إيلاف - متابعة: ارتفعت الحصيلة المحتملة لقتلى حريق برج "غرينفل" في لندن إلى 58، فيما التقت رئيسة الوزراء تيريزا ماي التي تعرّضت لانتقادات واسعة إثر طريقة تعاطيها مع المأساة ناجين يبحثون عن تفسيرات لما حصل.

أفادت الشرطة التي لا تزال تبحث عن أشلاء داخل هيكل البرج المتفحم أنها ترجّح بأن 58 مفقودًا على الأقل قد قتلوا، في حصيلة تتضمن 30 قتيلا تم تأكيد وفاتهم حتى الآن.

وتم انتشال 16 جثة حتى الآن من المبنى السكني المكون من 24 طبقة، حيث تم التعرف رسميًا إلى الضحية الأولى، وهو طالب سوري يبلغ من العمر 23 عامًا، ويدعى محمد الحاج علي. من ناحيتها، رأت الملكة اليزابيث الثانية ان حالة من "الكآبة" تخيم على بريطانيا مصرة مع ذلك على أن البلاد تبدي تصميما على مواجهة هذه المحنة. إلا أن الغضب الشعبي تنامى اثر الكارثة حيث انتقد السكان الغاضبون ماي، واقتحموا مقر السلطات المحلية الجمعة.

وطالب المحتجون بالعدالة لضحايا برج "غرينفل" مصرّين على أن الحريق سببه الإهمال، وأشار العديد منهم إلى الكسوة الخارجية التي أضيفت مؤخرا إلى المبنى الاسمنتي الذي أنشئ عام 1974.

كانوا على علم بخطورته
هتف شخص بين المحتجين الذين اقتحموا مكاتب في مجلس بلدية كينسنغتون وتشيلسي، المسؤول عن إدارة المبنى الذي يقع في حي يقطنه أفراد الطبقة العاملة وسط إحدى أكثر مناطق بريطانيا ثراء، "كان مكانا خطرا وكانوا على علم بذلك". وأفادت الشرطة السبت أن التحقيقات بشأن الحريق ستدقق في أعمال الترميم التي جرت في العام الماضي للمبنى، متعهدة ملاحقة المسؤولين "في حال وجود أدلة". 

وقال المسؤول الرفيع في شرطة لندن ستيوارت كوندي للصحافيين "للأسف، هناك 58 شخصا قيل لنا إنهم كانوا في غرينفل ليلتها واعتبروا في عداد المفقودين، ولذا، أفترض بكل أسف أنهم لقوا حتفهم". 

أضاف أن العدد قد يتغير في حال ورود مزيد من المعلومات، محاولا الرد على الاسئلة التي امطره بها السكان. وامتلأت المنطقة المحيطة بالبرج بملصقات تحمل صور المفقودين بينهم أطفال وشيوخ، وضعها أقارب يائسون. 

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية المغربية انه تم التعرف على هويات ستة على الأقل من رعاياها هم بين ضحايا الحريق. أما ماي، التي واجهت اتهامات بقراءة المزاج العام بشكل خاطئ، فالتقت مجموعة من 15 شخصا بين سكان ومتطوعين في مكتبها بداونينغ ستريت.

جرى الاجتماع فيما احتشد متظاهرون في الخارج احتجاجا على عدد من القضايا بينها حريق "غرينفل". وأوضحت المجموعة مطالبها لماي خلال الاجتماع الذي استمر ساعتين ونصف ساعة. وقال رجل من الوفد لم يذكر اسمه للصحافيين إن المجموعة تحدثت عن "مطالبنا وماذا ننتظر" من الحكومة. وكانت ماي عقدت اجتماعا لفريق عمل تابع للحكومة بشأن الكارثة قبل لقائها الناجين. 

19 لا يزالون في المستشفى 
وأفاد جهاز الصحة الوطنية السبت أن نحو 19 جريحا لا يزالون يتلقون العلاج في المستشفى، عشرة منهم حالتهم خطرة. واستبعدت خدمات الطوارئ العثور على مزيد من الناجين من مأساة الأربعاء.

وتعرضت ماي لانتقادات اثر تجنبها لقاء السكان المحليين عندما زارت الخميس منطقة البرج المتفحم. وعندما عاودت زيارة المكان الجمعة، هتف محتجون ضدها "العار" و"جبانة" فيما حاولت الشرطة ابعاد الحشود. 

من جهتها ، زارت الملكة اليزابيث وحفيدها الأمير وليام مركز الرعاية الاجتماعية حيث تم إيواء بعض الناجين، وتم التبرع لهم بملابس ومواد غذائية. وقالت الملكة إن البلاد التي أحزنتها الكارثة تظهر تصميما على الوقوف في وجه المحنة وعزما على إعادة بناء حياة من دمرتهم المأساة "المروعة". 

غضب في الشوارع 
وطرحت العديد من الاسئلة بشأن أسباب عدم تركيب أنظمة رش الماء في البرج وغياب أي نظام مركزي للتنبيه من الدخان، وبشأن إن كانت أعمال ترميم جرت أخيرًا للمبنى تضمنت إضافة كسوة خارجية جديدة ساهمت في انتشار الحريق. 

وأرغم الحريق السكان على مغادرة المبنى المكون من 120 شقة وسط دخان كثيف على الدرج الوحيد المتوفر أو القفز من النوافذ أو حتى القاء أولادهم في الشارع. عكست الصحف السبت حالة الغضب السائدة في الشوارع وكتبت "ذي صن" على صفحتها الأولى "كانت جريمة قتل". 

واعتبرت صحيفة "ذي تايمز" أن "ماي تختبئ" فيما كتبت "دايلي مايل" "جحيم: الغضب يشتعل". أما صحيفة "ذي دايلي تلغراف" فذكرت أن اليساريين يستغلون التظاهرات لينشروا عمدا أخبارا سياسية كاذبة مرتبطة بنظريات مؤامرة بشأن الحريق. 

وكانت ماي أعلنت عن فتح تحقيق في الحادثة وعن خمسة ملايين جنيه استرليني (6,4 ملايين دولار) لتوفير الاحتياجات الطارئة والطعام والملابس للناجين. وأشار داميان غرين، وزير الدولة الأول ونائب ماي، إلى أن رئيسة الوزراء "مضطربة" وتتشارك مع الجميع "بنفس درجة الأسف والرعب".

وقال لإذاعة "بي بي سي" إن التحقيق سيتضمن تقارير مرحلية حيث "نريد أن يكون الرد بأسرع درجة ممكنة". وأوضح أن الحكومة ستغطي كلفة التمثيل القانوني للسكان في التحقيق مؤكدا على وعود ماي بايجاد مساكن بديلة للناجين في غضون ثلاثة أسابيع وفي مواقع أقرب ما يمكن من المكان.