دخلت قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش الأبرز في سوريا، وأعلنت "المعركة الكبرى لتحرير" المدينة بعد ثمانية أشهر على بدء العملية العسكرية الواسعة لاستعادتها.

إيلاف - متابعة: اعتبر التحالف الدولي بقيادة واشنطن الذي يدعم قوات سوريا الديخموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، ان السيطرة على الرقة ستشكل "ضربة حاسمة" للجهاديين، مكررا في الوقت نفسه ان السيطرة النهائية على المدينة ستستغرق وقتا وستكون صعبة.

وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية خلال الاسابيع الاخيرة وفي إطار حملة "غضب الفرات" الني تقوم بها، تطويق مدينة الرقة في شمال سوريا من الجهات الشمالية والغربية والشرقية.

وقالت القيادية في قوات سوريا الديموقراطية روجدا فلات لوكالة فرانس برس اليوم "دخلت قواتنا مدينة الرقة من الجهة الشرقية في حي المشلب". وتخوض قوات سوريا الديموقراطية "الآن حرب شوارع داخل مدينة الرقة"، وفق فلات التي اكدت على ان تلك القوات "لديها تجربة وخبرة في حرب الشوارع".

واكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس "سيطرة قوات سوريا الديموقراطية على حاجز المشلب ثم على عدد من المباني في الحي"، الذي يعد وفق قوله "المدخل الشرقي للمدينة". اضاف عبد الرحمن "قوات سوريا الديموقراطية باتت الآن داخل مدينة الرقة".

وقال عبد الرحمن إن تقدم قوات سوريا الديموقراطية جاء بعد "قصف كثيف للتحالف الدولي" بقيادة واشنطن. ويدعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن قوات سوريا الديموقراطية بالغارات الجوية او التسليح او المستشارين العسكريين على الارض.

واعتبر المتحدث باسم التحالف الدولي ستيف تاونسند في بيان الثلاثاء ان "معركة الرقة ستكون طويلة وصعبة، لكن الهجوم سيشكل ضربة حاسمة لفكرة الخلافة المتمثلة" في تنظيم داعش.

المعركة الكبرى
واعلنت قوات سوريا الديوقراطية صباح الثلاثاء بدء معركة طرد الجهاديين من مدينة الرقة، في مؤتمر صحافي عقدته في قرية الحزيمة على بعد 17 كيلومترا شمال المدينة.

وتلا المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية طلال سلو بيانا جاء فيه "نعلن اليوم بدء المعركة الكبرى لتحرير مدينة الرقة، العاصمة المزعومة للارهاب والارهاببين". وكان سلو قال لفرانس برس من الحزيمة ان تلك القوات "بدأت هجوما على الرقة منذ البارحة ليلا من الجهات الشمالية والغربية والشرقية".

تابع ان تنظيم داعش "يقاوم للدفاع عن عاصمته"، مؤكدا ان الدعم الذي يقدمه التحالف الدولي "من خلال الطيران والسلاح الحديث الذي قدمه لقواتنا في هذه المعركة سيؤدي الى انتزاع الرقة من داعش". وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية من السيطرة على مناطق واسعة في محافظة الرقة، وقطعت طرق الامداد الرئيسة للجهاديين من الجهات الشمالية والشرقية والغربية.

ولم يبق امام الجهاديين في الرقة الواقعة على الضفاف الشمالية لنهر الفرات، سوى الفرار جنوبا عبر زوارق. واكد التحالف الدولي في بيانه ان قوات سوريا الديموقراطية "اثبتت نفسها" في معارك سابقة من منبج في شمال حلب الى الطبقة في ريف الرقة الغربي وغيرها من البلدات والقرى في شمال سوريا خلال العامين الماضية.

وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية منذ تأسيسها في اكتوبر العام 2015 من طرد تنظيم الدولة الاسلامية من مناطق واسعة في شمال سوريا بدعم من التحالف الدولي قبل اعلانها عن حملة "غضب الفرات".

مناشدة لاهالي الرقة
ومع تقدم قوات سوريا الديموقرطية الى مدينة الرقة وتصاعد حدة المعارك، سجل وقوع ضحايا مدنيين جراء غارات التحالف الدولي.

وقتل الاثتين، وفق المرصد السوري، "21 مدنيا في قصف جوي للتحالف الدولي" خلال استعدادهم للفرار عبر عبور نهر الفرات الى ريف الرقة الجنوبي، الذي لا يزال تحت سيطرة تنظيم داعش وفي غالبيته منطقة صحراوية.

وناشدت قوات سوريا الديموقراطية في بيانها الثلاثاء "أهالينا في مدينة الرقة الابتعاد عن مراكز العدو ومحاور الاشتباكات"، ودعتهم الى "مساندة قواتنا والتعاون معها لتنفيذ مهامها على اكمل وجه". ودعت ايضا "شبان وشابات الرقة" الى الالتحاق بصفوفها "للمشاركة في تحرير مدينتهم". وفر آلاف المدنيين خلال الاشهر الاخيرة من مدينة الرقة، والتحقوا بمناطق اكثر امنًا تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية. 

