"عندما توفيت أول طفلة في بيتي - وكان عمرها سنة ونصف - كان للأمر تأثير كبير على نفسي، وكنت أبكي على مدار أيام"، هكذا روى محمد بزيك، ليبي حاضن للأطفال بالولايات المتحدة، أولى تجاربه في رعاية الأطفال ذوي الأمراض المزمنة والمستعصية.

يقيم بزيك في مدينة لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا الأمريكية. وانتقل إلى الولايات المتحدة عام 1978 لدراسة الهندسة الإلكترونية، ثم استقر وتزوج بالبلاد.

وبدأ بزيك نشاطه في حضانة الأطفال عام 1995، بمساعدة زوجته التي كانت حاضنة للأطفال قبل الزواج. وتخصص الزوجان في حضانة الأطفال ذوي الأمراض المزمنة والمستعصية، وهي مهمة "تتطلب جهدا على مدار 24 ساعة، من حيث العناية بالأطفال، والمتابعة مع الأطباء، وتقديم الأدوية،" على حد وصفه.

وكان بعض هؤلاء الأطفال من الأيتام، لكن آخرين منهم تخلت عنهم عائلاتهم لعدم استعدادهم لتحمل مشقة رعاية طفل مريض، حتى أن بعض الأسر كانت تترك الطفل في المستشفى بعد الولادة.

"الموت جزء من حياتنا"

وعلى مدار 22 عاما، قام بزيك على رعاية 80 طفلا؛ 40 منهم كانوا مصابين بأمراض مزمنة. وكانت حالات بعض هؤلاء الأطفال شديدة التأخر، لدرجة أن الأطباء كانوا يقولون إن الطفل "سيكون محظوظا لو عاش لعدة أسابيع أو أشهر".

لكن الكثير من هؤلاء الأطفال تماثل للشفاء، وبعضهم الآن متزوج، أو يرتاد الجامعة، أو تخرج فيها.

ولا تخلو حياة بزيك نفسه من المصاعب، ففي عام 2000 أصيبت زوجته وشريكته في حضانة الأطفال بمرض الصرع، وكان آنذاك حاضن لطفلين، فاضطر لترك عمله لرعاية الأسرة. كما أنه أب لطفلين؛ توفي أحدهما بسن السادسة، والآخر يبلغ من العمر عشرين عاما ويعاني من مرضي التقزم وهشاشة العظام.

وتوفيت الزوجة لاحقا في عام 2015، لكن بزيك لم يفكر مطلقا في التوقف عن حضانة الأطفال، فهي على حد قوله "عمل إنساني بدافع إنساني تماما، لتقديم العون لمن يحتاج إليه".

ويقول بزيك إن عشرة أطفال توفوا أثناء فترة حضانته لهم، "وعندما يموت الطفل، يتأثر الإنسان ويتألم ويحزن. لكنها إرادة الله، والموت جزء من حياتنا".

دعم لموقف المسلمين

وتخضع حضانة الأطفال لقواعد صارمة تفرضها سلطات ولاية كاليفورنيا، إذ تمنح ترخيص للأباء والأمهات الحاضنين، وتسجلهم في فصول لدراسة بعض المواد عن حضانة الأطفال، كما تضع حدا لعدد الأطفال المسموح بحضانتهم في فترة معينة.

وتتكفل الحكومة الأمريكية بالإنفاق على رعاية هؤلاء الأطفال، فيما يتعلق بنفقات رعايتهم والأدوية والمستشفيات والأطباء. وقد يكلف طفل واحد الدولة ما يصل إلى مليون دولار في السنة.

وظهرت قصة بزيك لأول مرة في وسائل الإعلام المحلية الأمريكية بعد يومين من توقيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لقرار حظر سفر مواطنين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة.

إلا أن بزيك يرى أن قصته كان لها أثر إيجابي فيما يتعلق بدعم الإسلام والمسلمين في هذا التوقيت. "وانتشرت قصتي عبر وسائل الإعلام في أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا، وأرى أنها أسهمت كثيرا في تغيير نظرة الأمريكيين، والغرب بشكل عام، للإسلام والمسلمين".

وبحسب تقرير نشرته وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية في سبتمبر/أيلول 2015، قدرت أعداد الأطفال المستحقين للرعاية في العام 2016 بـ 427,910، تتراوح أعمارهم بين أقل من عام واحد وعشرين عاما. وتبلغ نسبة الذكور منهم 52 في المئة، و48 في المئة من الإناث.