إيلاف من تونس: دانت نقابة الصحافيين في تونس السبت قرار حكومة يوسف الشاهد اقالة الرئيس المدير العام للتلفزيون المملوك للدولة واتهمتها بـ"وضع اليد" على الاعلام العمومي.

واقالت الحكومة الجمعة الرئيس المدير العام لمؤسسة "التلفزة التونسية" إلياس الغربي، وذلك غداة تأخر بث نشرة الأخبار الرئيسة على محطة التلفزيون الاولى بساعة ونصف عن موعدها.

عزا التلفزيون في بيان الخميس تأخر بث النشرة إلى تعرّض مخرجها "لأزمة قلبية مفاجئة حالت دون حضوره لتأمين إخراجها المباشر". وقدمت الحكومة اسم "مرشح جديد" سيخلف إلياس الغربي الى "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (هايكا).

وبحسب مرسوم ينظم تعيين الرؤساء المديرين العامين لوسائل الاعلام السمعية البصرية المملوكة للدولة، يتعين أن تعطي الهيئة "رأيا مطابقا" (موافقة) في تلك التعيينات.

والسبت قالت "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" (مستقلة) في بيان بعنوان "حكومة الشاهد تضع يدها على الإعلام العمومي" إن قرار عزل إلياس الغربي "كان جاهزا، وإن عملية تعطيل بث نشرة الأخبار في موعدها مبرمجة سلفا".

ولاحظت ان العزل جاء "بعد أيام فقط من السطو على +المركز الافريقي لتدريب الصحافيين+ (مملوك للدولة) والذي حولته الحكومة إلى فرع بإدارة الإعلام والاتصال فيها، وبعد أشهر قليلة من فرض تسميات مسقطة وحسب الولاء للحكومة في مؤسسات إعلامية عمومية".

كما لاحظت النقابة "بهذا الإجراء الأخير (العزل) تكون حكومة الشاهد قد وضعت يدها على الإعلام العمومي". ورأت ان "الحرب التي تقول الحكومة انها تخوضها ضد الفساد لن تكتسب أية مصداقية (..) طالما أن الفاسدين في قطاع الإعلام يرتعون بكل حرية، بل وتقرّبهم الحكومة من دوائر قرارها وتجازيهم".

وندّدت بـ"السياسة الحكومية المعادية لمبدأ استقلالية الإعلام العمومي، من خلال تعيينات فوقية مسقطة تعتمد الولاء على حساب الكفاءة". واتهمت النقابة الحكومة بـ"تعطيل ممنهج لكل محاولات الإصلاح في التلفزة التونسية ورفضها لعقد البرامج والأهداف المتوافق عليه، فضلا عن التلكّؤ في رفض (توفير) الاعتمادات المالية اللازمة للمؤسسة، بغاية الابتزاز وفرض أجنداتها".

ودعت النقابة هيئة الاتصال السمعي البصري الى "تحمل مسؤوليتها في تقييم جدي وعلمي لأداء المسؤولين عن وسائل الإعلام العمومي السمعي البصري، وتحديد نقاط الضعف وأسباب تعطل مسار الإصلاح". كما دعتها إلى "فتح باب الترشحات الحرة لخطة الرئيس المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية استنادا إلى برامج إصلاحية لتطوير الإعلام العمومي".

ولم يتسن لفرانس برس الحصول على تعقيب من الحكومة حول الموضوع. بدورها، دعت هيئة الاتصال السمعي البصري في بيان السبت الحكومة إلى" التراجع عن هذا القرار غير القانوني (إقالة إلياس الغربي) و(قالت إنها) تحتفظ بحقها في اللجوء الى القضاء للتصدي للمحاولات المتكررة للعودة لمفهوم الإعلام الحكومي القائم على توجيه الرأي العام والدعاية".

وذكرت بأنها وافقت في سبتمبر 2016 و"بإصرار" من حكومة يوسف الشاهد على تعيين الغربي رئيسا مديرا عاما لمؤسسة التلفزة التونسية لأنه كان وقتها "المرشح الوحيد للحكومة" إلى ذلك المنصب.

ولاحظت أن موافقتها كانت "تفاعلا من الهيئة بهدف الخروج من حالة الفراغ التي كانت تعيشها مؤسسة التلفزة التونسية، بشرط أن يتم إبرام عقد أهداف ووسائل يتضمن التزامات مختلف الأطراف وآليات لتقييم الأداء".

وقالت إن "محاولات الحكومة وضع اليد على الاعلام العمومي أصبحت واضحة وجليّة للعيان خاصة ونحن على أبواب موعد تاريخي هام يتعلق بالانتخابات البلدية (المقررة في ديسمبر 2017) يقتضي ضرورة النأي بالمنشآت الإعلامية عن كل أشكال التلاعب والتوظيف الحزبي". وتتكون مؤسسة "التلفزة التونسية" من محطّتين هما "الوطنية 1" و"الوطنية 2". وتشغل المؤسسة نحو 1200 موظف حسبما افاد مسؤول بها.

وخلال هذا الاسبوع أطلق نشطاء انترنت حملة للمطالبة بـ"إصلاح" مؤسسات الإعلام العمومي الممولة من الضرائب، منتقدين استمرار "رداءة" مضامينها مقارنة بما كان عليه الوضع في عهد الديكتاتور زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة في مطلع 2011.