لندن: لا أحد يعرف إن كان صانعو القرار القطريون يدركون خطورة التداعيات التي يمكن أن تترتب على استمرار الدوحة في معاييرها المزدوجة وغموض تعاملها مع شقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي، كما لاحظت صحيفة "غلف نيوز" في تحليل اخباري لأزمة العلاقات القطرية ـ الخليجية.

واشارت الصحيفة الى أن بلدان الخليج ابدت قدراً كبيراً من الصبر قبل أن تقرر قطع العلاقات مع قطر، في خطوة ستكلف الاقتصاد القطري خسائر فادحة قد لا تتحملها قطر، رغم ثروتها، حين يتسارع تردي وضعها الاقتصادي ويزداد إيلاماً.

ويؤكد محللون أن القطاع الأشد تأثراً بالمقاطعة هو القطاع التجاري، حيث بلغت تجارة قطر مع دول الخليج ما قيمته 11 مليار دولار في عام 2016 أو ما نسبته 86 في المئة من تجارة قطر مع البلدان العربية و12 في المئة من تجارتها الخارجية.

وتسهم الامارات والسعودية والبحرين بنسبة 85 في المئة من تجارة قطر مع الخليج، فيما تبلغ مساهمة الكويت وعمان 15 في المئة فقط.

وسيتكبد قطاع التصدير القطري أكبر الخسائر، نظراً الى ان 80 في المئة من صادرات قطر الى البلدان العربية وجهتها مجلس التعاون الخليجي، حيث تبلغ حصة الامارات والسعودية والبحرية 86 في المئة من هذه الصادرات، فيما تبلغ حصة الكويت وعمان 14 في المئة. ومن المتوقع ان تتأثر الاستثمارات القطرية ـ الخليجية ايضًا.

وستتضرر تجارة قطر عن طريق البر بأكملها، وقسم كبير من تجارتها البحرية ايضًا، الأمر الذي قد يضاعف خسائرها.

وستكون لهذه الخسائر آثار مدمرة على اقتصاد قطر ومستوى معيشة مواطنيها والمقيمين فيها. وستؤدي الى أزمة في السلع وزيادة حادة في الاسعار وارتفاع التضخم وهبوط كبير في حجم الصادرات بسبب توقف الانتاج في بعض المعامل والمنشآت.

القطاع الآخر الذي سيتضرر هو النقل على اختلاف فروعه البرية والبحرية والجوية، لا سيما الخطوط الجوية القطرية التي تسهم بقسط كبير في اجمالي الناتج المحلي القطري. فإن غلق المجال الجوي لثلاثة بلدان مجاورة سيجبر الشركة على اجراء تغييرات كبيرة في مسار رحلاتها، وما يسبب ذلك من زيادة كبيرة في التكاليف.

وإذا أبقت الناقلة القطرية على اسعار تذاكرها الحالية، فإنها لن تكون مجدية اقتصادياً، وإذا رفعت اسعارها ستفقد قدرتها التنافسية. وسيهدد هذا ربحية الشركة، لا سيما أن الخطوط الجوية القطرية تعتمد اعتماداً اكبيراً على نقل المسافرين من الامارات والسعودية والبحرين.

وفي الوقت نفسه، ستتوقف عمليات النقل البري بالكامل متسببة في خسائر جسيمة نتيجة هذا التوقف.

والقطاع الثالث الذي ليس من المستبعد أن ينهار هو القطاع المالي وخاصة سوق الاسهم القطرية، التي هبطت أكثر من 8 في المئة يوم الاثنين وحده. وتلفت صحيفة "غلف نيوز" الى أن العديد من الشركات المسجلة في السوق تعمل في قطاعي النقل والصناعة.

وسيؤدي هذا الى هروب رؤوس الأموال، الأجنبية والمحلية، لا سيما وأن وكالة موديز خفضت تصنيف قطر الائتماني وتصنيف شركاتها الكبرى منذ مايو. وقالت الوكالة إن قطع العلاقات الخليجية مع قطر سيهدد مجدداً تصنيفها الائتماني، واصفة ذلك بأنه تطور خطير، إذا حدث سيؤدي الى زيادة في تكاليف الاقتراض وهبوط في الاستثمارات الأجنبية.

وسيكون لكل هذه التداعيات والعديد غيرها مما لا يتسع له المجال هنا، أثر بالغ على معدلات النمو التي ستواصل هبوطها، بعد ان تأثرت بانخفاض اسعار النفط والغاز في الفترة الماضية.

ويعني هذا أن اوقاتاً عصيبة تنتظر الاقتصاد القطري، الذي سيبقى معزولاً وتحت ضغوط لا تنتهي.

تتساءل صحيفة "غلف نيوز" عمّا إذا كان "دعم منظمة ارهابية مثل جماعة الاخوان المسلمين يستحق كل هذه التضحيات من قطر"، قائلة "إن هذا سؤال يجب ان تتوقف عنده القيادة القطرية زمناً طويلاً جداً". ذلك ان قطر تمادت في دعمها رغم صبر الخليج، وكانت تعرف حق المعرفة ان جماعة الاخوان وجه آخر للنظام الدكتاتوري في طهران، كما يدل وجود مكاتب للاخوان وتنظيم القاعدة وحزب الله وطالبان في ايران، بحسب صحيفة "غلف نيوز".

وتؤكد الصحيفة أن المخرج من الأزمة وتفادي خسائر لا تُعد ولا تُحصى بسيط، يتمثل بعودة قطر الى شقيقاتها، والى حضن الخليج الجامع، الذي يدافع عن مصالح وانجازات الجميع، ويقف ضد الاعداء ومشاريعهم الطائفية ومخططاتهم التوسعية.

 

أعدّت صحيفة «إيلاف» هذا التقرير بتصرف عن "غلف نيوز". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://gulfnews.com/business/economy/gulf-crisis-to-impact-qatar-s-economy-1.2038912