اعترفت السلطات البريطانية الثلاثاء بأنها مكبّلة اليدين في مواجهة حتى المخاطر المعروفة، مع تصاعد الغضب العام إثر الكشف عن أن واحدًا على الأقل من منفذي اعتداء لندن الأخير كان إسلاميًا معروفًا للسلطات. 

إيلاف - متابعة: طغت مسألة مكافحة الإرهاب على حملات الانتخابات العامة في بريطانيا التي تجري الخميس، ووضعت رئيسة الوزراء تيريزا مايوالمؤسسة الأمنية في موقف الدفاع.

وبعد ثلاثة اعتداءات دامية في ثلاثة أشهر، تقول الشرطة إنها بالكاد تستطيع مراقبة 3000 شخص على لائحة مراقبة الإرهاب و20 ألف شخص كانوا في دائرة رصد الاستخبارات في الماضي. ويأتي هذا الاعتراف رغم قوانين المراقبة الجديدة، التي صيغت خصيصًا لتعقب المحادثات الالكترونية. 

رقابة مستحيلة
يقول بيتر نومان، أستاذ الدراسات الأمنية في كينغز كولديج لندن، إنه "غير ممكن" ببساطة لأي ديموقراطية غربية أن تفرض رقابة لصيقة على كل المشتبه بهم المحتملين. وأضاف لوكالة فرانس برس "هناك أزمة قدرات كبيرة مماثلة لأي دولة أوروبية غربية أخرى". وتابع أن "مراقبة شخص واحد 24 ساعة تتطلب 20 ضابطًا".

وكان أحد المهاجمين على جسر لندن خرام شزاد بات (27 عامًا) وهو بريطاني مولود في باكستان، معروفًا لدى الشرطة وجهاز الاستخبارات "أم آي 5". وظهر شزاد بات في شريط وثائقي لقناة "تشانل 4" في السنة الماضية بعنوان "جيراني الجهاديون".

من جهتها، أبلغت المخابرات الإيطالية الأجهزة الامنية البريطانية والمغرب بان أحد المهاجمين الآخرين يوسف زغبة، 22 عامًا، هو متطرف محتمل، حسب ما أفادت تقارير صحافية إيطالية.

لكن الشرطة الإيطالية قالت إن زغبة والمهاجم الثالث رضوان رشيد (30 عامًا) لم يكونا معروفين للشرطة وجهاز "أم آي 5" ولم تكن هناك أي أدلة مسبقة على أنهم سيشنون هجومًا. ونفذ الثلاثة الاعتداء الدامي في وسط لندن مساء السبت، والذي قتل فيه سبعة أشخاص، وجرح عشرات آخرون.

واقع جديد 
تقول قائدة الشرطة في لندن كريسيدا ديك إن سلسلة الهجمات الأخيرة في بريطانيا، والتي قتل 34 شخصًا فيها منذ مارس الفائت، "غير مسبوقة في حياتي المهنية".

وقالت ديك لمحطة "بي بي سي": "واجهت في هذا البلد أخطارًا إرهابية طوال حياتي (...) لقد تغيرت وتحولت، ونحن سنتغير وسنتكيف مع ما يبدو أنه واقع جديد لنا".

وحذرت ديك من أنه في الوقت الذي أحبطت فيه الشرطة خمسة هجمات في الشهور الأخيرة، فإنه من الممكن أن تكون بريطانيا تشهد بداية موجة اعتداءات تعتمد على المحاكاة يقوم بها متشددون نشأوا داخل البلاد.

يوافق نومان على الطرح المتشائم لديك، لكنه أضاف أن دولًا أوروبية أخرى من المحتمل أن تبقى في مرمى هجمات "الجهاديين".
ويقول إن الاعتداءات الأخيرة "جزء من موجة الإرهاب التي بدأت في العام 2014 وضربت كل غرب أوروبا". وتابع "على المدى الطويل، فإن دولًا مثل فرنسا وبلجيكا ستتأثر بشدة".

وفيما يخسر تنظيم داعش، الذي تبنى هجمات بريطانيا الثلاثة الأخيرة، مزيدًا من الأراضي في العراق وسوريا، فإنه من المحتمل أن يركز في اعتداءته على الغرب، حسب ما قال أوتسو آيهو الخبير في مركز جين لمكافحة الإرهاب والتمرد.

مندمجون
أصبحت الشرطة جزءًا رئيسًا من النقاش السياسي العام، إذ طالب زعيم حزب العمال جيريمي كوربن الاثنين ماي بالاستقالة بسبب إلغاء 20 ألف وظيفة في جهاز الشرطة خلال فترة توليها حقيقة الداخلية في حكم سلفها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

من جانبه، قال رئيس بلدية لندن صادق خان، العضو في حزب العمال، إن أي حكومة مقبلة يقودها المحافظون ستقلص الوظائف في جهاز الشرطة في شكل أكبر. وتجري الانتخابات العامة في بريطانيا الخميس. وقال خان لتليفزيون "آي تي في" إنه "إذا جرى تقليص وتخفيض ميزانية الشرطة، فإن عليهم أن يحددوا الأولويات ويستخدموا الموارد بشكل دقيق".

تابع "الرجال الثلاثة المسؤولون عن هجمات ليلة السبت لم يأتوا من خارج البلاد، لقد كانوا بكل الطرق مندمجين في الحياة الوطنية. أحدهم كان مشجعًا لنادي أرسنال" لكرة القدم. وفي أعقاب تفجيرات لندن 2005، قام مشروع سمي "منع" يقدم برامج لمكافحة التشدد في المجتمعات المسلمة.

ووصف نومان مشروع "منع" بأنه "جيد من حيث المبدأ"، لكنه قال إن بريطانيا "أضفت صبغة أمنية مبالغًا فيها على سياستها لمكافحة التطرف"، وهو ما أدى إلى إبعاد الناس عنه. وتابع "الوصول إلى المجتمعات المسلمة جيد، لكننا لسنا بحاجة إلى جعل الشرطة مسؤولة عن كل شيء".