من الازدهار العباسي الى معقل لداعش

الرقة، التي دخلتها قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء بعد نحو ساعة من اعلانها "المعركة الكبرى" لتحريرها، مدينة عمرها آلاف السنين. وقد تحولت في العام 2014 الى أبرز معاقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.

العاصمة السابقة للعباسيين

بلغت مدينة الرقة أوج ازدهارها في عهد الخلافة العباسية. في العام 722، أمر الخليفة المنصور ببناء مدينة الرافقة على مقربة من مدينة الرقة. واندمجت المدينتان في وقت لاحق.

بين 796 الى 809، استخدم الخليفة هارون الرشيد الرقة عاصمة ثانية الى جانب بغداد، لوقوعها على مفترق طرق بين بيزنطية ودمشق وبلاد ما بين النهرين. وبنى فيها قصورًا ومساجد.

وفي عام 1258، دمر المغول مدينتي الرافقة والرقة على غرار ما فعلوا ببغداد.

مدينة استراتيجية على الفرات

تتمتع مدينة الرقة بموقع استراتيجي في وادي الفرات عند مفترق طرق مهم. وهي قريبة من الحدود مع تركيا، وتقع على بعد 160 كيلومترًا شرق حلب وعلى بعد أقل من مئتي كلم من الحدود العراقية.

وأسهم بناء سد الفرات على مستوى مدينة الطبقة الواقعة الى الغرب منها في ازدهار مدينة الرقة التي لعبت دورًا مهماً في الاقتصاد السوري بفضل النشاط الزراعي.

أول مدينة كبيرة تسقط بأيدي المعارضة

في الرابع من مارس 2013، وبعد عامين من بدء حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري، تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مدينة الرقة لتكون أول مركز محافظة في سوريا يخرج عن سلطة النظام.

واعتقل مقاتلو المعارضة المحافظ وسيطروا على مقر المخابرات العسكرية في المدينة، أحد اسوأ مراكز الاعتقال في المحافظة، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

كما تم تدمير تمثال في المدينة للرئيس السابق حافظ الاسد، والد الرئيس الحالي.

معقل "داعش"

لكن معارك عنيفة اندلعت بين تنظيم الدولة الاسلامية ومقاتلي المعارضة وبينهم جبهة النصرة (وقتها) في بداية شهر يناير 2014 وانتهت بسيطرة التنظيم على كامل مدينة الرقة في الرابع عشر من الشهر ذاته.

في يونيو 2014، أعلن تنظيم الدولة الاسلامية إقامة "الخلافة" انطلاقاً من مساحة واسعة من الاراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا.

في 24 اغسطس من السنة نفسها، بات تنظيم الدولة الاسلامية يسيطر بشكل كامل على محافظة الرقة بعد انتزاع مطار الطبقة من قوات النظام.

وفرض التنظيم الجهادي قوانينه على الرقة، مستخدماً كل أساليب الترهيب.

في يونيو 2015، خسر تنظيم الدولة الاسلامية بعض البلدات عند أطراف المحافظة، أبرزها تل أبيض وعين عيسى التي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب الكردية.

إعدامات وخطف

لجأ تنظيم الدولة الاسلامية الى الاعدامات الجماعية وقطع الرؤوس وعمليات الاغتصاب والسبي والخطف والتطهير العرقي والرجم وغيرها من الممارسات الوحشية في الرقة، ففرض سيطرته ونشر الرعب بين الناس. 

وحرص التنظيم على استخدام كل التقنيات الحديثة لتصوير فظاعاته على أشرطة فيديو نشرها على الانترنت. 

الهجوم لاستعادة الرقة

تشكل مدينة الرقة منذ الخامس من نوفمبر هدفاً لعملية عسكرية واسعة لقوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل عربية وكردية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

ويبلغ عدد سكان المدينة حوالى 300 الف، بينهم حوالى 80 الفاً من النازحين خصوصًا من منطقة حلب، بالاضافة الى آلاف الجهاديين مع عائلاتهم.

وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية خلال الاشهر الماضية من إحراز تقدم نحو المدينة وقطعت طرق الامداد الرئيسية للجهاديين من الجهات الشمالية والغربية والشرقية. وهي موجودة حاليًا على بعد ثمانية كيلومترات من الجهة الشمالية الشرقية في اقرب نقطة لها من المدينة.

في 10 مايو 2017، سيطرت قوات سوريا الديموقراطية على مدينة الطبقة وسدها على بعد 50 كلم غرب الرقة. 

وفي 6 يونيو دخلت قوات سوريا الديموقراطية المدينة من الجهة الشرقية.