نصر المجالي: اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "العمر السياسي الطويل" للمسؤولين الحكوميين أمر طبيعي وإيجابي، إذا كان ذلك لا يتعارض مع القانون والإجراءات الديمقراطية، جاء ذلك خلال حديث مقتضب مع الصحافيين بعد انتهاء حواره المباشر السنوي مع المواطنين.

وأجاب الرئيس الروسي، اليوم الخميس، على أسئلة مواطنيه خلال "الحوار المباشر" الذي ترسخت تقاليده منذ العام 2001 ويستغرق عادة أكثر من 3 ساعات، وقد بلغ عدد الطلبات والأسئلة، التي تقدم بها الروس إلى بوتين خلال الحوار، 2.3 مليون.

وأوضح بوتين، في تصريحاته التي نقلتها وسائل الإعلام الروسية أنه يتابع ما يجري في دول أخرى "ونعرف كيف تجري العمليات السياسية هناك، ونعرف المعمرين السياسيين. إنه أمر طبيعي، شريطة بقائه في إطار الإجراءات الديمقراطية، وتوافقه مع القوانين". وأضاف: "لم ينتهك أحد في بلادنا القانون من وجهة النظر هذه".

وكان بوتين قد قال ردا على سؤال أحد المواطنين أثناء الخط المباشر، إن الناخب الروسي وحده من حقه أن يحدد من سيترأس البلاد أو الإقليم أو المقاطعة أو مدينة معينة.

المرشح المحتمل

وكان المواطن قد استفسر من الرئيس بوتين حول المرشح المحتمل الذي يفضل (بوتين) أن يراه في منصب الرئاسة كخليفه له. وامتنع بوتين عن الإجابة المباشرة، على الرغم من إقراره بأن الإعلان عن موقفه بهذا الشأن لن يشكل "أمرا مخجلا". وتابع قائلا: "أولا، أنا لا أزال أعمل، وثانيا يجب أن يقرر ذلك الناخب - الشعب الروسي".

وستجري الانتخابات الرئاسية القادمة في روسيا في مارس العام 2018. ولم يعلن بوتين حتى الآن ما إذا كان يخطط للترشح للرئاسة مجددا، مع العلم أن الدستور الروسي يسمح له بالترشح لولاية ثانية لست سنوات أخرى.

عربون الفائزين

وقال الرئيس الروسي ردا على سؤال آخر خلال الحوار إن المواطنين هم من يجب أن يقيّموا عمل أي مسؤول رفيع المستوى في أداء مهامه. ووصف بوتين نتائج الانتخابات بأنها "عربون" بالنسبة للفائزين.

وجاء رد بوتين في معرض تعليقه على التغييرات في صفوف محافظي الأقاليم الروسية، علما بأن اختيار حكام الأقاليم الجدد في روسيا يتم عبر الانتخابات المحلية المباشرة، لكن السلطة الفدرالية تلعب دورا كبيرا في عملية ترشيح الأشخاص لهذه المناصب وإقالة المحافظين. 
وأوضح بوتين أن عمليات تناوب المحافظين التي شهدت تكثيفا في الآونة الأخيرة، تأتي في معظم الحالات، استجابة لرغبة المحافظين أنفسهم الذين يريدون مواصلة العمل في منصب آخر بعد انتهاء مدتهم على رأس السلطة في إقليم معين.

لكنه شدد على أن المواطنين هم من يجب أن يقيّموا، بالدرجة الأولى، ما إذا كان محافظ إقليمهم ينجح في أداء مهامه أم لا.

الحوار مع المعارضة

وإلى ذلك، أعلن الرئيس الروسي استعداده للحوار مع معارضة لا تستغل مشكلات البلاد لتحقيق أغراضها السياسية، بل تقترح حلولا لهذه المشكلات.

وقال بوتين خلال حواره المباشر السنوي مع المواطنين: "أنا مستعد للحوار مع كل من يهتم حقيقة بتحسين ظروف الناس المعيشية وحل المشكلات التي تواجه البلاد، بدلا من أن يستغل المشكلات القائمة - وهناك مشكلات بما فيه الكفاية دوما وفي كل مكان - سعيا وراء الترويج السياسي لنفسه وعمل الدعاية السياسية لنفسه..، كي ينتفع سياسيا من وجود هذه الصعوبات، الأمر الذي لا يقود سوى إلى تفاقمها".

