في هذه الأيام وفي كل وقت تُجرى فيه انتخابات في أوروبا أو في الولايات المتحدة يُنظر إلى روسيا على أنها تلعب دور الرجل السيء.

تُتهم روسيا بالتدخل في العملية الديمقراطية من خلال شن عمليات قرصنة للأنظمة الحاسوبية ونشر معلومات مغلوطة بزعم مساعدة مرشح مؤيد لموسكو في الفوز بالانتخابات.

لقد سمعنا مثل هذه الاتهامات هذا العام في فرنسا والعام الماضي في الولايات المتحدة. وبالفعل توصلت الاستخبارات الأمريكية إلى نتيجة مفادها أن روسيا تقود حملة للتأثير على الانتخابات الرئاسية.

والسؤال هو: ماذا عن الانتخابات العامة في بريطانيا؟ هل الانتخابات البريطانية في مرمى الكرملين؟ هل أصبحت بالفعل هدفا للمخابرات الخارجية الروسية؟

قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الشهر الماضي إن هناك "احتمالا واقعيا" بأن روسيا ربما تحاول التدخل؟ فهل تهتم موسكو بالفعل بمن هو المرشح الذي سيتولى زمام الحكم في بريطانيا؟

تيريزا ماي
Getty Images
تيريزا ماي لا تتصدر عناوين الصحف في روسيا

لا أعتقد ذلك. في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية والفرنسية، كان من الواضح أن الكرملين لديه بالفعل مرشحين مفضلين.

امتلأت وسائل الإعلام الرسمية الروسية بعبارات المديح لكلا المرشحين دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية ومارين لو بان في الانتخابات الفرنسية، ووجهت انتقادات لاذعة للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الحالة الأمريكية وإيمانويل ماكرون في فرنسا. هذا الموقف لا يثير الاستغراب بالنظر إلى أن كلا من ترامب ولوبان دعيا إلى تعزيز العلاقات مع موسكو.

لكن قبيل الانتخابات البريطانية، لم تنحز وسائل الإعلام الروسية إلى طرف بعينه، وبالفعل لم تكن هناك تغطية كبيرة للحملة الانتخابية في بريطانيا في وسائل الإعلام الروسية.

ما هي منطلقات الموقف الروسي تجاه انتخابات بريطانيا؟

يقول المحلل السياسي سيرغي ماركوف المقرب من الكرملين: "إننا في روسيا لا نرى أن بريطانيا العظمى هي دولة مستقلة تماما. إننا ننظر إليها على أنها جزء من أمريكا: شريك صغير جدا لواشنطن."

ويرى الكرملين بعبارة أخرى أن بريطانيا ليست بهذه الأهمية.

ايكاترينا مواطنة روسية
BBC
إيكاترينا لا تعرف اسم رئيسة الوزراء البريطانية الحالية

يا لها من حقيقة مؤلمة.

لكن هذا هو فقط جزء من القصة. الأمر الحاسم كان النتيجة التي أرادتها روسيا في الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العام الماضي، وهو ما حدث بالفعل.

قبيل استفتاء العام الماضي، ظل الكرملين يتبنى موقفا محايدا من الناحية الرسمية، لكن وسائل الإعلام الرسمية الروسية كانت تؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل واضح.

اعتبر خروج بريطانيا ضربة قوية للاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي كان أمرا إيجابيا من وجهة نظر روسيا التي كانت تخضع لعقوبات من الاتحاد الأوروبي.

روسيا ترحب بهذا العالم الذي تسود فيه المعادلة الصفرية، التي يكون فيها طرف فائز وآخر خاسر.

لكن بعيدا عن دهاليز السلطة هنا، يبرز السؤال التالي: هل المواطنون الروس مهتمون بالانتخابات البريطانية؟ هل يعرفون حتى أن بريطانيا ستشهد انتخابات عامة؟

للتعرف على هذا الأمر، توجهت إلى بلدة "روتوف" على أطراف العاصمة موسكو.

تحدثت إلى مُعلم باليه في مركز شباب محلي، ولأحد العاملين في الشارع ولأمهات شابات يدفعن عربات أطفالهن بالقرب من تمثال فلاديمير لينين، مؤسس الدولة السوفيتية، وتحدثت أيضا لمتقاعدين يجلسون في المتنزهات.

شاب روسي يتحدث لبي بي سي
Getty Images
هذا الشاب الروسي يتساءل: "هل رئيس الوزراء البريطاني رجل ام أمرأة؟

جميع من تحدثت إليهم يعرفون الكثير عن بريطانيا.

قالت لي امرأة تُدعى إليا: "إنها (بريطانيا) موطن كرة القدم."

وقالت أخرى تُدعى ايكاترينا: "(ساعة) بيغ بين...الملكة...شاي الساعة الخامسة."

لكن أيا من الأشخاص الذين تحدثت إليهم لم يعرف أنه ستُجرى انتخابات في بريطانيا. وبالفعل، لم يستطع أحد أن يقول لي اسم رئيسة الوزراء البريطانية الحالية.

ربما لا يكون هذا أمرا مثيرا للدهشة حينما نضع في الاعتبار أنه منذ مطلع الألفية الجديدة مرت بريطانيا بأربعة رؤساء للوزراء.

في روسيا، من السهل كثيرا تذكر من يتولى زمام الحكم في البلد. وعلى أي حال، فإن فلاديمير بوتين يوجد في السلطة كرئيس ورئيس للوزراء منذ أكثر من 17 عاما.