنتاجات قائمة على هذه التكهنات. هذا كل شيء".

واتهمت وكالات الاستخبارات المركزية الاميركية موسكو بالسعي الى ترجيح فرص ترامب للفوز بالرئاسة واصدار الاوامر باختراق الخوادم الالكترونية للحزب الديموقراطي.

أضاف بنبرة تهكم "من الممكن انشاء عنوان جهاز كومبيوتر من اي مكان نريد! وهناك اختصاصيون قادرون على استخدام عنوان جهازكم في المنزل، كما لو كان أولادكم الذين يستخدمونه".

كما جدد الرئيس الروسي انتقاد السياسة التي اعتمدتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة في سوريا وأوكرانيا، لكنه رفض "الحكم" على قرار ترامب الانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ داعيا الى "عمل مشترك" معه في القضايا المناخية.

جهود من الطرفين

في رمز للعالم المتعدد الأقطاب الذي يسعى اليه الكرملين مع بلوغ علاقاته مع الغرب أدنى مستوياتها دعي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بصفته ضيف شرف الى المنتدى الاقتصادي.

 

رئيس الوزراء الهندي (يسار الصورة) ضيف شرف المنتدى

 

وأكد بوتين ان بلاده "منفتحة على العمل المشترك وتحقيق مشاريع مشتركة تعود بالفائدة على الجميع"، داعيا الى "دعم" انتعاش النشاط الاقتصادي والاستثمارات الاجنبية ومعددا وسائل تحسين مناخ الاعمال.

وحضر المنتدى عدد كبير من رؤساء الشركات الغربيين بينهم اميركيون كانت واشنطن اقنعتهم بوقف مشاركتهم في السنوات الاخيرة.

لكن رغم توتر العلاقات الدبلوماسية بدرت مؤشرات تهدئة في مجال الاعمال. وترأس السفير الاميركي في موسكو جون تيفت وفدا الى المنتدى، في سابقة منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، فيما شارك بوتين الجمعة في طاولة مستديرة تجمع ممثلين عن اوساط الاعمال الروسية والاميركية.

وأكد الرئيس الروسي استعداده للحوار مع ادارة ترامب للتوصل الى تهدئة "تخدم مصالح الطرفين"، مضيفا في المقابل ان نجاحه "يتطلب جهودا من الطرفين".

وتراجعت التبادلات التجارية بين البلدين في السنوات الاخيرة مع تكاثر نقاط الخلاف، فيما أملت اوساط الاعمال في احراز تقارب مع انتخاب ترامب وتعيينه وزيرا للخارجية ريكس تيلرسون، الرئيس السابق لمجموعة اكسون موبيل النفطية الذي عمل بكثافة مع موسكو.

وأوضح رئيس غرفة التجارة الاميركية في موسكو الكسيس رودزيانكو في حديث مع فرانس برس انه بعد انتخاب ترامب "ساد شعور لدى الشركات الروسية والاميركية معا بان الوضع قد يتغير جذريا. لكنه لم يفعل".

أضاف ان "المناخ النفسي ما زال صعبا"، موضحا ان "الضغط تراجع على الشركات لمنعها من اجراء اعمال في روسيا، لكنه ما زال على حاله في واشنطن ازاء روسيا. انها مرحلة تثير العجب".