عبد الله التجاني من الرباط: وجه ناصر الزفزافي، أحد متزعمي الحراك الشعبي بمدينة الحسيمة (شمال المغرب)، رسالة من داخل زنزانته الانفرادية بسجن عكاشة في مدينة الدار البيضاء، الأربعاء، إلى نشطاء الريف، حثهم فيها على التمسك بالسلمية ونبذ العنف، وحذر كذلك من الانجرار وراء "المكائد ومن سماسرة الريف وتجار الأزمات".

وقال الزفزافي في الرسالة التي نشرها رئيس الحزب الليبرالي المغربي محمد زيان، "أجدد وصيتي لكم بالسليمة ثم السليمة ولابديل عن السليمة، كسبيل وحيد لتحقيق ملفنا المطلبي، كمبدأ راسخ ساهم في استمرار هذا الحراك، بالرغم من الاستفزازات المتعمدة للقوى الأمنية، وما يتعرض له الشباب والمواطنون على يد الضابط عصام في المسيرات ومخافر الشرطة".

وأضاف الزفزافي موجها خطابه لمن سماهم "أحرار وحرائر " قائلا: "أوصيكم بنبذ العنف والتطرف أو الخروج عن مطالبنا العادلة، كما أنبهكم بعدم الإنجرار وراء مكائد من يريد بكم سوءا، فمن رمى حجرة فقد خان الحراك والمعتقلين، ومن كسر زجاجا فليس من الحراك، ومن خرج عن مطالبنا فليس من الحراك"، وذلك في تأكيد واضح منه على نهج السلمية ونبذ العنف.

ومضى الزفزافي في رسالته المؤثرة قائلا "أحذركم كذلك من الراكبين على مآسينا وجراحنا ونضالاتنا من ممتهمني النضال، ومسؤولين على ما آلت إليه الأوضاع من سماسرة الريف وتجار الأزمات"، وهو ما يمثل رسالة مشفرة منه للنخب السياسية المحلية والأحزاب التي رفض النشطاء وساطتها لإيجاد حل للاحتجاجات التي تجاوزت مدتها سبعة أشهر.

 

نص رسالة ناصر الزفزافي زعيم حراك الريف

 

وعبر الزفزافي في الرسالة ذاتها، عن تشبثه ببراءته من التهم الموجهة إليه رفقة باقي المعتقلين إذ قال: "ونحن نرسم مسيرة الحرية والكرامة من داخل السجون، أجدد التأكيد لكم على براءتنا من جميع التهم الموجة إلينا، وأنها محض افتراءات ومكائد، لا غرض من ورائها سوى محاولات يائسة لإسكات صوت الحرية الذي خرج منذ استشهاد الشهيد محسن فكري رحمة الله عليه". 

وتابع الزفزافي موضحا أن احتجاجات الريف جاءت لـ"فضح المفسدين من سلطات محلية، ومنتخبين، ومسؤولين حكوميين، ودكاكين سياسية، عملت على مدى سنوات على نهب خيراتنا وقمع وتركيع إخواننا وأبنائنا، وإيهامنا بوعود كاذبة حول مشاريع تنموية وهمية وغير قابلة للانجاز"، معتبرا أن هؤلاء "لم يسلم من كذبهم ومؤامرتهم حتى ملك البلاد، الذي كان أملنا أن تنكشف حقيقتهم المخزية أمامه ليطبق في حقهم ما يحتمه القانون من عقاب ومحاسبة، في دولة ترفع شعار الحق والقانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة"، وهو ما يمثل إشارة واضحة بأن الحراك ومطالبه اجتماعية واقتصادية محضة، وليست كما يحاول البعض أن يصورها بأنها ضد الملكية ومع الإنفصال.

 

 

وتأتي هذه الرسالة، بعد يومين فقط، من سحب السلطات لرجال الأمن وقواتها من الحسيمة وباقي مناطق الريف، تنفيذا لتعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس، الأمر الذي عده مراقبون مؤشرا جديدا يدعم مساعي إيجاد حل للملف وإنهاء الاحتجاجات التي تعيشها منطقة الريف منذ أواخر شهر أكتوبر الماضي.

وحيا زعيم حراك الريف شباب الحراك على ما قدموه من تضحيات، منوها بنهجهم السلمي ووقوفهم ضد محاولات الركوب على مطالبه العادلة "وقفتم كالبنيان المرصوص في وجه من كان يسعى للركوب على حراكنا المبارك لتصفية حساباته السياسية أو تنفيذ أجندات مشبوهة ضدا على المصالح العليا للوطن الغالي الذي ساهم أجدادنا الشرفاء بدمائهم الزكية في استقلاله ووحدة أراضيه"، وذلك في تأكيد منه على المطالب العادلة للحراك وإعلان ولائه التام للوطن ومصالحه العليا، كما أوصى نشطاء الحراك ب"الصمود والصبر وأبشركم بالنصر القريب".