يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأربعاء رحلة هامة إلى أوروبا يشارك خلالها لأول مرة في قمة لمجموعة العشرين في ألمانيا ويعقد لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين سيكون محط أنظار العالم.

واشنطن: غادر الرئيس الأميركي دونالد ترمب واشنطن لبدء رحلة من أربعة أيام الى أوروبا يلتقي خلالها خصوصا نظيريه الروسي والصيني على خلفية تصعيد في التوتر مع كوريا الشمالية.

وأقلعت الطائرة الرئاسية "اير فورس وان" من قاعدة اندروز الجوية قرب واشنطن حوالى الساعة 8,15 (12,15 ت غ) وعلى متنها الرئيس الأميركي وزوجته ميلانيا.

ويفتتح الرئيس الأميركي الذي ما زال يخطو خطواته الأولى على الساحة السياسية الدولية، هذه الرحلة التي تستمر أربعة أيام في بولندا وألمانيا، في وقت يشهد العالم تفاقم مشكلات جيوسياسية خطيرة، من الخلافات بين ضفتي الأطلسي إلى تهديدات كوريا الشمالية النووية.

وتحط الطائرة الرئاسية في وارسو في وقت متأخر من ليل الأربعاء، في ثاني رحلة يقوم بها ترمب إلى الخارج، قبل أن ينتقل إلى ألمانيا حيث تعقد قمة مجموعة العشرين في هامبورغ، وسيجري على هامشها محادثات شائكة مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ، ومع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وستهيمن التجربة التي أجرتها بيونغ يانغ لصاروخ بالستي عابر للقارات قادر على الوصول إلى ألاسكا على أجواء المحادثات، لما تشكله من تهديد واضح لأمن الولايات المتحدة.

وبعدما كان ترمب أكد في الماضي أن هذا النوع من التجارب سيشكل انتهاكا لـ"خط أحمر"، يترقب الآن حلفاؤه وخصومه على السواء رده لمعرفة ما إذا كان ذلك مجرد تلويح فارغ أو مؤشرا إلى تحرك فعلي.

وسيلتقي ترمب الرئيس شي في هامبورغ لبحث التدابير الواجب اتخاذها، بعدما حاول عبثا إقناع بكين بتشديد الضغط على بيونغ يانغ.

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض هربرت ريموند ماكماستر عشية الرحلة "لا يبذل أي منا جهودا كافية. لا أعتقد أن الصين تقوم بمساع كافية الآن، لأن المشكلة لم تلق تسوية".

والجمعة يعقد ترمب لقاء مع بوتين قد تكون له أصداء في السياسة الداخلية الأميركية، في وقت يجري تحقيق يشمل عددا من المعاونين المقربين من الرئيس الأميركي للاشتباه بإقامتهم علاقات مع موسكو، على خلفية فضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية بهدف ترجيح الكفة لصالح دونالد ترمب، على ما تؤكد وكالات الاستخبارات الأميركية.

وفي هذه المناسبة، حتى صور بسيطة لمصافحة بين ترمب وبوتين تنطوي على مخاطر سياسية للرئيس الأميركي وستستخدم حتما ضده في السياسة الداخلية الأميركية.

فرصة لإصلاح الأمور 

كشفت رحلة ترمب الأولى إلى أوروبا عن مشاعر ريبة كبيرة بين ضفتي الأطلسي. أما الرحلة الثانية، فيفترض أن تشكل فرصة لإصلاح الأمور.

وفي بولندا، سيخص الرئيس أندري دودا نظيره الأميركي باستقبال حافل، وهو يتبع سياسة الحكومة المحافظة القريبة من سياسة دونالد ترمب.

وقال المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بيوتر بوراس "بعد رحلته الكارثية إلى بروكسل وتاورمينا، فإن صورا له يبتسم مع قادة أوروبيين وحشود متحمسة لخطابه، يمكن أن تساعد ترمب على إصلاح صورته في بلاده".

ويتحدث المسؤولون الأوروبيون في العلن عن علاقات ثابتة وأساسية، لكنهم يتساءلون في أحاديثهم الخاصة إن كانت ستصمد لأربع أو ثماني سنوات وترمب في البيت الأبيض.

الدفاع المتبادل 

وإن كان من المتوقع أن تكون وارسو أسهل محطات الرحلة بالنسبة إلى ترمب، إلا أنها لا تخلو من العثرات لرئيس دولة كبرى لا يتقن لغة الدبلوماسية.

ويترقب البولنديون موقفه بشأن الالتزام بضمان الأمن الأوروبي.

وترى بولندا على غرار العديد من الدول المجاورة لها في الحلف الأطلسي وقاعدة الدفاع المتبادل عاملا رادعا قويا في وجه روسيا وضمانة لاستقلالهم.

وأبدى ترمب التزامه بالقاعدة القائلة إن "أي هجوم على أي دولة هو هجوم على جميع الدول"، غير أنه وجه انتقادات لاذعة إلى الحلفاء الأوروبيين لتدني مستوى ميزانياتهم العسكرية.

ويلقي كلمة مهمة الخميس في ساحة كراسينسكي القريبة من نصب انتفاضة وارسو ضد النازيين.

وقال الجنرال ماكماستر إن ترمب "سيعرض رؤية، ليس للعلاقات المقبلة مع أوروبا فحسب، بل لمستقبل حلفنا الأطلسي وما معناه بالنسبة لأمن أميركا وازدهارها".

ومن المتوقع أن يضمن المحافظون الحاكمون في بولندا حشودا كبيرة لترمب، وفي المقابل، سيؤكد الرئيس الأميركي دعم بلاده لبولندا، مع الإشارة إلى الانتشار العسكري الأميركي فيها واول عملية تسليم غاز طبيعي أميركي مسال في يونيو.

واعتبر مسؤولون في البيت الأبيض أنها خطوة هامة للحد من قدرة موسكو على استخدام الوقود كوسيلة ضغط.

وتراقب الدول الأوروبية الأخرى عن كثب موقف ترمب حيال قادة حزب "القانون والعدالة" البولندي الذي تتهمه المعارضة بإضعاف دولة القانون وتجاهل القيم الأوروبية.

وباشرت بروكسل دعوى قانونية ضد وارسو لرفضها استقبال لاجئين. 

وإذا ما أبدى الرئيس الأميركي تعاطفا مع المواقف البولندية، فقد يتهم بزرع الفتنة في أوروبا، كما حصل لسلفه جورج بوش خلال الحرب في العراق.