الرباط: توفي، صباح اليوم الاحد بمراكش، عن سن ناهز 86 عاماً، الكاتب الإسباني خوان غويتسولو، الذي عشق المغرب فأٌقام بــ"حي القنارية"، بالمدينة القديمة لمراكش، منذ 1975.

وعلمت "إيلاف المغرب" أن السفارة الإسبانية تكلفت بمتابعة إجراءات دفنه، فيما تحدثت بعض المصادر المحلية عن "رغبة كان عبر عنها الكاتب الراحل بأن يدفن بمراكش".

وقال الفنان التشكيلي أحمد بنسماعيل، الذي كان من بين مثقفي مراكش الذين عرفوا الراحل عن قرب، إن رحيل غويتسولو يشكل خسارة لمراكش، بحكم أنه تعلق بها، ودافع عن ما تمثله، ثقافياً وإنسانياً، فضلاً على أنه عرف بدفاعه عن المهمشين وانتصاره للقضايا العربية والإسلامية، خاصة القضية الفلسطينية، مع انخراطه المتواصل في كل ما يرتبط بمآسي الشعوب المستضعفة، عبر العالم.

وكتب الكاتب والمترجم المغربي ابراهيم الخطيب في حائطه بفيسبوك &أن غويتسولو "يعتبر أحد أبرز كتاب إسبانيا منذ أواسط القرن الماضي وإلى اليوم: كتب الرواية والنقد الأدبي وبحث في التاريخ الثقافي والسياسي لبلاده وكذا العالم العربي والإسلامي".

ويصنف غويتسولو، الذي ولد في برشلونة، في 5 يناير 1931، بحسب عدد من المهتمين، كواحد من أهم الكتاب الإسبان المعاصرين، عرف بمساهماته العديدة في التعريف بالعالم العربي والإسلامي، سواء من خلال كتاباته ومقالاته الأدبية أو عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية، كما يعتبر من القليلين في العالم الذين يلتزمون بخط واضح في الإبداع الأدبي ويحرصون على الانتصار لحقوق الشعوب.

وراكم غويتسولو عدداً من الكتابات المهمة، بينها "إسبانيا في مواجهة التاريخ" و"الأربعينية" و"حدود زجاجية" و"قوي مثل تركي" و"سراييفو" و"فضائل الطائر المتوحد". كما حصل على عدد من أرفع الجوائز العالمية، آخرها جائزة "سرفانتيس" في 2014، هو الذي رفض، في 2009، "جائزة معمر القذافي الدولية للآداب"، التي كانت قيمتها تناهز 150 ألف دولار، "لأسباب سياسية وأخلاقية".

وارتبط اسم غويتسولو، في السنوات الأخيرة، بالمدينة الحمراء وتحولاتها إلى درجة أن اليونسكو منحته شرف كتابة إعلان ساحة جامع الفنا الشهيرة تراثاً لا مادياً للإنسانية، هو الذي سبق له أن أهدى مخطوط "مقبرة"، إحدى أهم رواياته، لمدينة مراكش. وهي رواية استلهم عوالمها من فضاء جامع الفنا، بإيقاعاته وأصواته ومتخيلاته، ومن الحرية التعبيرية لكل ما يتحرك فيه، تقديراً رمزياً منه لما يشكله المغرب ومدينة مراكش خصوصاً في حياته وفي كتاباته، وتكريماً لروح المكان ولأهله الذين يصنعون يومياً يوتوبيا بسيطة للمساواة التامة والتحرر المطلق؛ هو الذي ظل يردد أن المغرب قد صار منذ عقود، وتحديداً مدينة مراكش، جزءا لا يتجزأ من حياته، حيث شكل انجذابه للمغرب ومعايشته اليومية لأمكنته وتنوعه الهائل انعطافة أساسية في حياته ومساره الأدبي، الشيء الذي ساعده على تجاوز الحدود القائمة بين الكتابة والتراث الشفوي، وبين الأفكار وتعبيرات الحواس المشاعة في الساحات والحواري، كما مكنه من تشكيل رؤية جديدة للإبداع ودوره في بناء الجسور بين الثقافات.