يجمع الخبراء والمهتمون على أنّ قطر لا يمكنها أن تستمر طويلا في استعداء جيرانها، فاحتمال انضمامها الى حلف روسي ايراني تركي، يبدو ضعيفا للغاية.


إيلاف من لندن: قاطع جيران قطر الخليجيون، الدوحة، في السابق، لعلها ترعوي وتكف عن دعم جماعات نعتت بالارهابية على غرار تنظيم القاعدة وجماعة الاخوان المسلمين ولكن محللين يرون ان الوضع يختلف اختلافاً جذرياً هذه المرة.

يقول المحلل الاستراتيجي البحريني عمر محمد "هذه أزمة كبيرة ولن تتراجع السعودية والامارات والبحرين هذه المرة، لأن التراجع يمكن ان يضعف ما حققه مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه".

وكانت قطر نفت دعمها للتطرف الاسلامي واصفة المقاطعة بأنها "غير مبررة".

وندد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بالمقاطعة لكنه قال ان بلده مستعد للتوصل الى حل دبلوماسي.

وصرح الوزير عقب اجتماعات دبلوماسية في باريس مؤخرا ان الدوحة تدعم جهود الوساطة الكويتية ولكنه أصر على ان سياسة قطر الخارجية لا تخضع للتفاوض.

ولاحظ مراقبون غربيون ان وزيري الخارجية والاقتصاد القطريين ينتميان الى الأسرة الحاكمة وان قطر التي لا تزيد مساحتها على ولاية كونكتيكات الاميركية سكانها 2.6 مليون منهم نحو 300 الف فقط مواطنون قطريون.

واشارت صحيفة لوس انجيليس تايمز في تقرير الى ان قطر خرجت عن الصف الخليجي في السنوات الأخيرة باستخدام اوراق ثروتها النفطية والغازية وعلاقاتها مع ايران والولايات المتحدة التي يتمركز 10 آلاف من جنودها في قاعدة العُديد الجوية الضخمة خارج الدوحة.

واعادت الصحيفة في تقريرها التذكير بأن "ولي العهد القطري حينئذ، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني سيطر على الحكم بانقلاب في عام 1995 وبدأ يعيد بناء نفوذ بلاده من خلال تحالفات استراتيجية مع ايران وعلاقات تجارية مع اسرائيل واقامة قاعدة جوية اميركية على اراضيها. وانتعش اقتصاد قطر مدعوماً بأسواق الغاز السائل في آسيا ليتوسع من 8.1 مليارات دولار في عام 1995 الى 210 مليارات دولار في عام 2014". 

واضاف التقرير "ان القيادة القطرية سعت الى استثمار انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 بالدخول في شراكة مع تركيا... وبعد الانتفاضات تنازل أمير قطر ليخلفه نجله الشاب الأقل خبرة"، على حد وصف لوس انجليس تايمز.

ونقلت الصحيفة عن الباحث في معهد اميركان انتربرايز في واشنطن اندرو باون قوله ان الامارات حثت القادة السعوديين على التحرك بفاعلية اشد في مواجهة قطر بسبب علاقاتها مع ايران ودعمها جماعات اسلامية متطرفة.

وقال المستشار في مؤسسة غالف ستيت اناليتيكس للأبحاث المختصة بشؤون الخليج في واشنطن ثيودور كاراسيك "ان على السعوديين والاماراتيين ان يرتبوا بيت مجلس التعاون الخليجي أولا قبل اقامة تحالف أوسع، أو ناتو عربي".

واضاف "ان قطر يجب ان تعاد الى الحظيرة أو تُدفع الى الافلاس أو تُستوعَب".

وأكد كاراسيك "ان للأزمة تأثيراً مباشراً على الولايات المتحدة لأن من الضروري رأب الصدع في مجلس التعاون الخليجي من أجل مواصلة الحرب ضد التطرف".

وكان الرئيس الاميركي دونالد ترمب أثنى على المقاطعة في البداية ولكن الادارة عادت ودعت الى انهائها.

وحذر وزير الدفاع جيمس ماتيس من ان روسيا يمكن ان تستغل النزاع الخليجي فيما حث وزير الخارجية ريكس تيلرسون الدول العربية ذات العلاقة على انهاء مقاطعتها لأسباب انسانية وعسكرية تتعلق باستمرار الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" ودور قاعدة العديد في هذه الحرب.

في هذه الأثناء وقعت الولايات المتحدة صفقة قيمتها 12 مليار دولار لبيع قطر مقاتلات من طراز اف ـ 15 وفي يوم الخميس بدأت قطع بحرية اميركية وقطرية تمارين مشتركة قبالة سواحل قطر.

رفض المسؤولون القطريون التراجع مدافعين عن قناة "الجزيرة" المتهمة بترويج التطرف الاسلامي ولجأوا الى تغيير مسارات الرحلات الجوية واستلام المواد الغذائية ومساعدات اخرى من تركيا وايران.

واتخذ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والاعلام الرسمي في تركيا جانب قطر بما في ذلك تصويت البرلمان التركي لصالح ارسال 3000 جندي الى القاعدة التركية في قطر حيث يتمركز 100 جندي تركي.

وقال الباحث اندرو باون "ان تركيا قد ترى في هذا فرصة لإعادة تأكيد وجودها" لا سيما بعد إعادة انتخاب اردوغان مؤخرا. واضاف باون "ان هذه بالنسبة لاردوغان فرصة ذهبية لإعادة تأكيد نفسه بوصفه اللاعب المهيمن في المنطقة".

ورغم عضوية تركيا في حلف الأطلسي فانها تحالفت مع روسيا التي لم تتخذ حتى الآن موقفاً واضحاً من الأزمة القطرية.

وقال الباحث كاراسيك ان هذا يمكن ان يتغير قريباً لأن من مصلحة روسيا تحجيم حصة قطر من سوق الغاز السائل في السنوات المقبلة وإغراء المسؤولين القطريين بوعد المساهمة في إعادة بناء سوريا.

وقال الباحث باون ان رسالة القمة التي عُقدت في الرياض خلال زيارة ترمب "كان من المفترض ان تقول ان كل الطرق تمر عبر الرياض وليس أنقرة وموسكو". 

وتوقع الباحث البحريني عمر محمد ان تنصاع قطر في نهاية المطاف لأن "ظهور محور حيث تكون طرفاً في تحالف تركي ـ ايراني وخارج مجلس التعاون الخليجي أمر مستبعد أو لا يمكن تحقيقه على المدى البعيد ، ولأن هذه نتيجة لن ترتاح اليها الولايات المتحدة".

ونقلت صحيفة لوس انجيليس عن محمد قوله "ان على قطر ان تدرك ان هذه ليست محاولة للنيل من سيادتها كما تدعي بل على العكس، فان مطالبة شقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي هي ما يُنتظَر من جميع الدول الطبيعية الملتزمة بالقانون".

واضاف "ان من مصلحة قطر الاستراتيجية ان تدرك هذا عاجلا وليس آجلا".

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "لوس انجيليس تايمز". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.latimes.com/world/middleeast/la-fg-qatar-explainer-2017-story.html