ستتغير الحياة اليومية لسكان هامبورغ لمدة أسبوع، إذ إن الإجراءات الأمنية ستكون صارمة جدًا، ففي وقت سيطلب من السكان التعريف عن أنفسهم ستبقى أبواب بعض المحال مغلقة لأيام عدة... كما ستتأثر كل خدمات المدينة، بما فيها السياحية.

إيلاف - متابعة: يتنحى وسط مدينة هامبورغ عن الخدمة ويتحول إلى وضع الإغلاق، كل ذلك من أجل قمة مجموعة العشرين التي تبدأ بعد أيام. ويقول يواكيم ليندرز، الرئيس الإقليمي للنقابة المحلية للعاملين بالشرطة لوكالة (د.ب.أ): "ستخضع الحياة العامة لقيود واضحة".

من المنتظر أن تكون المدينة الساحلية الواقعة في شمال ألمانيا في محور السياسات العالمية يومي الجمعة والسبت 7 و8 يوليو الجاري، عندما يقصدها رؤساء دول وحكومات 19 دولة صناعية ونامية، إضافة إلى عدد من كبار ممثلي الاتحاد الأوروبي.

ومن بين العلامات الخارجية الظاهرة ستكون المروحيات المحلقة فوقها، وعمليات فحص الهويات الجارية والشوارع الرئيسة المغلقة. وستكون هناك فوضى في عملية التنقل، كما يتوقع نادي السيارات العام الألماني "أداك".

تظاهرات مرافقة
كما هي الحال دائمًا مع أحداث كهذه، من المخطط تنظيم مظاهرات. وإلى جانب الآلاف من المتظاهرين السلميين، تتوقع السلطات أن ما يصل إلى 8 آلاف متظاهر يحتمل ميلهم إلى العنف من ألمانيا وخارجها، سيجعلون وجودهم محسوسًا.

محتجون بيئيون يتظاهرون على طريقتهم قبيل انعقاد القمة

إحدى المظاهرات اليسارية مقررة في اليوم السابق للاجتماع الرئيس تحت شعار "مجموعة العشرين — مرحبًا بكم في الجحيم". وقامت بعض الشركات على طول الطريق كإجراء احترازي بتغطية نوافذها بالألواح.

تتخذ الشركات الترتيبات اللازمة لكي يعمل موظفوها من منازلهم، أو ببساطة يتم منحهم إجازات لخفض ساعات العمل الإضافي التي راكموها. أما الشركات الصغيرة والمطاعم ومنصات بيع الوجبات السريعة الموجودة داخل المنطقة الأمنية فستقوم ببساطة بإغلاق أبوابها خلال هذه المدة.

عزل تام
يتمثل الموقع الرئيس للحدث في "هامبورغ ميسه"، أو المعرض التجاري ومركز المؤتمرات في المدينة، في حين تم التخطيط لحفلة موسيقية لأول مساء في القاعة الموسيقية "دار أوركسترا إلبه السيمفوني" الجديدة في المدينة. وسوف يكون كلا الموقعين مغلقين باعتبارهما منطقة أمنية.

أيضًا سيتم إغلاق المنطقة المحيطة بـ"دار أوركسترا إلبه" إلى حد كبير، يوم الجمعة المقبل، عندما يحضر رؤساء الدول والحكومات حفلهم.

يقول دانا كراوسه، الذي يدير منفذًا محليًا لبيع البوظة "آيس كريم" تابعًا لشركة "هاغن داز" داخل محيط المنطقة المؤمنة: "ليس هناك أي معنى لفتح المنفذ، حيث لا يوجد أي شخص هناك". وذكرت النقابة المحلية للعاملين في الشرطة أنه سيكون هناك حوالى 20 ألف رجل شرطة من أجل الحفاظ على النظام وضمان الأمن. ويقول كراوسه إن "قاعات المعارض التجارية ستكون حصنًا".

قتل الحرية
يقع مكان الاجتماع بالقرب من منطقتي شانزه وكارولينن فيرتل، موطن الوجه الآخر للمدينة. وبالإشارة إلى وجود رؤساء كالرئيس الأميركي، دونالد ترمب، والتركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، وضع السكان راية كبيرة تقول: "الحرية تموت مع الأمن".

عناصر الشرطة تنتشر في مدينة هامبورغ استعدادًا للحدث

وضع سكان إحدى الشقق، وتقع مباشرة أمام مقر الاجتماع، لافتة كتبوا عليها: "جي 20.. مجموعة العشرين، ليس مفترضًا أن تكوني هنا"، وأخرى أكثر بساطة قالت: "لا لمجموعة العشرين". وقرر أحد السكان المحليين، ويدعى هاينز (70 عامًا) وزوجته تجنب حالة الفوضى والاضطراب. وقال "سنبتعد عن هنا خلال عطلة نهاية الأسبوع".

قلق الشركات
يعتزم مواطن آخر يدعى توماس (30 عامًا) ويعمل في وكالة إعلانات، قضاء يوم عمل في مكتب في منطقة أخرى من المدينة، فيما سيعمل من المنزل خلال اليوم الثاني للقمة. واتخذ العديد من الشركات ترتيبات عملية لعبور فترة الاضطراب، ولكن هناك مخاوف من خسارة مبيعات وتضرر الأرباح.

