اسطنبول: تحاول أنقرة التي تعتمد سياسة قريبة من السياسة القطرية في الشرق الاوسط، مساعدة الامارة بعد عزلها من جانب جيرانها، لكن هامش المناورة بالنسبة اليه محدود، بحسب ما يقول محللون.

وعلى غرار قطر، تدعم تركيا برئاسة الرئيس رجب اردوغان، عددا من حركات الاسلام السياسي مثل الاخوان المسلمين وحماس، وترتبط بعلاقات ودية مع ايران التي زار وزير خارجيتها الاربعاء انقرة في اوج الازمة بين عواصم خليجية والدوحة.

وهذا الموقف السياسي بالذات الشبيه بموقف قطر، بحسب محللين، هو الذي جلب للدوحة غضب مصر والسعودية والامارات والبحرين التي قطعت علاقاتها مع الدوحة الاثنين واتخذت اجراءات بغرض عزلها، ما أدى الى نشوب أسوأ ازمة دبلوماسية في المنطقة منذ سنوات.

وفي محاولة للحفاظ على علاقاتها الجيدة مع السعودية، دعت تركيا في مرحلة اولى الى ضبط النفس وعرضت الوساطة في الازمة.

لكن اردوغان عاد الثلاثاء وانتقد العقوبات التي فرضت على قطر واكد نيته تطوير علاقات بلاده مع الدوحة. وكان أمير قطر أحد أول قادة العالم الذين قدموا الدعم لاردوغان اثر محاولة الانقلاب في تركيا في منتصف تموز/يوليو 2016.

وتكثفت في وسائل الاعلام القريبة من الحكومة التركية المقالات المؤيدة لقطر، وكذلك الحملات المتعاطفة معها على وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا.

مصالح اقتصادية

وفي مؤشر دعم آخر، صادق البرلمان التركي الاربعاء على نشر قوات في قاعدة عسكرية تركية في قطر.

وعلاوة على العلاقات الدبلوماسية القوية بين قطر وتركيا، يمكن تفسير موقف أنقرة أيضا بالوزن المتنامي للاستثمارات القطرية في الاقتصاد التركي والتي تبلغ قيمتها، بحسب أرقام نشرتها الصحف التركية، حاليا الى 1,5 مليار دولار. وقد فازت شركات تركية بعقود بقيمة تفوق 13 مليار دولار في مشاريع بناء في قطر على صلة بكأس العالم لكرة القدم في 2022.

وبحسب رئيس مركز "إيكونوميكس اند فورين بوليسي" سنان اولغين في اسطنبول، فإن "هذه الازمة غير ملائمة بتاتا لتركيا لانها تقيم علاقات جيدة مع كل من قطر والسعودية".

وتخوف بعض المحللين الاتراك الذين شبهوا سياسة الدوحة بسياسة انقرة، من ان تتعرض تركيا بدورها لرد فعل من السعودية وحلفائها.

ويرى سنان ان هذا السيناريو "غير واقعي"، لكنه يعتبر ان تركيا يمكن ان تتاثر بالعقوبات التي فرضت على الدوحة. ويقول "ان خسارة قطر لاستقلالها في مجال السياسة الخارجية سيضعف الشراكة بين تركيا وهذا الحليف الاساسي في الخليج".

هل يتم استهداف تركيا؟

ويؤكد المحلل مارك بيريني من مركز "كارنيغي" اوروبا، ان فرص نجاح وساطة تركية محتملة في هذه الازمة، ضعيفة.

ويقول ان "تأثير سياسة مصالحة مصدرها تركيا سيكون بالتاكيد محدودا بسبب الخلاف شبه الدائم بين انقرة والقاهرة" منذ الاطاحة بالرئيس الاسبق محمد مرسي، حليف اردوغان والمنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين، وتولي عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر.

ويضيف "تعتبر تركيا في الخليج العربي حليفا سياسيا مقربا من قطر. وبشكل غير مباشر، يمكن ان تتأثر سلبا على الصعيد الدبلوماسي من هذا الوضع الجديد في شبه الجزيرة العربية".

ويؤكد الباحث ديدييه بيليون من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ان تركيا تجد نفسها "في وضع صعب"، معتبرا ان "توجهها الرئيسي سيكون محاولة تخفيف الضغط، لكن فرص ان يستمع اليها أحد في هذه المرحلة نسبية جدا".

لكنه يستبعد بدوره ان تستهدف تركيا بدورها من السعودية بسبب صلاتها بتنظيم الاخوان المسلمين او ايران. ويقول "يدرك السعوديون ان تركيا قوة اقليمية مهمة لا يمكن دفعها الى الاصطفاف، وبالتحديد في صفهم".