كراكاس: تدخل فنزويلا السبت شهرها الرابع من موجة تظاهرات معادية للرئيس نيكولاس مادورو. وفي هذا البلد الذي توقف نشاطه تقريبا، وأسفرت أعمال العنف عن أكثر من 80 قتيلا، يروي خمسة مواطنين تفاصيل من حياتهم اليومية.

أحصى "مرصد الصراع الاجتماعي" 2700 تظاهرة منذ الأول من ابريل. ويؤدي قطع الطرق وإغلاق المدارس وأعمال النهب الى تعقيد حياة الفنزويليين الذين يعانون أصلا نقص المواد الأساسية وتضخما هائلا وارتفاع معدلات الجريمة.

- "أخذوا كل شيء" -

يشعر ريكاردو ريفاس بأن حياته دمرت إذ تعرض متجره لبيع اللحوم للسلب والنهب ليل 16 مايو، على غرار 20 متجرا آخر في سان كريستوبال (غرب). وقال هذا الرجل الذي يبلغ التاسعة والعشرين من العمر "لقد أخذوا كل شيء".

وروى أنه "خلال ساعة ونصف الساعة، قضى رجال مسلحون على عمل عدة سنوات. حملوا اللحم والسكاكين والماكينات... لم يتركوا سوى الثلاجات".

واضاف هذا التاجر الذي عرض للبيع شاحنته الصغيرة، وصرف نصف موظفيه للخروج من المأزق، "فكرت في إغلاق المتجر والمغادرة، لكني من الذين يؤمنون بضرورة البقاء والمكافحة".

- تجنب الخطر -

يتحايل خوان كارلو لتفادي الطرق المقطوعة والحواجز، لكن عندما يتظاهر الناس، يعرف سائق سيارة الأجرة أن عدد الزبائن يتضاءل كثيرا، وقد يبقى متوقفا في مكانه لساعتين.

وقال "عندما تنتهي التظاهرة، يتفرق المشاركون فيها، لذلك من الأفضل الا أبقى هنا، لأني قد أتعرض لسرقة سيارتي او مالي". وأضاف "نحاول الذهاب الى منطقة لا نواجه فيها خطر تعرض سيارة الأجرة للحرق".

وخلال التظاهرات، يمكن أن تقفل 30 محطة مترو، لكن سيارات الأجرة لا تستفيد من ذلك، لان القسم الأكبر من الفنزوليين لا يتحملون أسعارها، فيما يتوقع أن يبلغ التضخم 720% بنهاية 2017، وفق صندوق النقد الدولي.

- انتهت الدراسة -بأسى تقول لورا دوفيني (21 عاما) الطالبة في اللغات "كان يجب ان أحضر 10 &محاضرات في الأسبوع، ولكن ليس لدي إلا ثلاث او أربع". وألغى الأساتذة محاضراتهم لعدم تمكنهم من الحضور للكلية ونظم آخرون محاضرات عبر الانترنت.

وأعلنت جامعتها الحداد ثلاثة أيام على الطالب خوان برناليتي التي توفي في أبريل خلال تظاهرة. وارجئت الامتحانات.

وتشارك لورا في التظاهرات التي لا تتعارض مع مواعيد الصفوف، وتعرب عن قلقها بالقول إنها لم تحضر أي حصة في مادة من خمس مواد.

وكتب على لافتة في الجامعة "تحتاج فنزويلا الى مهنيين وليس الى شهداء".

-الزبائن لا يأتون-ومن مخبزه، يرى دانيال داكوستا المتظاهرين المقنعين، المستعدين لمواجهات جديدة مع قوى اللأمن في حي ألتاميرا بكراكاس، فيعمد الى إنزال باب المخبز كما يفعل في كل مرة.

وفي وسط هذا الاضطراب الدائم، ازداد نقص الطحين حدة، فاضطر هذا البرتغالي الذي يبلغ الرابعة والستين من عمره الى صرف بعض الأجراء وخفض ساعات العمل؛ فمتجره لا يعمل إلا بنسبة 50%.

وقال ان "الزبائن لا يأتون، والوضع متفجر". واضاف "يخشى الناس من الخروج بسبب القنابل المسيلة للدموع واللصوص".

واذا ما بقي الوضع على حاله حتى نهاية 2017، فسيتراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 9%، اي ما يفوق -4,3% السلبية المتوقعة، كما قال اسدروبال اوليفيروس، مدير مكتب ايكواناليتيكا.

- عواقب مضاعفة -

تعيش كاريليس روخا هذه الازمة بصفتها أما&وعاملة ومتظاهرة.

لم تذهب ابنتها وهي في الثانية عشرة &وابنها وهو في الخامسة من العمر الى المدرسة منذ ثلاثة أسابيع.

وقالت هذه الأم التي تربي ولديها لوحدها إن "الناس الذين يعيشون على مقربة من المدارس يبلغون الآخرين بوجود آليات لمكافحة الشغب أم لا، وهل الشوارع مقفلة أم لا. وهكذا نقرر هل نرسلهم الى المدرسة أم لا".

وعندما يصبح التنفس صعبا في غرفتها من جراء الغاز المسيل للدموع، تضع ولديها في غرفة وتقفل بابها. والصغير الذي أصيب بصدمة يذهب إلى طبيب نفسي. وقالت "الخوف والقلق أثرا عليه".

تراجعت مبيعات الثياب التي تصنعها الى النصف. وقالت ان "آخر ما يريده الناس في هذا الوقت، هو شراء الملابس".

لكنها ترفض ملازمة بيتها و"الانصراف الى البكاء على ما آل إليه حالها". وقالت "أعبر عن استيائي بالخروج الى الشارع".