توفي الثلاثاء الملياردير وتاجر السلاح السعودي عدنان خاشقجي في لندن عن عمر يناهز (82 عامًا). وتعتبر شخصية خاشقجي مثيرة للجدل لعقود طويلة، وأحاط الغموض بكثير من تفاصيل حياته.

عدنان خاشقجي، رجل المال والسلاح، يعرف كيف يصنع المال، رجل يفرض نفسه على الساسة والاقتصاد، فشغل الغرب والشرق ابان فترتي السبعينيات والثمانينيات.

صحيفة "الانباء" كانت أجرت لقاء مطولاً معه في عام 2008، وسألته عن الكثير من تفاصيل حياته وعمله، وسألته عن سر انشغال الناس به بالرغم من وجود آلاف التجارب.

وعن سر انشغال الناس به، قال خاشقجي في الحوار: "أحرس دومًا على أن أرمي القرش على الأرض ليصدر صوتًا، وليس على السجادة كما يفعل الآخرون".

الاقتصاد والسياسة

ويضيف: "على الاقتصادي أن يكون قريبًا من كبار المسؤولين ليعجل باتمام الصفقات التجاربة".

وبخصوص توجهه للاستثمار في ابو ظبي، قال في ذات المقابلة التي أجريت قبل نحو 9 سنوات، "ابو ظبي واعدة جدًا، والمسؤولون هناك يقومون بجهود جبارة، سمو الشيخ محمد بن زايد يريد أن تكون ابو ظبي رائدة اقتصاديًا في المنطقة".

ويبين خاشقجي أن امتع الاوقات التي قضاها في حياته كانت في موناكو، ولهذا كان يقضي فيها فترات الصيف. لكن موناكو لم تكن الوجهة الوحيدة له، فيقول: "والعديد من المناطق في ايطاليا، ولكن هناك أيضًا أماكن جميلة في المكسيك واميركا الجنوبية، لكن أكثر ناس تستطيع التعايش معهم هم الفرنسيون، ولذلك كنت أحب كان ومونت كارلو بشكل خاص".

يخت "نبيلة"

كان خاشقجي يمتلك يختًا مميزًا واسمه "نبيلة"، وعنه يقول: "انا صممته وبنيته، استغرق التصميم 3 سنوات، والبناء 18 شهراً، كان يحتاج إلى 40 بحارًا لتحريكه وكلفني لإنشائه 35 مليون دولار، وكان ذلك في عام 1979". ويشير إلى أن هذا اليخت كان محطة للعمل، حيث إن اغلب اتصالاته واجتماعاته كانت تدار من على ظهر اليخت، بالإضافة طبعاً إلى الصفقات التي تنجر على ظهر القارب المزود ايضًا بطائرة هيليكوبتير.

تاجر سلاح غير تقليدي

يعرف خاشقجي بأنه تاجر سلاح، وحول بداياته في هذا العمل، يوضح للصحيفة ذاتها: "لم أكن يومًا تاجر سلاح بالمعنى التقليدي، ولم اعقد صفقات اسلحة مباشرة بين الدول أو الشركات التي أتعامل معها مثل "لوكهيد" نورثروب"، لا تبيع اسلحة هجومية مثل البنادق أو القنابل وإنما معدات للدفاع مثل صواريخ "هوك"، وليس لدينا أي مخازن نجمع فيها سلاحًا ونبيعه، إذن يمكن القول إني كنت مستشارًا، بما في ذلك شؤون الصيانة والتدريب، وعادة ما كنا نفيد الدول التي نتعامل معها، فالعمال الذين يتدربون على بعض أنظمة الاسلحة الدفاعية المتطورة يتركون العسكرية بعد فترة، كما حصل في إيران ايام الشاه، ويدخلون في مجال الصناعة المحلية الإلكترونية ويفيدون اقتصاد بلادهم".

"إيران- غيت"

وكانت وجهت لخاشقجي اتهامات على مواقع الإنترنت حول تورطه بما كان يعرف باسم "إيران- غيت"، وعن ذلك يقول: "إيران- غيت المسؤول عنها الأميركيون"، ويتابع: "أحبوا أن يفتحوا مجالاً مع الإيرانيين، وحينما وجدوا الوسيط الذي تدخل، أرادوا أن يثبت لهم قدرته على أنه سيساعدهم وانه قادر على فتح المطارات الإيرانية لإدخال السلاح إلى المدن الإيرانية، ويحتاج فقط إلى قطع غيار لمعدات حربية، قيمتها مليون دولار، ولم يكن لديه المبلغ فجاءني واقرضته اياه، وتمت الصفقة ثم أعاد لي مالي عبر شيك، وبذلك دخلت العملية مصادفة"