وتابع بوتين قائلا: "يجب عدم استغلال (المشكلات)، بل طرح حلول. والأشخاص الذين يقترحون الحلول يستحقون الاهتمام الأكبر، ومن حقهم أن يحاوروا السلطة، وهذا ما سنفعله".

تظاهرات غير مرخصة

وتطرق الرئيس الروسي بهذا الصدد إلى تظاهرات غير مرخصة شهدتها موسكو قبل أيام، معتبرا أنها لم تنظم من أجل تحسين الوضع في البلاد، وإنما من أجل الدعاية السياسية وتحقيق أهداف شخصية، وأوضح بوتين موقفه من هذه الأحداث قائلا: "تنظيم تظاهرات احتجاجية شيء واستخدامها كأداة للاستفزازات والتصعيد شيء آخر، وهو أمر غير مرحب به من وجهة نظري".

الجيش السوري

وعلى صعيد آخر، قال الرئيس الروسي إن إحدى المهمات الرئيسية ذات الأولوية بالنسبة لروسيا هي تعزيز قدرات الجيش السوري، لكي يتمكن من تحقيق أهدافه بنفسه. وأوضح أن موسكو تحرص على إطلاق عملية تسوية سياسية في سوريا بين جميع أطراف النزاع.

وتابع قائلا: "مهمتنا على المدى القريب تكمن في زيادة مستوى الجيش السوري وقدراته القتالية، لكي نتمكن بعد ذلك من الانسحاب بهدوء إلى مراكز المرابطة في حميميم وفي قاعدة طرطوس، ولنتيح للقوات السورية فرصة العمل بفعالية وتحقيق أهدافها المرجوة".

وأكد أنه حتى بعد هذا الانسحاب، سيكون بإمكان الطيران الروسي تقديم الدعم الجوي الضروري للجيش السوري في محاربة التنظيمات الإرهابية. وأضاف قائلا: "هذه هي خططنا".

واعتبر بوتين أن الخبرة التي اكتسبتها القوات المسلحة الروسية في ظروف القتال بالخارج، واستخدامها أحدث أنواع الأسلحة الروسية، يعد "أمرا لا يقدر بثمن". وتابع: "اكتسبت قواتنا المسلحة نوعية جديدة فعلا".

وأكد أن العملية العسكرية في سوريا جاءت بمنفعة كبيرة بالنسبة لقطاع التصنيع العسكري في روسيا، إذ سمحت باختبار أحدث أنواع الأسلحة وتصحيح العيوب وزيادة جودة هذه الأسلحة.

وأضاف أن بعض وحدات الجيش الروسي التي تم تشكيلها مؤخرا، أثبتت فعاليتها خلال العمل العسكري في سوريا.

تعاون روسي أميركي

قال بوتين إن موسكو لا تعتبر الولايات المتحدة عدوا لها، وحذر من استحالة تسوية الأزمة السورية بدون تعاون روسي أميركي بناء. وأوضح أن هناك مجالات كثيرة تتطلب تعاونا وثيقا بين البلدين، وبينها منع انتشار الأسلحة النووية ومكافحة الفقر والتصدي للتغيير المناخي.

وتابع قائلا: "هناك الأزمة السورية وقضية الشرق الأوسط. ولقد اتضح للجميع أننا لن ننجح في شيء بدون تعاون مشترك بناء".

الحوار المباشر

وكان الرئيس الروسي قال إن الحوار المباشر السنوي، هو وسيلة للتعرف أكثر على مشاغل الناس وفهمها. وأكد ان الحوار المباشر، في دورته الخامسة عشرة، الذي تبثه وسائل إعلام روسية، إن "هذا الحوار يحفز على التحرك نحو المكان التي توجد به أشياء سيئة، وفعل الأحسن، تعبيد الطرقات في المناطق التي يتطلب فيها الأمر ذلك، العمل على حل مسائل في قطاع الصحة، والقطاعات الاجتماعية الأخرى".

وأكد بوتين أن "الشيء الأهم هو فهم مزاج المجتمع، والتعرف على أهم الأشياء، التي تقلق الناس اليوم".

وقال الرئيس الروسي إنه من غير الممكن الإجابة على كل الأسئلة، نظرا لكمها الهائل، موضحا أنه من خلال أسئلة المواطنين، "تتضح لي وللحكومة، المشاغل الأساسية، وذات الأهمية، التي تتطلب اهتماما خاصا". وتابع بوتين أنه "من أجل ذلك يشارك الناس في هذا الحوار المباشر".