أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس 1 يونيو للملأ أن الولايات المتحدة ستنسحب رسميًا من اتفاق باريس لحماية المناخ والبيئة.

وحسب ما يرى المراقبون، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتقد ان اتفاقية باريس للمناخ تشكل عبئًا ماليًا واقتصاديًا على الشعب الأميركي. وكشفت مصادر اخبارية أن ترمب استلم رسالة من 22 عضوًا جمهوريًا في الكونغرس الأميركي يحثونه على الانسحاب من اتفاق باريس.

وكانت أكثر من 190 دولة وقعت اتفاق باريس عام 2015 للحد من ارتفاع درجة الحرارة على الأرض وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات السامة الأخرى الناتجة عن حرق الفحم الحجري واستغلال مصادر الطاقة الأحفورية.

الاتفاق يلزم الولايات المتحدة بخفض 26-28% عن مستويات 2005 بحلول 2025. هذه ليست شروطاً قاسية، واتفاق باريس طوعي وليس مدعومًا بقوة القانون أي غير اجباري، بل اتفاق مبني على تفاهم دولي لحماية البيئة والمناخ والانسانية.

قرر الرئيس ترمب اتخاذ هذه الخطوة الراديكالية بحجة التخلص من الاعباء المالية والاقتصادية الناجمة عن تطبيق بنود الاتفاق.

من جهته، انتقد الاتحاد الأوروبي القرار وشدد ان اوروبا ستواصل التصدي للاحتباس الحراري. وكذلك انتقدت تيريزا ماي رئيسة حزب المحافظين البريطاني، والتي تخوض معركة انتخابية الآن القرار بلغة غير قاسية. 

وبعض الدول مثل بلجيكا اعتبرت قرار ترمب غير مسؤول وعبرت الأمم المتحدة عن خيبة أملها في قرار الرئيس الأميركي علمًا ان الولايات المتحدة هي ثاني أكبر مصدر لانبعاث غاز ثاني اكسيد الكربون بعد الصين. وحتى أن ريكس تيليرسون وزير الخارجة الأميركي يعارض الانسحاب من اتفاق باريس.

يشارك الولايات المتحدة في رفض اتفاق باريس 2015 سوريا ونيكاراغوا.

المراحل: 

اتفاق باريس لم يحدث فجأة ولم يتم بسرعة، بل سبقته مفاوضات طويلة ومضنية ومراحل عديدة من الاجتماعات والدراسات.

 عقد في ريو البرازيل مؤتمر قمة الأرض، وتبعت ذلك بروتوكولات كيوتو 1997، الذي دخل حيز التنفيذ 2005 (في تلك المرحلة انسحبت كندا ونيوزيلاندا واليابان وروسيا مؤقتا)
ثم عقد مؤتمر كوبنهاغن عام 2009 ولم يسفر عنه اي اتفاق.

ثم اتفاق باريس 

وفي 12 ديسمبر2015، أقر ممثلو 195 بلدًا في المؤتمر العالمي لتغيّر المناخ في العاصمة الفرنسية باريس اتفاقاً دولياً غير مسبوق للتصدي للاحتباس الحراري.

ويرمي المشروع إلى احتواء ظاهرة الاحتباس "لإبقاء ارتفاع حرارة الأرض دون درجتين مئويتين"، ويدعو إلى "مواصلة الجهود لجعل هذا الارتفاع 1,5 درجة مئوية". 

وهو هدف أكثر طموحاً من الدرجتين المئويتين، والذي كانت ترغب به الدول الأكثر تأثراً.

ومساعدة الدول النامية لمواجهة ظاهرة الاحتباس ستبلغ 100 مليار دولار سنوياً في 2020، وستكون "سقفاً" يجب مراجعته لزيادته بحسب هذا الاتفاق. وهذا مطلب لدول الجنوب منذ زمن بعيد.

ويفترض أن يسرع هذا الاتفاق، الذي سيدخل حيز التنفيذ في 2020، العمل لخفض استخدام الطاقة الأحفورية مثل النفط والفحم والغاز، ويشجع على اللجوء إلى مصادر للطاقة المتجددة، ويغير أساليب إدارة الغابات والأراضي الزراعية.

والتعهدات التي قطعتها الدول حتى الآن لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تسمح بألا يتجاوز ارتفاع الحرارة ثلاث درجات عمّا كان عليه قبل الثورة الصناعية، بعيدًا عن 2 بالمئة، نسبة يعتبرها العلماء أساسية للحد من الاضطرابات المناخية.

أرقام وحقائق تجاهلها ترمب وفريقه:

تقديرات مراكز الدراسات والجامعات التي اجرت دراسات عن المناخ والبيئة تقول إن انسحاب الولايات المتحدة ستضيف 3 مليارات طن من ثاني اكسيد الكربون في الاجواء سنويًا. وسترفع درجات الحرارة ما بين 0.1 الى 0.3 مئوي في نهاية القرن. كما ان انسحاب الولايات المتحدة قد يشجع اطرافاً أخرى مثل الصين والهند بالتخلي عن التزاماتهما في حماية البيئة، وهما من كبار الملوثين للبيئة. 

وفي دراسة اخرى، أجراها معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا MIT في ابريل 2016 ان تنفيذ اتفاق باريس سيبطئ الاحتباس الحراري العالمي بين 0.6 درجة مئوية و 1.1 درجة مئوية بحلول عام 2100. واذا لم نفعل أي شيء تحذر الدراسة قد ترتفع درجات الحرارة 5 درجات مئوية.

والهدف من اتفاق باريس هو منع درجة الحرارة من الارتفاع أكثر من 2 درجة مئوي كحد أقصى بحلول عام 2100.

مجموعة سيتي غروب تقدر ان العالم سيفقد 44 ترليون دولار من اجمال الانتاج العالمي خلال نصف قرن كنتيجة للاحتباس الحريري. وعلى صعيد ايجابي لا تزال شركات كبرى تتمسك بسياسة الطاقة النظيفة مثل ستار بكس وغولدمان ساكس وول مارت واي بي ام وغيرها من شركات السيليكون فالي التي ستنتقل الى الطاقة النظيفة المستدامة 100%.

المستقبل للطاقة النظيفة المستدامة حتى ان دول النفط في الخليج العربي أدركت ذلك وبادرت بخطوات جادة في هذا المضمار. يقول ترمب ومؤيدوه إن اتفاق باريس سيؤدي الى اغلاق مناجم الفحم الحجري وستفقد اميركا 40 الف وظيفة، وتجاهل هؤلاء أن الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية لوحدها خلقت 260 الف وظيفة و70% من الشعب الأميركي يؤيد الطاقة النظيفة وضمنيًا اتفاق باريس. 

وحسب الواشنطن بوست، فإن 30 ولاية وعشرات الشركات ستواصل تطبيق سياسات لتقليل الانبعاثات الغازية، وذلك بالاستثمار في الطاقة النظيفة المتجددة والمستدامة. وتعتقد الواشنطن بوست أن خطوة ترمب ستأتي بالضرر لسمعة وصورة اميركا عالميًا. 
وحسب صحيفة نيويورك تايمز، اتصل ترمب بقادة بريطانيا وفرنسا والمانيا وكندا ليوضح موقفه، وليطمئنهم ان الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بحماية البيئة. 

وقصة بييتسبرغ، المدينة الصناعية في ولاية بنسلفانيا، فقد تنصل محافظ المدينة بيل روديتو من قول ترمب في خطابه الأخير المتعلق بالموضوع انه يمثل مصالح بيتسبيرغ ولا يمثل باريس.