تفاصيل الصفقة

وإن كان يعرف بالأساس تفاصيل الصفقة، اجاب على سؤال صحيفة "الانباء": "الموضوع إيران- غيت، بدأ مصادفة، كنت مصطافًا في المانيا وذات يوم، قالوا إن في هامبورغ مستودعًا للسجاد الإيراني، فوجدتها فرصة سانحة للشراء وأثناء تجولي في المعرض ناداني إيراني وطلب الحديث معي على انفراد، وبعد ان اخذنا مكانًا قصيا قال لي بصوت هامس: "انا من جماعة منتظري، ونريد ان نقلب نظام الخميني، وقبل أن يكمل حديثه، ذهلت ولم اصدقه واعتقدت انه يمزح، ولكنه اصر مؤكدًا جديته، فقلت له إنني لا اتدخل في موضوع كهذا، إلا أنه لاحقني بالحاح وطلب مني قراءة أوراق كتبها سلفًا، ودوّن عليها ارقامه وبعد عودتي قرأت الأوراق وعددها، إن لم تخني الذاكرة 13 ورقة مطبوعة، وبعد فترة عملت له موعدًا مع "جماعة في واشنطن"، وبعد اجتماعه معهم ابدوا استعدادهم لمساعدته وطلبوا منه أن يثبت أن لديه علاقات داخل إيران، وانه يستطيع أن يفتح المطار لدخول الأسلحة، وخلال هذه المشاورات دخلت انا في القصة بشكل غير مباشر، وهذا الكلام موجود في سجلات الكونغرس الأميركي، وبامكانك الرجوع لملفات إيران- غيت، إذا اردت التفاصيل، وكان ذلك في مطلع الثمانينات.

فشل "إيران- غيت"

وحول فشل العملية وكيف كان موقفه، يكمل: "الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان هو الذي كذب عليهم لأنه اعطى الأوامر، وحينها اجرت معي الصحافية بابرا وولتزا لقاء صحافيًا عن الموضوع وخرجت من القصة نظيفًا لكن الأميركيين "علقوا" فيها".
وردًا على سؤال كيف تورط الأميركيون، يواصل حديثه: "بدأوا يأخذون الفلوس التي يحصلون عليها من إيران ويمولون الحرب في نيكاراغوا، فمثلا قطعة الغيار بعشرة قروش كانوا يبيعونها على ايران بعشرين قرشًا ويأخذون الفرق ويشترون به اسلحة ويعطونها لنيكاراغوا، وكانت العملية معقدة لان اورتيغا كان طرفًا في القضية".

دور إسرائيل

وإن كان لإسرائيل دور في العملية، يقول: "نعم كان لها دور لأنها كانت تحمل الاسلحة بطائراتها وتوصلها إلى ايران ،وكل القضية استمرت نحو سنة فقط".

ويشار إلى أن خاشقجي أبن اخته هو دودي الفايد، الذي قتل برفقة الأميرة ديانا، ولا يعتقد خاشقجي في حواره مع صحيفة "الأنباء"، ان يكون وراء وفاة ابن اخته مؤامرة مدبرة، قائلاً: "اعتقد أن الأمر كان مجرد حادث، من أول يوم قالوا ان هناك مؤامرة، لكن لم اقتنع بذلك، فليس من السهل إتمام مؤامرة من هذا النوع او المخاطرة بذلك".

فيلم الرسالة !

وقد لا يعرف الكثيرون أن عدنان خاشقجي هو منتج فيلم "الرسالة" الشهير، ويوضح خلال المقابلة ذاتها أنه انتج 4 افلام سينمائية، أحدها فيلم "الرسالة" وهو اهم فيلم انتجه، موضحًا أن المخرج العالمي المرحوم مصطفى العقاد، يعد من ابرز من تعامل معهم، إضافة إلى الفنان طوني كوين.

ويؤكد أن اذكى رئيس أميركي قابله كان ريتشارد نيكسون، حيث عرفه عن قرب، وكان يسجل أهم ما يقوله محدثه في مذكرة يحتفظ بها دومًا في جيبه. ويوضح ايضًا أن نيكسون كان يعمل محاميًا استشاريًا له في بعض القضايا التجاربة الخاصة.

12 قصرًا

وكان خاشقجي يمتلك 12 قصرًا في عدة دول، ومنها مصر، ومدريد، وموناكو، وكان، وجزر الكناري، ولندن، ورما، وسان فرانسيسكو.

وفي إجابة له عن حجم ثروته في الوقت الذي اجريت به المقابلة أي عام 2008، يقول خاشقجي: "الحياة فيها صعود ونزول، خسرنا كثيرًا خاصة في مدينة سولت لابلاسيني في «يوتاه»، حيث أدت الأمطار والفيضانات، الى غرق مناجم النحاس، التي كنـت املكها وايضًـا انخفضت قيمة العقارات، وخسرت في عام 1983مبلغ مليـــار و500 مليون دولار وكانت تلك الحادثة السبب الرئيسي في تراجع ثروتي وليس التبذير. كان عندي وارد 300 مليون دولار في السنة وكنت اصرف 30 مليونًا، اذن 10% ليست بالكثير".

ويكشف رجال الأعمال السعودي كذلك أن اكبر صفقة تجاربة انجزها كانت في عام 1978 وبلغت 800 مليون دولار.

ركوب الخيل

وتحـدث خاشقجي عن هوايته المفضلة، وهـــي ركـوب الخيل قائـلا: عام 1979 اشتريت 7 خيول من مصر وأردت شحنها بحرًا إلى اسـبانيا فاكتشفت ان الإسـبان يمنعون استيراد الخيول خشية على سلالات الخيول الموجودة لديهم، وبعد مشاورات واتصالات عـــدة أرشـــدني أحدهم الى خطة وهي: «اخفاء الجهاز التناسلــي للخيــول لإظهارها وكأنها فقدت فحولتها» وتمت العملية بنجاح!.