واشنطن: عززت الشهادة اللاذعة التي أدلى بها المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي)، جيمس كومي، فرص توجيه اتهامات بعرقلة القضاء للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بحسب خبراء قانونيين. 

إلا أن هناك حاجة لتوفير مزيد من الأدلة لإثبات أن الرئيس حاول إعاقة التحقيق في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، والتي وضع بموجبها عددا من أعضاء فريق حملة ترمب الانتخابية تحت المجهر.

وفي حال ورود أدلة أقوى، قد يواجه ترمب اتهامات جنائية مشابهة لتلك التي دفعت الرئيس ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة عام 1973، وتسببت بعزل بيل كلينتون من قبل مجلس النواب قبل أن تنجيه محاكمة امام مجلس الشيوخ عامي 1998 و1999. 

ويفترض محللون قانونيون أن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق روبرت مولر، الذي تم تعيينه مدعيا خاصا مستقلا للتحقيق في قضية التدخل الروسي، وسع دائرة تحقيقاته للنظر في إن كان ترمب تدخل بأي طريقة مخالفة للقانون.

ويوضح استاذ القانون في جامعة هارفارد، مارك توشنيت، أن شهادة كومي الخميس أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ كانت بمثابة "تصريح قوي للغاية" يدعم التحقيق في مسألة عرقلة القضاء.

وأضاف الاستاذ الخبير في تاريخ القانون أن ما أفاد به كومي بشأن لقائه الخاص في شباط/فبراير مع ترمب، وإقالة الأخير له في التاسع من مايو "يعطي المدعي الخاص سببا قويا ليكون غير متهاون بشكل كبير". 

والجمعة، اتهم الرئيس الأميركي كومي بأنه "كذب" مشيرا إلى استعداده "التام" للإجابة عن الاسئلة التي قد يطرحها مولر في إطار أي تحقيق. 

والتحدي الأول الذي يواجه ترمب يكمن في كلمة "أمل" حيث أفاد كومي أنه خلال اجتماعهما الذي عقد في 14 فبراير، أعرب ترمب عن "أمله" في أن يتخلى "اف بي آي" عن تحقيقاته المتعلقة بالمستشار السابق للأمن القومي مايكل فلين بشأن اتصالات الأخير بالمسؤولين الروس. 

وأشار كومي إلى أنه اعتبر ذلك أمرا رئاسيا، قائلا "إنه رئيس الولايات المتحدة، معي وحدي"، موضحا أن ترمب طلب من جميع الموظفين مغادرة الغرفة قبل النقاش. 

وأضاف "عندما يأتي (طلب من هذا النوع) من الرئيس، اعتبره توجيها". وعند سؤاله إن كان رأى فيه "أمرا"، أجاب كومي "نعم". 

وعبر كومي عن اعتقاده بأنه أقيل بسبب التحقيق المتعلق بروسيا، والذي كان يقترب من البيت الأبيض، وطال حتى صهر ترمب وكبار مستشاريه جاريد كوشنر. 

وقال "فسرت معنى كلامه كما هو حرفيا بأنه تمت اقالتي من منصبي بسبب التحقيق الروسي،" في إشارة إلى تصريح أدلى به ترمب لشبكة "ان بي سي". وأضاف "هناك أمر ما في الطريقة التي كنت أدير بها التحقيق نتج عنها شعور لدى الرئيس أن هناك ضغطا عليه يريد أن يرتاح منه". 

شهادة مُدينة

ورأى محام في واشنطن شغل منصبا رفيعا في إحدى الإدارات السابقة أن شهادة كومي تشكل إدانة للرئيس، نظرا لسمعة مدير "اف بي آي" السابق على أنه محقق منهجي وشديد الحرص. 

وقال المحامي الذي طلب عدم الكشف عن هويته "سيتم التحقيق في ذلك. لو كنت أنا محامي ترمب، كنت سأعرف الآن بأن المدعي العام فتح ملف عرقلة" التحقيق.

ولكنه أوضح "ستتمحور المسألة حول إن كانوا سيجدون دليلا على النية" لديه للقيام بذلك.

ويمكن الحصول على دليل من هذا النوع من أي زاوية حيث يرجح أن يسعى كومي إلى تحديد إن كان أي من موظفي البيت الأبيض ناقش ما كان سيقوله ترمب ويقوم به، حيال كومي. 

وإضافة إلى ذلك، أفادت تقارير إعلامية أن ترمب طلب من مسؤولين آخرين التدخل. 

وقبل يوم على شهادة كومي، رفض كل من من مدير وكالة الأمن القومي مايك روجرز ومدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس، الإجابة عندما سألهم اعضاء لجنة الاستخبارات إن كان ترمب "طلب" منهم تخفيف التحقيق. إلا أن المسؤولين أكدا أنهما لم يشعرا بأي "ضغوطات" على الإطلاق للقيام بذلك. 

إلا أن ما شعرا به ليس بأهمية إن كان طلب منهما ذلك، بحسب المحامي الذي اعتبر أن ذلك قد يشكل "دليلا إضافيا على وجود نية". 

مجرد "خطايا سياسية"

وكتب محامي الدفاع الشهير، آلان ديرشويتز، على موقع "تويتر" أن ترمب في أسوأ الأحوال مدان بارتكاب "خطايا سياسية" مشيرا إلى عدم وجود "قضية منطقية" تشكل أساسا لتوجيه اتهامات له بعرقلة القضاء. وكتب "لا يمكن أن تكون هناك قضية عرقلة للقضاء في وقت لم يرتكب الرئيس نفسه جريمة". وأضاف أن "الرئيس لديه السلطة ليطلب من مدير اف بي آي وقف تحقيق ما". 

ولكن عضو الكونغرس الجمهوري السابق بوب انغليس اختصر خطورة الوضع الحالي عندما استذكر دوره في اللجنة القضائية التابعة لمجلس النواب عندما صوتت لصالح عزل بيل كلينتون عام 1998 لقيامه بعرقلة القضاء والادلاء بشهادة زور.

واشار في هذا السياق إلى أن مجلس الشيوخ حاكم كلينتون "في قضايا أقل خطورة من تلك التي أمامنا الآن".