القاهرة: فتحت المحكمة الدستورية العليا في مصر الاربعاء الباب أمام تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على اتفاقية تنقل الى السعودية السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر إذ أوقفت حكما سابقا ب "ابطالها".

ورغم الاحتجاجات التي أثارتها في مصر فور توقيعها في أبريل 2016، وافق مجلس النواب المصري في 14 يونيو الجاري على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية التي تمنح الأخيرة حق السيادة على تيران وصنافير عند خليج تيران الذي يشكل المدخل الجنوبي لخليج العقبة. 

ولم يبق لكي تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ سوى تصديق الرئيس المصري الذي اكد مساء الثلاثاء "ضرورة إعادة الحقوق لأصحابها" بشأن نقل السيادة على تيران وصنافير الى السعودية، كما نفى ضمنا الاتهامات التي يوجهها إليه معارضو الاتفاقية بانه "باع" الجزيرتين وقام بعملية مقايضة لقاء الحصول على تمويل من السعودية.

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، فان السيسي تحدث خلال حفل إفطار مع شيخ الازهر أحمد الطيب وبابا الأقباط الارثوذكس تواضروس الثاني، "عن موضوع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية"، واكد "أن الدول تدار بالدستور والقوانين والحقوق المشروعة، وليس بالأهواء أو الانفعالات".

وأضاف البيان أن السيسي دعا الى "إرساء دعائم الثقة والمصداقية داخل المجتمع المصري والقضاء على مناخ التشكيك في كل شئ، وأشار إلى أن الأوطان لا تُباع ولا تشترى بأي ثمن مهما كان مرتفعاً".

كما أشار الرئيس المصري "في الوقت ذاته على ضرورة إعادة الحقوق لأصحابها"، وفق البيان.

وقال القاضي سليم رجب المتحدث باسم المحكمة الدستورية العليا وهي أعلى هيئة قضائية في مصر لفرانس برس إن رئيس المحكمة "أصدر أمرا وقتيا بوقف تنفيذ كل الأحكام الصادرة بشأن اتفاقية تيران وصنافير" من محاكم القضاء الإداري ومن محكمة الامور المستعجلة.

وكانت المحكمة الادارية العليا قررت مطلع العام الجاري اعتبار الاتفاقية "باطلة" الا ان محكمة الامور المستعجلة أصدرت حكما مناقضا في أبريل.

واوضح رجب ان قرار وقف التنفيذ اتخذ لوجود "مَظنة الافتئات على اختصاص سلطتي الموافقة والتصديق على الاتفاقية من ممارسة وظيفتها" في إشارة الى البرلمان المنوط به الموافقة على أي اتفاقية تبرمها السلطة التنفيذية ورئيس الجمهورية المخول التصديق عليها.

وأضاف أن قرار وقف "الحكمين المتناقضين" اتخذ لأن الحكمين "خالفا قواعد الاختصاص الولائي بأن قضى أولهما باختصاص القضاء الإداري بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على الاتفاقية في حين انه ممنوع من ذلك اذ أن التوقيع على المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء".

 وأوضح ان محكمة الامور المستعجلة تجاوزت كذلك اختصاصها بان "حكمت في منازعة تنفيذ موضوعية، بعدم الاعتداد بحكم صادر من جهة القضاء الإداري، وهو الأمر المحظور عليه دستوريا بنص المادة 190 من الدستور".

وأكد ان "هذا الأمر الوقتى الذى أصدره رئيس المحكمة الدستورية العليا جاء" لحين صدور الحكم النهائي في وقت لاحق.

والاسبوع الماضي أوقفت الشرطة المصرية عشرات الناشطين اثر دعوات الى التظاهر الجمعة احتجاجا على موافقة البرلمان على الاتفاقية وتم الافراج عن بعضهم خلال الأيام التالية.

ويأتي تمرير هذه الاتفاقية فيما تشهد العلاقات بين القاهرة والرياض تحسنا كبيرا بعد شهور من الفتور.

واتخذت مصر مع السعودية والامارات قرارا في الخامس من يونيو الجاري بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق حدودها الجوية والبحرية أمام كل وسائل النقل القطرية. وتتهم الدول الثلاث قطر ب "دعم الارهاب" الأمر الذي تنفيه الدوحة بشدة.

وشهدت العلاقات بين مصر والسعودية العام الماضي بعض الفتور وتوقفت مجموعة أرامكو النفطية السعودية في اكتوبر 2016 عن توريد 700 الف طن شهرياً من المشتقات النفطية الى مصر.

الا انها استأنفت هذه الواردات في آذار/مارس الماضي. بعدها قام الرئيس المصري بزيارة السعودية في ابريل.

وتتحكم جزيرتا تيران وصنافير غير المأهولتين في مدخل خليج تيران الممر الملاحي الرئيسي للوصول الى ميناء إيلات الاسرائيلي على خليج العقبة.

وكان اغلاق خليج تيران أمام السفن الاسرائيلية بقرار من جمال عبد الناصر في 23 مايو عام 1967 شرارة أشعلت بعد اقل من أسبوعين الحرب العربية الاسرائيلية الثالثة التي احتلت خلالها اسرائيل هضبة الجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وجزيرتي تيران وصنافير اللتين كانتا آنذاك في حماية الجيش المصري.

استعادت مصر السيطرة على تيران وصنافير اثر انسحاب اسرائيل منهما بموجب معاهدة السلام التي ابرمها البلدان عام 1979.