نصر المجالي: مع تصاعد الحملات السياسية والإعلامية ضدها، بعد الصدمة الكبيرة التي واجهتها من نتيجة الانتخابات، تجد رئيسة الحكومة تيريزا ماي مستقبلها في الميزان وسط تحديات ظروف بريطانية محلية وأوروبية صعبة على وقع الاستعدادات لمفاوضات (بريكسيت)، وهناك توقعات أن تستقيل قبل مؤتمر حزب المحافظين في أكتوبر.

ووسط غابة يتناحر في ساحتها صقور حزب المحافظين على خلافة ماي، فضلاً عن تلويح حزب العمال المعارض بالعمل على إزاحة رئيسة الحكومة وحزبها سواء بسواء من السلطة، أعلن بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني، تأييده لرئيسة الوزراء بعد تقرير لصحيفة (ميل أون صندي) أنه يخطط لمنافستها على رئاسة الحكومة.

وكانت الصحيفة نقلت عن حليف مقرب لجونسون قوله: "نحن بحاجة إلى بوريس.. نحن بحاجة إلى شخص يحسن التحدث والتواصل مع الناس.. نحن بحاجة إلى شخص يمكن أن يعيد لبريطانيا الثقة بالنفس".

وكتب جونسون على "تويتر" مساء السبت: "(ما نشرته) ميل أون صندي هراء.. إنني أساند تيريزا ماي. فلنواصل العمل ـMail on Sunday tripe - I am backing Theresa may. Let's get on with the job".

مساعٍ للخلافة

وكانت صحيفة (صنداي تايمز) ذكرت من جانبها، أن خمسة وزراء في الحكومة طلبوا من جونسون أن يبدأ مساعي ليحل محل رئيسة الوزراء تيريزا ماي بعد أن فشلت في الحصول على أغلبية برلمانية لحزب المحافظين في الانتخابات التي جرت الأربعاء الماضي.

ونقلت الصحيفة عن حليف لجونسون قوله: "تعهدت مجموعة من كبار الشخصيات بالولاء لبوريس (جونسون) على مستوى مجلس الوزراء".

يذكر أن الانتخابات المبكرة التي كانت دعت لها رئيسة الوزراء ماي من أجل تعزيز موقعها في الحكومة، أدت إلى خسارة حزبها مقاعد في البرلمان، وحصول منافسها حزب العمال على مقاعد أكثر فيه.
وحصل حزب المحافظين على 318 مقعدًا، أقل بـ 12 مما كان لديه في السابق، وأقل بـ 8 مقاعد مما تحتاجه للحصول على الأغلبية المطلقة.

انتقادات وتوقعات

وحملت صحف الأحد البريطانية الصادرة اليوم تقارير وتحليلات كلها توجه سهام الانتقاد لرئيسة الحكومة، وتشير إلى أنها لا يمكن أن تظل في المنصب طويلاً. 

وتحت عنوان "في القيادة بلا سلطة"، قالت (صنداي تلغراف) إن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمست في عزلة وضعف، حيث لم توقف استقالة اثنين من كبار مساعديها رد الفعل الغاضب لحزب المحافظين.

وأشار إلى أن مجلس الوزراء ابلغ ماي أنها يجب أن تحدث تغييرًا شاملاً في أسلوبها في الزعامة وتغيير سياستها الاقتصادية إذا أرادت البقاء في السلطة في الوقت الحالي.

ووفقًا للصحيفة، فإن مجلس الوزراء اشترط حماية مجال الأعمال والمال أثناء مرحلة الخروج من الاتحاد الأوروبي وتوفير تمويلات إضافية لوزارة الخارجية لمنح دعمه لماي.

وتضيف الصحيفة أن ماي حصلت على الدعم على المدى القصير من حزب المحافظين خوفًا من أن إجراء انتخابات جديدة سيؤدي إلى فوز جيريمي كوربن زعيم حزب العمال برئاسة الوزراء.

موعد اكتوبر

ويشير التقرير إلى أن المساعي غير الرسمية لتغيير ماي بدأت بالفعل، حيث بدأ حلفاء بوريس جونسون وديفيد ديفز بالحديث عن جدارتهما للمنصب. وتقول الصحيفة إن زعامات حزب المحافظين يعتقدون أن ماي لا يمكنها البقاء في السلطة طويلاً، حيث يدعو البعض إلى تغييرها بحلول مؤتمر الحزب في أكتوبر.
وقال وزير في حكومة ماي للصحيفة: "هي من كبد نفسه هذه الخسائر، وكان بالإمكان تجنب الأمر برمته. قُضي على مصداقيتها تمامًا داخل البلاد وخارجها".

كما أعرب بعض قادة حزب المحافظين عن قلقهم من أن سمعة الحزب قد تتضرر إذا شكل ائتلافًا مع الحزب الاتحادي الديمقراطي لشمال ايرلندا، الذي وجه في السابق انتقادات لزواج المثليين.

وتقول الصحيفة إنه في مدة لا تتجاور 24 ساعة، تحولت ماي من الاعتقاد بأنها قد تحصل على أغلبية تاريخية إلى التشبث بالسلطة عن طريق التعهد بإحداث تغيير كبير في أسلوبها في الزعامة، والضرر الناجم عن التحول الكبير في منظور ماي لنفسها ولصورتها قد يكون طعنة قاتلة بالنسبة لها.

افتقار السلطة

ومن جهتها، تساءلت صحيفة (أوبزرفر) في افتتاحية تحت عنوان "بعد إخفاقها الانتخابي، ماي تفتقر إلى السلطة والقوة والمصداقية": كيف آل الحال إلى ما هو عليه؟ كيف انتهى الحال بسياسية يثنى على شجاعتها وخبرتها منذ عام إلى البقاء في عزل في مقر رئاسة الوزراء في داوننغ ستريت، بلا أصدقاء، سجينة حزبها الغاضب، والأحداث التي خرجت عن سيطرتها؟.

وتقول الصحيفة إن ماي مسؤولة عن أسوأ حملة انتخابية في التاريخ، حيث أهدرت فرصة الاستفادة من استطلاعات الرأي التي قدرت أن حزبها سيفوز بفارق عشرين نقطة، كما أضاعت أغلبيىة حزبها.

وتقول الصحيفة إن نتيجة الانتخابات تترك بريطانيا في مواجهة سؤال هام للغاية، وهو من الذي لديه السلطة لحكم بريطانيا؟ وتضيف أن بريطانيا على وشك البدء في محادثات هي الأهم منذ الحرب العالمية الثانية، وهي محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وتستدرك الصحيفة قائلة "لكن ماي تفتقر إلى السلطة والرصيد السياسي، اللذين تحتاجهما للتفاوض بقوة لصالح بريطانيا في محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي".