باريس: دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثلاثاء دول الخليج الى "الوحدة" مبديًا استعداده لدعم "كل المبادرات لتسهيل التهدئة" في هذه المنطقة التي تشهد ازمة غير مسبوقة، وذلك خلال اتصال هاتفي مع امير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني.

وذكّر ماكرون وفق بيان للرئاسة الفرنسية بـ"اهمية صون الاستقرار في المنطقة" مؤكدا "استعداد فرنسا للبقاء على تواصل مع كل الاطراف المعنيين" بهدف "تسهيل التهدئة".

وتضع الازمة غير المسبوقة بين قطر واربع من الدول المجاورة لها منها السعودية، العديد من البلدان في وضع حرج منها فرنسا التي تقيم علاقات جيدة مع الطرفين، بحسب دوني بوشار الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.

سؤال: لماذا هذه الازمة المفاجئة بين قطر وجيرانها؟

جواب - كانت العلاقات بين قطر والسعودية سيئة دائما في السنوات الماضية بسبب قناة الجزيرة القطرية (الداعمة للدبلوماسية القطرية) ولدعم الدوحة لثورات "الربيع العربي" والاخوان المسلمين.

لكن هذه الازمة استثنائية لانها نتيجة للزيارة الناجحة التي قام بها دونالد ترمب للسعودية قبل 15 يوما. ووضع الرئيس الاميركي الجماعات الجهادية كتنظيم داعش والقاعدة وايران في الخانة نفسها، ودعا الى تغيير النظام في طهران في انقلاب تام في الموقف مع عهد اوباما.

والقي الخطاب امام حوالى خمسين مسؤولا كبيرا من دول اسلامية استاء بعضهم وشعروا بانهم وضعوا في موقف حرج خصوصا قطر وسلطنة عمان والكويت التي لا تؤيد بالضرورة هذه المقاربة القاسية حيال ايران. ويرفض كل من لبنان والعراق الذي يقيم علاقات وثيقة مع طهران، والجزائر او بلد مسلم كباكستان الذي لديه اقلية شعية مهمة، هذه الاستراتيجية رفضا تاما.

سؤال: كيف تحللون ردود الفعل الحذرة ومحاولات الوساطة العديدة ؟

جواب - كانت القطيعة مع الدوحة على الارجح بمبادرة من محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي الذي يسعى الى تحقيق مصالحة مع واشنطن. لكن هذا القرار اتخذ على الارجح بدون موافقة واشنطن.

كل ذلك يضع الجميع في موقف محرج بما في ذلك الولايات المتحدة لان في قطر اكبر قاعدة جوية اميركية في المنطقة. الموقف العام هو تفادي اتخاذ مواقف مع اي طرف وحث الجميع على التوافق.

سؤال: وموقف فرنسا ؟
جواب - فرنسا ايضا في موقف حرج فهي تقيم علاقات جيدة مع قطر. كان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي يتباهى بذلك في عهده (2007-2012).

اما خلفه فرنسوا هولاند (2012-2017) فاعاد التوازن باتجاه السعودية حيث استقبل استقبالا رسميا في الرياض في 2015. لكن نتائج هذا التقارب استغرقت وقتا. واعلنت باريس عن ابرام عقود مع الرياض في 2015 بقيمة 10 مليارات دولار. لكن كل العقود لم تنفذ. وبعد زيارة ترامب (واعلانه عن عقود بقيمة 380 مليار دولار مع السعودية) نتساءل ماذا سيبقى للآخرين!.

في الاثناء بقيت العلاقة مع الدوحة جيدة. وتجسد ذلك ببيع طائرات رافال في 2015 في عقد ابرمه جان ايف لو دريان الذي كان وزيرا للدفاع (واليوم بات وزيرا للخارجية).

قد تضر بإعمار غزة
من جهتها حذرت منظمة انسانية الثلاثاء من ان العقوبات التي فرضتها دول خليجية على قطر بعد قطع علاقاتها الدبلوماسية معها لاتهامها بـ"الارهاب"، قد تؤثر سلبا على اعادة اعمار قطاع غزة المحاصر الذي تسيطر عليه حركة حماس.

وتعد الدوحة أحد أكبر الجهات المانحة للقطاع الفقير الذي تفرض عليه اسرائيل حصارا بريا وبحريا وجويا منذ أكثر من عشر سنوات، وقدمت مبالغ كبيرة لاعادة بناء البنية التحتية المتضررة جراء حرب 2014 المدمرة التي شنتها اسرائيل على القطاع.

وحذر الامين العام للمجلس النروجي للاجئين يان ايغلاند من انه قد يتعين على قطر خفض بعض مساعداتها المقدمة للفلسطينيين في غزة. وقال ايغلاند "كانت قطر مهمة للغاية كمستثمر في غزة وكمساهم في تطور البنية التحتية هناك. انطباعي ان هذا قد لا يستمر بسهولة".

من جانب آخر، دعا ايغلاند كل الاطراف الى اجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل الى تسوية. وتعهدت قطر بتقديم مبلغ مليار دولار اميركي لاعادة اعمار غزة بعد الحرب المدمرة التي شنتها اسرائيل في صيف عام 2014. وهو اكبر مبلغ تعهدت به اي دولة منفردة. وتم بناء طرق وبعض البنى التحتية في القطاع بتمويل قطري.

وهناك علاقة وثيقة بين العائلة الحاكمة في قطر وحركة حماس التي تعتبرها اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي "منظمة ارهابية".