وقالت بريجيت إنجلر، من إدارة المدينة "نحن نقدر خسائر مبيعات بحوالى 15 مليون يورو (17 مليون دولار أميركي)"، مؤكدة رغم ذلك أن العديد من أجزاء وسط المدينة سيكون مفتوحًا للعمل كالمعتاد. وتتخذ المدارس في المناطق المتأثرة موقفًا متساهلًا إزاء التغيب عن الحضور يوم الجمعة المقبل، فيما ستغلق بعض مراكز رعاية الأطفال النهارية أبوابها.

لكن سلطات المدينة تكافح للتأكيد على أنه سيكون هناك عمل كالمعتاد في معظم أنحاء المدينة التي يضم مركزها الحضري الأوسع أكثر من 5 ملايين شخص. كما تؤكد السلطات على أن وسائل النقل العام والخدمات الأخرى ستعمل كالمعتاد خارج المناطق الأمنية.

استعداد إلكتروني
من جانبه، قال رئيس المكتب الاتحادي لأمن المعلومات في ألمانيا إن بلاده تستعد لمواجهة أي هجمات إلكترونية قد تنفذها مجموعات من المتسللين أو خلايا مرتبطة بحكومات أجنبية ضد قمة مجموعة العشرين. وقال آرنه شوينبوم إن السلطات شكلت مركزًا خاصًا للقيادة يعمل على مدار الساعة للتصدي لأي هجمات تمامًا كاستعدادها لأي أعمال عنف.

أضاف في مقابلة مع رويترز "نحن نستعد بشكل مكثف لأي شكل من أشكال الاحتجاج". وأضاف "نحن في الوكالة الوطنية المعنية بالأمن الإلكتروني... مهتمون بكل شيء من (التهديدات المتواصلة) وحتى جماعات مثل أنونيموس ولوزسيك والتي ربما تخطط لاحتجاجات سياسية مستخدمة هجمات إلكترونية".

وأكد أن وكالته ليست لديها معلومات عن هجمات محددة، لكنها تقوم باختبارات لضمان سلامة شبكات الكمبيوتر عندما يلتقي زعماء مجموعة العشرين. وتنشر السلطات نحو 20 ألف شرطي، ومعهم كلاب بوليسية وخيول وطائرات هليكوبتر للتعامل مع عشرات الآلاف المحتجين المتوقع احتشادهم في هامبورغ.

شركات المدينة تخشى تكبد خسائر فوق تحملها

المنظمات الإنسانية تعالت أصواتها قبيل بدء القمة الحدث، فدعت منظمة "فيلت هونغر هيلفه" الألمانية لمكافحة الجوع بالعالم قبل قمة مجموعة العشرين "جي20" المنتظرة إلى عدم تجاهل مكافحة الفقر والجوع في أفريقيا.

وقالت رئيسة المنظمة باربل ديكمان في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): " أمر جيد أن الشراكة مع أفريقيا توجد على جدول أعمال القمة"، واستدركت قائلة: "ولكن يجب ألا يتم التغاضي عن مكافحة الجوع".

من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين "جي20" في ألمانيا على أهمية وجود عالم متعدد الأقطاب يضم مراكز كثيرة وأساليب تنمية مختلفة. وأشارت إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون الدول الصناعية في العالم الغربي مثالًا يحتذى به بالنسبة إلى مناطق أخرى في العالم. وقالت في رسالة عبر فيديو تم نشره أمس، إنه تزايد في الدول الناشئة مثل الصين والهند إدراك حاليًا "بأن المرء يضر نفسه بنفسه إذا اتخذ نهج التطوير نفسه الذي اتخذناه".

وأشارت إلى أن تطور العالم لن "يكون بالتأكيد مستمرًا وشاملًا إذا لم نغيّر ما نقوم بعمله قمنا". وأوضحت أنه خلال انعقاد قمة العشرين لن يتم تناول النمو فحسب، "وإنما أيضًا النمو المستدام".

التخريب بدأ
ووقعت أولى أعمال التخريب الخاصة بانعقاد القمة في 19 يونيو الماضي، ففي أنحاء متفرقة من ألمانيا تعرّض العديد من خطوط الكوابل الكهربائية في العديد من خطوط السكك الحديدية إلى تخريب، ما أدى إلى شل حركة القطارات في بعض الأماكن. وأعلنت إحدى المنظمات وتدعى "إيقاف G20 – هامبورغ"، وهي منظمة ناشطة على الإنترنت، ومعروفة لدى الأمن مسؤوليتها عن الهجوم. 

حتى الآن تم تحويل أجزاء من هامبورغ إلى ما يشبه الحصن أو القلعة، وفرض نطاقان أمنيان حول منطقة أرض المعارض في هامبورغ (Messehallen)، والتي ستشهد فعاليات قمة العشرين. وتشهد القاعات والردهات هناك حراسة مشددة على مدار الساعة لحمايتها.