موسكو: أسقطت مقاتلة أميركية الاحد طائرة حربية سورية في محافظة الرقة في شمال سوريا، بالتزامن مع اطلاق إيران من أراضيها صواريخ باليستية ضد مواقع لداعش في سوريا، في تطورات غير مسبوقة في النزاع السوري منذ اندلاعه قبل ست سنوات.

ومن شأن هذين الحادثين المفاجئين أن يزيدا من تعقيدات النزاع، ويأتيان في وقت تخوض قوات سوريا الديموقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية) معارك لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من مدينة الرقة، معقله الابرز في سوريا. 

عمل عدواني

واعتبرت موسكو، أحد أبرز حلفاء دمشق الى جانب إيران، إسقاط الطائرة السورية "عملاً عدوانيًا". 

وفي مؤشر على تصعيد إضافي محتمل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان الاثنين "ستتم مراقبة مسار الطائرات والطائرات المسيرة التابعة للتحالف الدولي التي ترصد غرب الفرات، وستعتبرها المضادات والقوة الجوية أهدافاً".

أعلنت الوزارة تعليق قناة الاتصال التي اقامتها مع البنتاغون لمنع حوادث اصطدام جوية بعد قيام طائرة اميركية باسقاط مقاتلة سورية الاحد.

وكان التحالف الدولي بقيادة وشنطن أعلن مساء الاحد ان مقاتلين موالين للنظام السوري هاجموا مواقع لقوات سوريا الديموقراطية في بلدة جنوب غرب الرقة، ما ادى الى اصابة عناصر من تلك القوات وخروجها من البلدة.

وسارعت طائرات التحالف الى وقف تقدم قوات النظام في هذه المنطقة من محافظة الرقة. لكن بعد ساعتين عند حدود الساعة السابعة مساء (18,00 ت غ)، "ألقت مقاتلة للنظام السوري (من طراز) اس يو -22 قنابل بالقرب من مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية جنوب الطبقة".

وتدخلت بعد ذلك طائرات التحالف ضد المقاتلة السورية، وفق التحالف الذي اوضح في بيانه، "وفقًا لقواعد الاشتباك والحق في الدفاع (...) تم اسقاطها على الفور من جانب مقاتلة أميركية (طراز) إف/آي-18 إي سوبر هورنيت".

وجاء البيان بعد اعلان الجيش السوري ايضًا ان طيران التحالف الدولي استهدف "احدى طائراتنا المقاتلة في منطقة الرصافة بريف الرقة الجنوبي أثناء تنفيذها مهمة قتالية ضد تنظيم داعش الإرهابي (...) ما أدى الى سقوط الطائرة وفقدان الطيار".

استفزاز وتصعيد

وتعد حادثة إسقاط الطائرة الحربية آخر وأخطر المناوشات بين التحالف الدولي والجيش السوري.

ويدعم التحالف الدولي قوات سوريا الديموقراطية في الحملة العسكرية المستمرة منذ سبعة اشهر لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من الرقة. وتمكنت تلك القوات من السيطرة على مناطق واسعة شمال وغرب وشرق المدينة قبل دخولها اليها في السادس من الشهر الحالي والسيطرة على أحياء عدة.

وبقي الجيش السوري لفترة طويلة بمنأى عن محافظة الرقة، ودخلها اخيرًا الشهر الحالي وسيطر على مناطق واسعة في ريفها الغربي وجنوبها الغربي، بعد معارك مع الجهاديين الى ان وصل الى مناطق تماس مع قوات سوريا الديموقراطية.

وزادت هذه التطورات الميدانية من الاوضاع تعقيدًا في سوريا. ويقول خبراء إن الجيش السوري يهدف في الواقع الى استعادة محافظة دير الزور المحاذية للرقة في شرق البلاد، والتي تقع بمعظمها تحت سيطرة الجهاديين. 

ويسعى الى دخولها من ثلاث جهات: جنوب الرقة ومنطقة البادية (وسط) فضلاً عن المنطقة الحدودية جنوبا.

الا ان تقدم الجيش السوري في هذه الجبهات الثلاث خلق توترًا مع التحالف الدولي الذي يدرب ايضا فصائل سورية معارضة لمحاربة الجهاديين في منطقة التنف القريبة من الحدود العراقية والاردنية.

وخلال الاسابيع الماضية، استهدف التحالف الدولي قوات النظام التي كانت تتقدم اكثر باتجاه التنف كما أسقط طائرة استطلاع تابعة لها. وعادة يقول التحالف إن رده دفاع عن قواته، مؤكدا انه لا يريد الدخول في مواجهة مع قوات النظام.

ويرى سام هيلر، الخبير في الشؤون السورية في مؤسسة "سانتشري" للدراسات، انه لا يبدو أن ايًا من الطرفين يريد التصعيد.

ويقول "اعتقد ان النظام عمد الى الاستفزاز، ورد ضابط أميركي بالدفاع عن النفس"، مشيرًا الى ان استفزازات الجيش السوري استراتيجية خطيرة.

ويضيف "لا يبدو ان احدًا اراد التصعيد عن قصد، ولكن حين تكون هناك مناوشات بهذا الشكل، هناك خطر بأن تنتهي بتصعيد مفاجئ".

صواريخ طهران

واندلعت اثر حادثة اسقاط الطائرة اشتباكات غير مسبوقة بين قوات سوريا الديموقراطية والجيش السوري قرب بلدة الرصافة جنوب الرقة. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن توقفها لاحقًا.

وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية طلال سلو في بيان، "نؤكد أن استمرار النظام في هجومه على مواقعنا في محافظة الرقة سيضطرنا إلى الرد بالمثل واستخدام حقنا المشروع بالدفاع عن قواتنا".

وطرد الجيش السوري لاحقا الجهاديين من بلدة الرصافة التي تقع على طريق رئيسي يؤدي الى محافظة دير الزور وقرب حقول غاز ونفط مهمة.

وبالتزامن مع هذا التصعيد، اعلنت طهران الاحد انها اطلقت صواريخ باليستية من اراضيها ضد "قواعد الارهابيين" في دير الزور.

وهي المرة الاولى التي تطلق فيها إيران صواريخ خارج حدودها منذ ثلاثين عامًا، أي منذ الحرب الإيرانية-العراقية (1980-1988).

وقال الحرس الثوري الإيراني الاثنين إن الصواريخ دمرت "بنجاح" مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في دير الزور.

واعلن الحرس الثوري الإيراني أن هذا يأتي "ردًا" على الاعتداءات التي تبناها تنظيم الدولة الاسلامية واستهدفت في السابع من يونيو مجلس الشورى الإيراني وضريح الامام الخميني في طهران، موقعة 17 قتيلاً.