بحث مسؤولون أميركيون مسألة نقل القاعدة الأميركية من قطر، لكن ذلك يبدو شبه مستحيل بسبب الكلفة الباهظة أولًا، والتداعيات الاستراتيجية لهذا القرار ثانيًا.

لندن: لاحظ محللون أن قطر كانت دائمًا خارج التوافق الخليجي، وأن جاراتها تنظر إليها بارتياب منذ زمن طويل. فهي أقرب اليوم إلى ايران وجماعة الاخوان المسلمين، وتُعد قناة "الجزيرة" التي تملكها الدوحة مصدر تهديد لأمن بعض الدول الخليجية، وأداة تحريض ضد البعض الآخر. 

القاعدة الأكبر

إزاء هذه المواقف والسياسات، اضطرت جارات قطر إلى استدعاء سفرائها مرتين خلال السنوات العشرين الماضية، آخرها في عام 2014. لكن هذه المرة تختلف عن المرات السابقة، فهناك تحرك جاد في محاولة لإعادة قطر إلى الصف الخليجي. 

عقدت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أواخر مايو الماضي منتدى في واشنطن تناولت فيه علاقات قطر في جماعة الإخوان المسلمين، بمشاركة أسماء كبيرة مثل وزير الدفاع الاميركي السابق روبرت غيتس، ومساعدة وزير الدفاع السابقة ماري بيث لونغ. 

قدم المتحدثون قائمة طويلة من الاتهامات ضد قطر، بينها دعم حركة حماس وفرع تنظيم "القاعدة" في سورية وجماعة الاخوان المسلمين، واستضافتها عناصر قيادية في حركة طالبان، بل ذهب غيتس إلى حد القول في مداخلته إن على الولايات المتحدة أن تفكر في نقل قاعدتها الجوية الضخمة من قطر. فقاعدة العُديد أكبر قاعدة تستخدمها الولايات المتحدة خارج اراضيها، وفيها مهابط قادرة على استقبال أي طائرة في الترسانة الجوية الاميركية مهما بلغ حجمها، إلى جانب منشآت كبيرة للتزود بالوقود وخزن الأعتدة. 

 

 

 

 

كلفة نقلها باهظة

إلى ذلك، تضم القاعدة المقر المتقدم لقيادة العمليات الخاصة الاميركية وقيادة سلاح الجو الاميركي في الشرق الأوسط مع مراكز القيادة والسيطرة الخاصة بهذه القوات. وشهدت القاعدة توسعًا كبيرًا خلال السنوات الأربع عشرة الماضية بتمويل من قطر.

وتوجد منشأة عسكرية أميركية ثانية في قطر لا يجري الحديث عنها عمومًا، هي قاعدة السيلية التي قامت بدور أساس في العمليات الاميركية في العراق في عام 2003. وهذه كلها تمنح الولايات المتحدة قدرات عسكرية لا يمكن نقلها بسرعة. 

سيكون نقل مجمع كهذا إلى بلد آخر باهظ الكلفة، لكن القضية أكبر من مجرد تكاليف مالية. سيتعين إنشاء بعض البنى التحتية مثل مراكز الاتصالات المؤمَّنة بكوادر وأموال أميركية. الأهم من المنشآت والأبنية هو الموقف السياسي للبلد المضيف الذي يجيز استخدام اراضيه لانطلاق القوات الاميركية منها واستعراض العضلات العسكرية الاميركية في المنطقة لغايات اميركية مختلفة. 

يرى محللون أن تركيز القواعد الاميركية الخارجية في بلد واحد يهدد بالحد من قدرة الولايات المتحدة على المناورة.

رسائل سياسية

في المنتدى الذي عقده معهد الدفاع عن الديمقراطيات، نوه غيتس بأهمية المرونة السياسية، وأوضح أن قطر الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها قاعدة تستطيع استقبال قاذفات بي-52 العملاقة وتسمح للولايات المتحدة باستخدام القاذفات من أرضها.

سيكون من الحماقة أن تحدد أميركا خياراتها بهذا الشكل، لأن مزيدًا من القواعد يعني مزيدًا من المرونة، وعلى الولايات المتحدة توسيع عدد قواعدها لا تقليصه، وامتلاك القدرة لزيادة وجودها في منطقة الخليج إذا دعت الحاجة لا تحديده، بحسب غيتس. 

من جهة اخرى، يقول محللون: "ما دامت الولايات المتحدة تملك قاعدة عسكرية فاعلة في قطر، فانها تستطيع ايصال رسائل سياسية بزيادة وجودها أو خفضه". في الوقت نفسه سيكون بمقدور الولايات المتحدة أن تجني فوائد عملياتية وتكتيكية من استخدام القاعدة، وإذا شاءت دولة أخرى استضافة قوات اميركية فعلى واشنطن أن تشجعها وان تستغل كونها موضع منافسة لاستقبال قواتها. لكن على القادة الاميركيين أن يفهموا أن القواعد لا تأتي من فراغ وان غلقها أسهل من اقامتها. 

يشير ديفيد ديس روتشيس، الباحث في مركز الشرق الأدنى - جنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن، إلى أن سياسات قطر تتقوى بثروتها النفطية والغازية، وليس بوجود جنود وبحارة وطيارين ومشاة بحرية. وإن قدرة الولايات المتحدة على الضغط يمكن أن تزداد مع بقاء أسعار الطاقة منخفضة.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن موقع "وور أون ذي روكس". الأصل منشور على الرابط:

https://warontherocks.com/2017/06/a-base-is-more-than-buildings-the-military-implications-of-the-qatar-crisis/