الرباط: بحضور عدد كبير من الحقوقيين والدبلوماسيين، وممثلين عن مؤسسات التعاون الدولي، نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مساء أمس الأربعاء، في حي يعقوب المنصور بالرباط، حفل إطلاق إسم الناشط والفاعل الحقوقي الراحل إدريس بنزكري، على المعهد الوطني للتكوين في حقوق الإنسان، وذلك بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاته، تكريما لمساره الطويل في خدمة حقوق الإنسان، وهي المهمة التي ظل يقوم بها حتى آخر نفس من عمره.

,حرص ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في الكلمة التي ألقاها قبل رفع الستار عن اللوحة التذكارية التي تحمل إسم ادريس بنزكري، على بوابة المعهد، على التذكير بمختلف المحطات النضالية التي خاضها الفقيد، من أجل ترسيخ حقوق الإنسان في المملكة، واصفا إياه بأنه كان مهندسا أساسيا واستراتيجيا لمسلسل المصالحة.

وذكر اليزمي أن التعليم والتكوين المستمر كانا من بين الانشغالات الأساسية للمرحوم بنزكري، ورافقاه حتى آخر اللحظات من حياته، لكونه رجل تعليم وعلم ومعرفة، وتتلمذ على يديه عدد من الكفاءات، التي تتبوأ الآن مناصب المسؤولية في عدد من القطاعات الاستراتيجية، من بينها عبد السلام أحيزون، الرئيس المدير العام لاتصالات المغرب، الذي كان من بين طلبته.

وأكد المتحدث ذاته أن بنزكري كان على علاقة دائمة بالعلم والمعرفة وحب الاطلاع، مشيرا إلى أن المرض لم يمنعه من مواصلة ذلك، في آخر أيامه، حيث كان يقرأ كثيرا من الكتب عن الإصلاح الدستوري للتعمق فيه أكثر.

 

 

التكوين.. كان حلمه

وصرح اليزمي أن دور المعهد الوطني للتكوين في حقوق الإنسان، هو ضمان التكوين المستمر لمختلف الفاعلين في هذا الميدان، سواء منهم أعضاء المجتمع المدني،أو رجال الإعلام وغيرهم، من العاملين في مجال حقوق الإنسان والنهوض بها، تعزيزا لقدراتهم، ورفعا من كفاءاتهم لمواجهة التحديات الجديدة، مثل البيئة وحقوق الإنسان، والمقاولات وحقوق الإنسان، وغير ذلك من مستجدات المشهد الحقوقي الذي يتطور باستمرار.

إضافة إلى ذلك،أجمع كل الحاضرين، في حفل إطلاق إسم ينزكري على المعهد، وضمنهم مناضلون حقوقيون، وأفراد من أسرته، على أن هذه المبادرة جاءت في وقتها تماما، وتنسجم مع ما كان يتطلع إليه الراحل من تكوين دائم لمختلف الناشطين في هذا الميدان، وهناك من قال بالحرف :"إن هذا كان هو حلمه".

80 دورة تكوينية

واستنادا إلى بيان صحافي صادر بهذه المناسبة، فإن المعهد الوطني للتكوين في مجال حقوق الإنسان، أنشيء من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2015 وقد نظم منذ إحداثه أزيد من 80 دورة تكوينية لفائدة نحو 2000 مشارك (منهم مشاركون من العديد من المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا).

 

الراحل إدريس بنزكري، الثاني من اليمين، يوم كان أمينا عاما للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان

 

وهمت تلك التكوينات بشكل خاص المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وحقوق الطفل، وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، والنوع الاجتماعي، والهجرة، وملاحظة الانتخابات، والعدالة المناخية، والتمييز، والديمقراطية التشاركية، والمقاولة وحقوق الإنسان، والحق في محاكمة عادلة. 

وإلى جانب العمل مع الشركاء المغاربة (الوزارات، البرلمان، المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، الجمعيات، هيئات المحامين)،يضيف المصدر، جرى تنظيم العديد من الدورات التكوينية بفضل شراكات مع وكالات منظمة الأمم المتحدة (منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونسيف"، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو"، مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، المنظمة الدولية للهجرة )، مندوبية الاتحاد الأوروبي بالمغرب ومؤسسات ومنظمات غير حكومية دولية، ومع شركاء في إطار التعاون الثنائي.

مسار حافل

يعتبر بنزكري أحد المؤسسين للمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، وتولى رئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة، التي كان لها دور حاسم في طرح ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في الفترة المتراوحة مابين عامي 1956 و1999، والتي توج عملها بتقديم تقريرها الختامي للملك محمد السادس.

ومن أجل العمل على تتبع ومواكبة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، عينه الملك في يناير 2006 رئيسا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وهو المنصب الذي كرس له كل وقته، قبل وفاته في 20 مايو 2007، وتم دفن جثمانه في مسقط رأسه بقرية آيت واحي، في اقليم ( محافظات ) الخميسات في محفل جنائزي رهيب، حضرته كل أطياف المشهد السياسي والحقوقي في المملكة.