واشنطن: يبرز إسقاط الاميركيين غير المسبوق لطائرة للجيش السوري سرعة تبدل دينامية الحرب الدائرة في سوريا منذ ست سنوات، بعد تعزيز الرئيس الاميركي دونالد ترمب صلاحيات عسكرييه في ساحة المعركة.

وشددت الولايات المتحدة الاثنين على أنها لا تريد دورا أكبر في سوريا بل تسعى فحسب للقضاء على تنظيم داعش، لكن حادث نهاية الاسبوع يبرز حدود قدرة الاميركيين على البقاء خارج الميدان.

ويبدو خطر وقوع مواجهة اضافية حقيقيا مع تقاطع سلسلة من القوى المتنافسة في سوريا مع السلطات الجديدة الممنوحة لقادة جيش ترامب.

ما هي الوقائع؟

جاء في بيان لقيادة التحالف "الساعة 6,43 مساء (17,43 ت غ)، ألقت مقاتلة للنظام السوري (طراز) اس يو-22 قنابل بالقرب من مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية جنوب الطبقة. ووفقا لقواعد الاشتباك والحق في الدفاع عن النفس السائد في اطار التحالف (ضد تنظيم الدولة الاسلامية)، فقد تم اسقاطها على الفور من جانب مقاتلة اميركية (طراز) إف/آي-18 إي سوبر هورنيت".

لكن الجيش السوري ناقض ذلك مؤكدا أن الطائرة استهدفت "في منطقة الرصافة بريف الرقة الجنوبي أثناء تنفيذها مهمة قتالية ضد تنظيم داعش الإرهابي"، مشيرا الى فقدان الطيار.

وأكد مسؤول اميركي لوكالة فرانس برس ان الطيار قفز من الطائرة قبل اصابتها وما زال مصيره مجهولا.

ما خطورة الوضع؟

هي المرة الأولى التي تسقط الولايات المتحدة فيها طائرة حربية سورية وسط الحملة الجوية الواسعة التي تقودها في البلاد منذ ثلاث سنوات تقريبا لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.

اما روسيا التي تخوض بدورها حملة عسكرية دعما للرئيس السوري بشار الاسد، فدانت إسقاط الطائرة السورية وردت بإعلان تعليق خط الاتصال "لخفض التوتر" الذي أقامته في آخر 2015 مع البنتاغون لمنع حوادث اصطدام في الاجواء السورية.

وفي وقت لاحق، اعلن رئيس هيئة اركان الجيش الاميركي الجنرال جو دانفورد ان بلاده ستعمل على "المستويين الدبلوماسي والعسكري خلال الساعات المقبلة" لاعادة قناة الاتصال هذه.

وتعد حادثة إسقاط الطائرة الحربية الاحد آخر وأخطر المواجهات بين التحالف الدولي والقوات الحكومية السورية.

ففي 7 أبريل، أجاز ترامب غارة بصواريخ كروز على قاعدة جوية سورية ردا على اتهامات للنظام السوري بشن هجوم كيميائي على مدنيين.

وفي 18 مايو، ضربت طائرات التحالف موكبا مواليا للنظام كان متجها الى موقع عسكري للتحالف قرب الحدود الاردنية.

ووقع حادث مشابه في 6 يونيو، قبل ان تسقط طائرة أميركية في 8 منه طائرة مسيرة تابعة للقوات الموالية للحكومة أطلقت النار على قوات التحالف.

هل توسع الولايات المتحدة نشاطها؟

أكد البنتاغون تكرارا أنه ليس مهتما بمضاعفة دوره في الحرب السورية، بل يركز حصرا على هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية.

وصرح المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية الكولونيل جون توماس الاثنين ان الأحداث الأخيرة "تعكس ساحة معركة معقدة ومتشعبة، فيما نواصل محاولة العمل بشفافية والإبلاغ عن نوايا تحركاتنا ليكون واضحا اننا نركز على هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا".

ويركز المسؤولون على ان جميع الضربات تمت دفاعا عن النفس بعد تجاهل القوات الحكومية السورية التحذيرات.

لكن هذه الاحداث تبرز أيضا تبدل ديناميات الحرب السورية فيما يرجح مراقبون وقوع مواجهات اضافية.

ويقول الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات بيل روجيو ان "المهمة الاميركية في سوريا تتحول بشكل خطير من عمل ضد تنظيم الدولة الاسلامية الى طرف في الحرب الاهلية السورية".

 وحتى فترة غير بعيدة، ركزت القوات الحكومية السورية على مواجهة الفصائل المعارضة في غرب سوريا. لكن انتصارات عدة في حلب (شمال) وغيرها أجازت له الاتجاه شرقا ما يضعه في مواجهة قوات سوريا الديموقراطية (تحالف قوى كردية وعربية معارضة).

ويرى الكثير من المحللين ان ايران لعبت دورا في هذا الاندفاع، ويركزون على مخاوف طهران من تضاعف قوة ونفوذ قوات سوريا الديموقراطية.

ويرى الباحث في معهد الشرق الاوسط تشارلز ليستر ان تطورات الوضع السوري نتيجة حتمية لإصرار الاميركيين بعناد على ان وجودهم في هذا البلد يرمي إلى مقاتلة تنظيم الدولة الاسلامية من دون التطرق الى الحرب الاهلية الأشمل.

ويقول "لا يمكننا القتال بفاعلية ضد داعش وحده، فهذا سيضعنا في مواجهة آخرين. علينا ان نحدد موقفنا بمزيد من الوضوح".

سلطات إضافية؟

وكان ترمب الذي أكد أثناء حملته الانتخابية انه سيهزم التنظيم المتطرف سريعا، أمر ضباطه بأن يرفعوا له مراجعة لخطة هزم التنظيم.

وأنتجت المراجعة "حملة إفناء" تهدف الى قتل جميع مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية، وعززت استقلالية القادة العسكريين في اتخاذ قرارات في الميدان وإقرار ضربات.

واستبعد توماس اي دور للسلطات الاضافية في القرارات الاخيرة باستهداف القوات الحكومية السورية، لانها جرت كافة دفاعا عن النفس، بحسب قوله.